نمو غير معتاد للأعشاب الضارة في درعا.. يخلق فرص عمل، ويضغط على المزارعين


تسببت الأمطار الغزيرة، التي شهدتها محافظة درعا خلال الموسم الزراعي الحالي؛ بنمو كثيف للأعشاب الضارة المعروفة محلياً مثل "الهالوك" و"الحسك" و"الصنارية" و"الخب" و"السبيلة" و"أبو رويس" و"القرام" و"الضريسة" و"المرار" وغيرها، الأمر الذي تطلب من المزارعين القيام بحملات متلاحقة للتخلص من هذه الأعشاب؛ للحفاظ على المحاصيل الزراعية وسلامة نموها.

وأفاد المهندس الزراعي صلاح الدين المحمود، أن الأعشاب الضارة التي تنمو بين محاصيل القمح والشعير، والمزروعات البقولية، والأشجار المثمرة، من شأنها أن تعيق نمو هذه المحاصيل، وتؤثر سلباً على إنتاجيتها كماً ونوعاً كونها تنافسها على الاستفادة من المواد المفيدة في التربة، وتحجب عنها الضوء والهواء.

وأشار من جانب آخر، إلى أن بعض الأعشاب التي تعتبر ضارة للمحاصيل الزراعية، تعتبر في الوقت نفسه غذاء مفيداً للثروة الحيوانية، يمكن الاستفادة منها لهذه الغاية، إذا ما جمعت وتم تقديمها في العليقة الغذائية.
 
وأردف أن من أهم مضار الأعشاب الضارة الأخرى، أنها تزيد من تكاليف خدمة المحصول خلال فترة النمو والحصاد؛ وتتسبب باختلاط شوائب كبيرة بالمحصول خلال تسويقه، وبالتالي تخفض من قيمة المنتج السعرية ومن نسبة جودته.
 
ولفت إلى أن المزارعين، ومستثمري الأراضي الزراعية، عادة ما يتخلصون من هذه الأعشاب في أطوار نموها المختلفة، بعدة طرق. من هذه الطرق  العمل اليدوي، إما باستخدام أدوات زراعية خاصة متعارف عليها بين الفلاحين، مثل "المنكوش" و"المرجوب" و"الحاشوشة" أو من خلال الفلاحة على الجرارات الزراعية والعزاقات، أو من خلال استخدام مبيدات الأعشاب الضارة، وهذه الطريقة تعتبر أكبر تكلفة وأكثر ضرراً بالمحاصيل والبيئة.

وأضاف أن عمليات التخلص من الأعشاب الضارة، كانت تقوم بها الأسر الفلاحية بشكل اعتيادي، لكن كثافة نموها هذا الموسم، تطلبت الاستعانة بورشات عمل قوامها عشرات الشباب؛ لتنفيذ هذه المهمة.

ولفت إلى أن أجرة عامل "التعشيب" اليومية تتراوح ما بين 3000 و3500 ليرة سورية، فيما تصل أجرة حراثة الدونم على الجرارات أو العزاقات للتخلص من هذه الأعشاب إلى ما بين 2500 و3000 ليرة سورية.

وبيّن أن عدم توفر المحروقات بشكل دائم، وارتفاع أسعار البنزين والمازوت، إن وجدت (ما بين 900 و1000 ليرة سورية للتر) جعل الفلاحين يعتمدون على ورشات العمل اليدوي، في تنظيف أراضيهم الزراعية وأشجارهم المثمرة، الأمر الذي أسهم في تشغيل عشرات الشباب من أبناء المناطق الريفية.

ويشير "فواز"، 32 عاماً، وهو شرطي منشق، إلى أن الأعمال الزراعية كلها صعبة، وتحتاج إلى جهود وصبر، لافتاً إلى أنه يعمل في هذا المجال منذ خمسة أعوام تقريباً؛ بسبب حاجته الماسة لدخل يؤمن احتياجات أسرته الضرورية.

وأضاف أنه لم يتوقف عن العمل الزراعي، خلال شهر رمضان الحالي، لأنه إذا لم يعمل فلن يجد قوت يومه كما قال، موضحاً أن عمل ورشته يبدأ في ساعات ما بعد الإفطار، ويمتد إلى السحور تقريباً، وأحياناً يمتد إلى الصباح إذا كان الجو مناسباً.

وأضاف أن الأعمال الزراعية، هي الأكثر نشاطاً بين جميع الأعمال المدرة للدخل في محافظة درعا حالياً، وذلك في ظل توقف أو تراجع نشاط معظم مجالات العمل تقريباً.

وبيّن أنه يعمل في جميع الأعمال الزراعية الموسمية: من حصاد، وزراعة يدوية، وتعشيب، وتحميل وعتالة المحاصيل المختلفة، وأن أجرته تتراوح ما بين 3 آلاف و4 آلاف ليرة سورية يومياً.

وقال: "هناك ورشات عمل متعددة، تمارس الأعمال الزراعية الموسمية على نطاق واسع"، مبيناً أن كل ورشة تتكون من 5 إلى 10 أشخاص، غالباً ما تجمع بينهم علاقات صداقة أو قربى، حيث يعمل الجميع بتفاهم وانسجام.

من جهته أكد المهندس الزراعي سلامة المحمد، وهو مستثمر لبعض الأراضي الزراعية، أن الفلاح الحوراني لم يكن محظوظاً بما فيه الكفاية هذا الموسم رغم كمية الهطول المطري الكافية.

وقال: "إن الهطل المطري الغزير، وسقوط الأمطار في شهري آذار ونيسان بكميات كبيرة، إضافة إلى غياب موجات الصقيع في فترات محددة، كلها عوامل تسببت بنمو كثيف للأعشاب الضارة؛ وبظهور بعض الآفات الزراعية التي أضرت إلى حد ما بالمحاصيل الحقلية".

وأكد أن الأعشاب الضارة، والآفات الزراعية، رفعت من تكاليف الإنتاج لكن هذه الآفات وحسب المحمد، لم تصل إلى حدود العتبة الاقتصادية، وأضرارها ليست كبيرة.
 
وقال: "إن إصابة المحاصيل الحقلية بالآفات الزراعية، مثل (حفار الساق) ، و(فأر الحقل)، و(حشرة السونة), ستؤثر سلباً على جودة الإنتاج وكميته، لا بل وستجبر الفلاحين على دفع تكاليف إضافية لإنقاذ بعض محاصيلهم المصابة".

وأشار بهذا الصدد إلى أن اللجوء إلى استخدام المبيدات الحشرية، هو الخيار الوحيد المتاح أمام الفلاحين؛ للحفاظ على محاصيلهم، لافتاً إلى أن كلفة الرشة الواحدة بالمبيد الحشري، تكلف الفلاح ما بين 20 و25 ألف ليرة سورية.

وأضاف: "ليس هذا ما يقلق الفلاح الحوراني ويقض مضجعه هذا الموسم فحسب، بل تواتر المعلومات عن غزو وشيك لأسراب الجراد، زاد لديه (الطين بله) وجعله يخشى أن يضيع جهده (بين ليلة وضحاها)، إذا صدقت المعلومات المتناقلة".

ويقول "أبو محمود"، 55 عاماً، وهو فلاح تقليدي يملك نحو 100 دونم، "لن يبقى للفلاح الحوراني ما يسد رمقه ويساعده في الوقوف على قدميه ثانية؛ إذا ما خسر محصوله ونتاجه هذا العام لسبب أو لآخر".

وأضاف أن الفلاحين يعتمدون على الله، ومن ثم على إنتاج هذا الموسم؛ لتعويض الخسائر الكبيرة التي حلت بهم خلال الموسم الماضي؛ نتيجة ما تعرضوا له من أعمال تعفيش، وسرقة، ونهب، وتخريب طالت محاصيلهم وثروتهم الحيوانية، وأرزاقهم على أيدي الميليشيات التابعة للنظام.

وقال مازحاً: "إذا ما صحت قصة "(غزو الجراد) هذه، فإن الفلاح أصبح على يقين أنه يتعرض فعلاً لمؤامرة جديدة يشارك فيها هذه المرة النظام، الذي حدد سعر شراء كيلو القمح بـ 185 ليرة سورية، سيضيع نصفها بين تصنيف الجودة وزيادة كمية الشوائب، كما يشارك في المؤامرة كل من تجار الحبوب، والجراد، والآفات الزراعية التي لن (تبقي ولن تذر)".

ترك تعليق

التعليق