رمضان الشباب السوري في أوروبا.. هل هي مشكلة "غض بصر"؟


يشير الكثير من السوريين في أوروبا، وبالذات من الشباب، أن التحدي الأكبر الذي يواجههم في شهر رمضان المبارك، ليس الجوع أو العطش، نتيجة لساعات الصيام الطويلة، وإنما غض البصر عن مخلوقات الله الجميلة، التي تنتشر في الشوارع بكثرة هذه الأيام، بالتزامن مع بدء فصل الصيف وما يرافقه من عري في لباس الفتيات، قد يصل في أحياناً كثيرة، إلى ما قل ودل..
 
ويرى "خالد"، وهو شاب حمصي عمره 22 عاماً، ويقيم في فرنسا منذ نحو عامين، أن قلة من الشباب السوريين الذين وصلوا إلى فرنسا، يصومون، بحجة أنهم لا يستطيعون أن يغضوا من أبصارهم، وتارة أخرى يتذرعون بطول ساعات الصيام، لكنه أكد أنه منذ بدء شهر رمضان المبارك، لم يفطر يوماً واحداً، على الرغم من أنه يعيش لوحده بعيداً عن أسرته التي لاتزال في سوريا، مشيراً إلى أنه لا يتصور أن هناك أسباباً قد تدفع المسلم إلى عدم الصيام ما دام قادراً عليه، سواء كان شاباً أو غير ذلك.

بدوره ، يقول "محمد" المقيم في فرنسا كذلك مع أسرته، وعمره 20 عاماً، أنه لم يشعر بأجواء رمضان منذ جاؤوا إلى فرنسا قبل نحو ثلاث سنوات، لذلك لا يشعر بالإثم العظيم فيما لو أفطر في رمضان، بعكس ما كان عليه الوضع في سوريا، عندما كان يشعر المفطر، أنه منبوذ بين أهله والناس جميعاً.

وأضاف محمد، أن الصراع مع شهر الصيام، يعود لهذه الأسباب، وليس لموضوع غض البصر من عدمه، لأن العري الموجود في الشارع يعتاد عليه الشاب بعد وصوله بفترة قصيرة إلى أوروبا، ولا يعود يشكل بالنسبة له، مأزقاً مع قضية الصيام.

ويختم محمد بالقول: "اللي بدو يصوم ما في شي بيمنعو".

أما "علاء"، والمقيم في فرنسا أيضاً، ويبلغ من العمر 27 عاماً، فيستشهد بمنشور لشاب سوري في ألمانيا، كتبه على إحدى صفحات السوريين في أوروبا، ويشكو فيه من أنه لا يستطيع أن يغض من بصره في الشارع، بل أصبح مع بداية شهر رمضان، يتمعن أكثر. ويرى علاء، أن هذه النوعية من الشباب هم بالأساس كانوا في سوريا لا يصومون، ولا يقيمون وزناً للطقوس الدينية، لكنهم يكتبون مثل هذا الكلام في أوروبا، أو يدعون مثل هذه الادعاءات، من باب إثارة انتباه الآخرين من أصدقائهم الذين لازالوا في سوريا أو في الدول المجاورة، بأن الفتيات في أوروبا يمشين عاريات في الشارع، لافتاً إلى أن هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، دون أن ينفي أن هناك مشاهد عري في الشارع، لكنه أكد بأن ذلك ليس مشكلة تحول دون أن يصوم الشاب.

وفي السياق ذاته، يقول الشيخ عبد القادر بن عمارة، وهو جزائري وإمام مسجد في فرنسا، أنه لأول مرة يسمع بأن أحداً لا يستطيع الصيام في أوروبا، لأنه غير قادر على الغض من بصره أو أنه يواجه مشكلة في هذا الأمر.

وبين بن عمارة، بأن التحدي الأكبر من وجهة نظره هي عدد ساعات الصيام الطويلة، أو عدم توفر الطقوس الرمضانية في أوروبا، مشيراً إلى أن ذلك يخضع للأسرة التي يجب أن تربي أبناءها على القيم الإلزامية الموجودة في الإسلام، والتي لا يجب، حسب قوله، التفريط بها، مهما كانت الأسباب.

ويضيف بن عمارة، أن الشباب العربي عموماً في أوروبا، وليس السوري فحسب، يواجه هنا صعوبات كثيرة في المجتمع ناتجة عن اختلاف القيم والثقافة، والبعض الآخر من الشباب، يعتقد بأنه من خلال عدم التزامه بطقوسه الدينية، فإن ذلك يزيد من تقربه من الأوروبيين ويساعد على اندماجه بمجتمعاتهم.

وأكد بن عمارة، أنه يعيش في فرنسا منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وله علاقات واسعة مع فرنسيين، واكتشف أنهم يحترمون كثيراً من يلتزم بعاداته وطقوسه الدينية، بل على العكس يثقون به أكثر من أولئك الذين يقولون بأنهم ملحدون، ولا يؤمنون بالأديان.

ووجه بن عمارة نصيحة للشباب السوري، باعتباره حديث التعامل مع المجتمعات الأوروبية، بأن يحافظوا على هويتهم الدينية وأن يعتزوا بها، لأنهم مهما فعلوا لن يصبحوا أوروبيين، وأضاف أنهم سوف يجدون أنفسهم لاحقاً، غرباء حتى عن أنفسهم، مثلما حدث مع الجزائريين، الذين بالغوا كثيراً في تقربهم من الأوروبيين، لدرجة نسوا لغتهم العربية، وتبين لهم فيما بعد، بأن الهوية الثقافية والدينية، لا تُقدر بثمن.

ترك تعليق

التعليق