لماذا تتراجع الليرة في رمضان؟


بخلاف المُعتاد، يتراجع سعر صرف الليرة السورية، بشكل تدريجي ومستمر، منذ خمسة أيام، مقابل الدولار، وعملات أخرى.

واعتادت أسواق العملة في مواسم رمضان، بالسنوات السابقة، أن تكون هادئة، وتعاملاتها ضعيفة، مع تحسنٍ بسعر صرف الليرة، يزداد كلما اقترب موعد عيد الفطر.

لكن في موسم رمضان الحالي، حصل العكس. ويرجع مراقبون ذلك إلى شح غير مسبوق في الحوالات.

وعادةً ما تزداد في مواسم رمضان والأعياد، الحوالات المرسلة من جانب المغتربين خارج البلاد، إلى ذويهم في الداخل، والتي تؤدي إلى ضخ عملة صعبة في الأسواق، وطلب على الليرة، فينعكس إيجاباً على سعر صرف العملة المحلية.

وفي بداية شهر رمضان الحالي، أشارت مصادر مطلعة إلى شح مفاجئ في الحوالات. وقالت منصة متخصصة في رصد أسعار العملات بالسوق المحلية، إن مكاتب وشركات الحوالات والصرافة فارغة. وكانت هذه المكاتب تعاني من ازدحام كبير في مواسم رمضان السابقة.

واليوم الأحد، أشارت منصة "سيرياستوكس"، مجدداً، إلى الشح غير المسبوق في الحوالات. وقالت المنصة، إن أحد أسباب الارتفاع الحاصل في سعر صرف الدولار، على حساب الليرة السورية، هو أن الكثير من المضاربين قاموا بالبيع أول أيام شهر رمضان، أملاً بالحوالات، لكنهم الآن مضطرون للشراء من السوق السوداء لـ "تسكير مراكزهم".

وأشارت المنصة إلى أن هناك طلباً من التجار على الدولار في السوق السوداء، لترميم ما ينقصهم من العملة الصعبة.

وفُوجئ المتاجرون بالعملة، بشح الحوالات، وعدم حصول طلب على الليرة، مما أعاد موجة ارتفاع الدولار إلى المستوى الذي كانت عليه قبل شهر من الآن.

ويجمع معظم المراقبين والمعنيين بأن السبب الرئيس لشح الحوالات القادمة عبر مكاتب وشركات الصرافة المُرخصة، هو الفارق الكبير بين السعر الرسمي لـ "دولار الحوالات"، المحدد من قبل مصرف سورية المركزي، بقيمة 434 ليرة، وبين سعر الدولار في السوق السوداء، والذي يتجاوز اليوم حاجز الـ 580 ليرة، أي بفارق أكثر من 146 ليرة، في كل دولار واحد. أي أن من يحوّل 100 دولار لقريبه في الداخل، ويرسله إليه عبر القنوات "الرسمية"، يخسر 14600 ليرة، كحد أدنى.

ومعظم السوريين في الداخل يتلقون حوالات أقاربهم المغتربين عبر قنوات غير رسمية، "تجار، وسماسرة تحويل غير مرخصين"، لتجنب خسارة جزء كبير من المبالغ المحولة لهم، في حال استلامها عبر مكاتب الحوالات المرخصة.

كانت الزميلة "زمان الوصل" قد نشرت قبل أسابيع تقريراً يستند إلى مصادر متقاطعة، قالت إن المركزي اللبناني، وبطلب أمريكي، بدأ بالامتناع عن تمرير الحوالات المالية إلى سوريا بالقطع الأجنبي، وخصوصاً الدولار، مما حرم نظام الأسد من حوالي 90 مليون دولار شهرياً، كانت تصله عبر لبنان.

ويُسلّم النظام عبر مصرفه المركزي، الحوالات الآتية للسوريين من الخارج، بالليرة السورية، وبسعر صرف محدد من جانبه، يقل كثيراً عن سعر السوق السوداء، ويسلبهم دولاراتهم، ليحولها إلى خزينته.

وسبق أن أقرّ حاكم المركزي الأسبق، أديب ميالة، بأن حوالات المغتربين إحدى روافد الخزينة، الرئيسية.

وتذهب تقديرات إلى أن إيرادات المركزي من الحوالات سنوياً، قد تتجاوز المليار دولار. وكانت طوال السنوات الثمان الماضية، إحدى عوامل دعم الليرة، ومنع تدهورها بشكل دراماتيكي.

لذلك إن صحت المعلومات التي نشرتها "زمان الوصل" قبل أسابيع، فهذا يعني ضربة قاسية للغاية، لخزينة النظام، ولليرة السورية.

ويبدو أن المعلومات الأولية في الداخل السوري، تدعم صحة هذه المعلومات.

وتطرح الأنباء عن شح الحوالات، بخلاف مواسم رمضان الفائتة، أسئلة عن مصير الليرة السورية، بعد موسم رمضان، الذي تهدأ فيه تعاملات أسواق العملة، عادةً. فإن لم تكن هناك دفقات قوية من الحوالات حتى نهاية الشهر، فهذا يعني أن الليرة على موعد مع تدهور جديد، على الأغلب. ناهيك عن أن ذلك يعني، تجفيف واحد من أبرز مصادر تمويل خزينة النظام.




ترك تعليق

التعليق