من عيدٍ إلى آخر.. مستهلكي جلّق، بين مُطلّقٍ ومُعلّق


على أثير بهجة العيد الناقصة منذ سنوات، ووسط ضجيج الأسواق الشعبية ذات البضائع الوطنية المحلية والأضواء الرومنسية في الأسواق الراقية ذات البضائع الأجنبية المستوردة، تتفاقم هواجس قاطني العاصمة دمشق، وتتمايل مفاضلاتهم في الشراء بين متجرٍ وآخر وفقاً لتسعيرة المنتج المُعلنة، ونتيجة المفاوضات بين المستهلك والبائع.

للناس حقٌ في امتلاك فسحة مؤقتة من الحياة، لا سيما ونصفهم خارج أسوار الوطن، ونصف النصف يتظللون قماش الخيام، ومنهم من يحتضن أغصان الزيتون الحنون بالقرب من بلداتهم المعرضة للقصف الهستيري من طائرات الاحتلال الروسي ومدفعية إيران الإرهابية وبراميل نظام الأسد المتفجرة، وغيرهم من القابعين خلف القضبان في زنازين الفروع الأمنية، والمغيبين قسرياً.

آلامٌ مضاعفة ومعاناةٌ لا متناهية تُعكّر الأجواء، يُضافُ إليها تباينٌ كبيرٌ في أسعار مستهلكات العيد الأساسية كالـ "الألبسة والحلويات والموالح"، يدخل خلالها المستهلك كما في كُلّ عيد، دوامة التفكير، مُستخدماً حاسبة جواله في عملية جمع وطرح الأسعار، متأملاً أن تكفيه رواتب ثلاثة شهور لتغطية أعباء أيام العيد القليلة.

"أم نها" تقطن في حي الزاهرة، متزوجة ولديها أربعة أطفال، تعمل وزوجها في مؤسسة "رسمية"، كلّ منهما يتقاضى راتباً شهرياً بحدود 40 ألف ليرة سورية فقط، أي ما يعادل 80 دولار أمريكي.

لم تُغريها الإعلانات الكثيفة للأسواق الراقية في ساحة الحريقة وشوارع الشعلان والحمرا والجسر الأبيض، إنّما تبعت أصوات البائعين في الأسواق الشعبية بمنطقة الشيخ سعد بالمزة وباب الجابية والحميدية والمجتهد، إذ أنّ فارق الأسعار بين والأولى والأخيرة يبلغ منحاً جنونياً لا يطيقه أرباب الأسر ما دون الخط المتوسط، بحسب ما قالت لـ "اقتصاد".

وأضافت أنّ الأسعار في الأسواق الشعبية تزداد التهاباً، حيث ارتفعت عن مواسم أعياد العام السابق بحوالي 20 إلى 30%، ولا يمكن لعائلة لديها مُنتج واحد أن تشتري أبسط مستلزمات طقوس العيد، وهي نجحت بذلك من خلال مدخرات أطفالها التي بدؤوا بجمعها منذ انتهاء عيد الأضحى في العام الماضي.

وتابعت، أنّ أغلب العائلات تقوم بصناعة حلويات العيد لا سيما المعمول في المنزل لتوفير أكثر من نصف ثمنها مقارنة بالأسواق.

"أبو جواد" صاحب متجر ألبسة في سوق الحميدية أشار لـ "اقتصاد" أنّ الناس في السوق عابرون لا أكثر، فبالرغم من الازدحام الكبير مساءً إلّا أنّ عمليات البيع ضئيلة جداً مُقارنةً بالسنوات الماضية وسنوات ما قبل الحرب، ومظاهر الامتعاض بسبب ارتفاع الأسعار واضحة جداً.

وأردف، أنّ متاجر الألبسة الوطنية المستعملة باتت بديلاً مهماً للسوريين، حيث تلقى إقبالاً كثيفاً بسبب تدني سعرها عن الألبسة الجديدة بنسبة لا تقل عن 40%، مؤكداً أنّ أهم أسباب ارتفاع الأسعار، انعدام المواد الخام والانقطاع المتكرر للطاقة الكهربائية وارتفاع أسعار المحروقات ومواصلة ارتفاع سعر الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية، الأمر الذي فرض ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة لا تقل عن 30% مقارنة بأسعار العام الماضي.

فيما يلي الحد الأدنى من الأسعار التي رصدها "اقتصاد" في الأسواق الشعبية

الألبسة

كنزة قطن ولادي 3000 ليرة سورية - بنطلون ولادي 4000 ليرة - بيجاما ولادي 14000 - بوط ولادي 4000 - صندل ولادي 4000 - فستان بناتي 16000 - حذاء بناتي 4000 - بنطلون جينز نسائي 6000 - حقيبة نسائية 4000 - مانطو نسائي 22000 - حذاء نسائي 9000 - كنزة رجالي 7000 - قميص رجالي 7500 - بنطلون جينز رجالي 8000 ليرة - حذاء رجالي 9000 - بوط رياضة رجالي 9000.

الحلويات "سمن نباتي"

معمول بعجوة، شوكولا، البيتيفور، البرازق، الغريبة 3000 - عش البلبل، بلورية، كول وشكور، مبرومة 8000 - مشكل دايت 14000 - النوغا 2500 - فواكه مجففة 4000 -سكاكر 1500.

وتتضاعف الأسعار في الأسواق الراقية الواردة أعلاه بنسبة 100% تقريباً، فيما ترتفع إلى 300% في المولات والمنشآت السياحية، ويبلغ سعر الدولار الأمريكي في دمشق 575 ليرة بعد أن كان في العام السابق مستقراً بنحو 460 ليرة سورية.

تجثم المعاناة على قلوب الناس، وتعيش الأكثرية المطلقة الحالة الشحيحة، حتّى بات أكبر هدف يُفكر فيه رب الأسرة شراء لعبة صغيرة يرسم من خلالها البسمة على وجوه أطفاله، فأصبحت طقوس العيد معلّقة حتى إشعارٍ آخر.

ترك تعليق

التعليق