اقتصاديات.. توقعات أبو غزالة للعام 2020


بعد أن قرأت توقعات رجل الأعمال والأكاديمي الفلسطيني، طلال أبو غزالة، للعام 2020، والتي كتبها في مقال نشرته أكثر من صحيفة وموقع عربي، تسنى لي أن أسمع هذه التوقعات من فمه، في لقاء على قناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية، وذلك خلال مشاركته في مؤتمر بمنتدى بطرسبورغ الاقتصادي..

التوقعات لمن لم يتسنى له قراءتها أو سماعها، يقول فيها أبو غزالة إن أمريكا سوف تتعرض لأزمة مالية اقتصادية خانقة في العام القادم، سوف تتحول إلى مواجهة بينها وبين دول العالم الكبرى، وبالذات الصين، حيث توقع أن تندلع بعدها حرب عالمية ثالثة، قد تستمر لعدة سنوات، إلى أن يجلس العملاقان، الأمريكي والصيني على طاولة المفاوضات، ويتقاسمان الاقتصاد العالمي.

أما في لقائه على قناة روسيا اليوم، فقد أضاف أبو غزالة على هذه التوقعات، وبما يتناسب ربما مع وجهة نظر دولة القناة التلفزيونية، بأن أمريكا في العام 2030 لن تكون الاقتصاد رقم واحد في العالم، وإنما رقم 3، وذلك بعد الصين والهند.. كما أعطى لروسيا الاتحادية موقعاً متقدماً على صعيد توقعاته، إذ أنها ستكون خلف هؤلاء العمالقة الثلاثة، وفي كل شيء، اقتصادياً، وعسكرياً وسياسياً.

طبعاً، بالنسبة لأبو غزالة، لمن لا يعرفه، فهو يملك أكبر شركة على مستوى العالم، فيما يخص حماية حقوق الملكية الفكرية، كما يملك عدة شركات عالمية أخرى، للاستشارات الفنية والإدارية، وجميعها رائدة في مجال اختصاصها.. وأبو غزالة من جهة ثانية من أهم الخبراء الدوليين في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، حيث تستعين به كثيراً، الأمم المتحدة والدول الكبرى، في حال المنازعات فيما بينها، عندما تتهم دولة، دولة أخرى بسرقة صناعة أحد منتجاتها.. وله اجتهادات مهمة في هذا المجال، تم الأخذ بها في القانون الدولي.

أما على مستوى مناقشة توقعاته، ومدى دقتها واستشرافها للمستقبل، فإن القول بانهيار الاقتصاد الأمريكي أو الدولار الأمريكي في العام 2030، أمر لا يوافقه عليه أحد، حتى الصين التي يدافع عنها، ويتوقع لها أن تحتل الصدارة بدل أمريكا.
 
فأكثر التوقعات تفاؤلاً بانهيار الاقتصاد الأمريكي، أو نزوله للمرتبة الثانية عالمياً، تقول بأن ذلك لن يكون قبل العام 2050 على أقل تقدير.. أو بلغة أخرى، مادام النفط محافظاً على غزارته من دول الإنتاج الرئيسية، ومادام مسعراً بالدولار..
 
بالإضافة إلى أن أمريكا تسيطر على الاقتصاد العالمي اليوم، ليس عبر تسعير السلع الأساسية بالدولار فقط، وهو ما يجعل جميع دول العالم تتقاتل للحفاظ على سعر صرفه، وإنما لأنه من جهة ثانية، هو عملة الحوالات والتحويلات المالية عبر العالم، التي لا يمكن أن تتم إلا بالدولار، حتى الدول الأوروبية التي حاولت بنوكها التمرد على هذا الأمر، لم تستطع، وواجهت على الفور العصا الأمريكية الطويلة.
 
وهي سياسة نقدية ليس من السهولة تغييرها أو الانقلاب عليها، سيما وأن الاحتياطيات النقدية في جميع دول العالم بما فيها الصين وروسيا والهند واليابان، لايزال الدولار هو السيد المسيطر عليها، كما أنه هو العملة المعيار لتقييم مدى قوة اقتصادها.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يتوقع أبو غزالة مثل هذه الأشياء التي لا يوافقه عليها أحد، والتي لم يقل بها أحد من قبل، وبالذات الخبراء الاقتصاديين العالميين..؟ هل هذا يعني أنه يفهم أكثر منهم..؟
 
على المستوى الشخصي، بحثت كثيراً في هذا الأمر، ووجدت التالي: أن طلال أبو غزالة، وقّع قبل نحو السنتين، عقوداً كبرى مع مؤسسات وشركات صينية وهندية وروسية.. ويكاد أن يكون قد وضع كل ثقله المادي والمعرفي في تلك الشراكات الجديدة، إلا أنه فوجئ مؤخراً بالحرب الأمريكية الكبيرة على الاقتصاد الصيني، وهو ما يعني خسارته لكل شيء، في حال نجحت الضغوط الأمريكية..
 
لذلك، والله أعلم، فإن أبو غزالة، حاول في هذا المجال أن يستخدم ما له من مكانة اقتصادية وعلمية على مستوى العالم، لكي يدعم مشاريعه وشراكاته الجديدة مع تلك البلدان، ويحاول التأثير بشكل معاكس على الاقتصاد والعملة الأمريكية.. بصراحة لم نجد سوى هذا التفسير.. أما القول بانهيار الاقتصاد الأمريكي قريباً.. فهو، كما أسلفنا، هراء، لن يوافقه عليه أحد.. بما في ذلك بثينة شعبان، مستشارة بشار الأسد، التي يحتفظ معها بعلاقة صداقة وود، لا تزال مستمرة حتى اليوم.


ترك تعليق

التعليق