"السوريين منورين مصر".. هكذا ردّ المصريون على بلاغ "سمير صبري"


في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط على السوريين في البلدان التي لجأوا إليها لإجبارهم على العودة إلى حضن الأسد، وبخاصة في لبنان، حيث تزداد حدة الضغوط، وعنصريتها، يوماً بعد يوم بخطاب يتصدره وزير خارجيتها جبران باسيل، كان للمصريين رأي مختلف دافع عن السوريين وعن تواجدهم بمصر.

وفي الأيام القليلة الماضية، تصدر وسائل التواصل الاجتماعي وبخاصة على موقع تويتر، هاشتاغ #السوريين_منورين_مصر، والذي أطلقه بشكل عفوي مواطنون مصريون من كافة الشرائح الثقافية والاجتماعية، شارك به فنانون، أطباء، مهندسون، محامون، وأِشخاص بسطاء من توجهات مختلفة.

بداية الحملة

جاءت هذه الحملة العفوية رداً على بلاغ قدمه المحامي المصري سمير صبري للنائب العام المصري طالب به بمراقبة ومتابعة استثمارات السوريين في مصر، متسائلاً عن مصدر أموالهم، وهل نشاطاتهم مقوننة أم أنها لا تخضع لإطار قانوني ينظمها.

 وسبق البلاغ حملة من بعض الشخصيات والحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي طالب فيها مطلقوها بعودة السوريين الى بلدهم، وأن الحرب في سوريا انتهت وعلى السوريين العودة إليها بعد أن قدمت لهم مصر "واجب" الضيافة، بالسنوات السابقة.

كانت هذه أهم الأسباب التي دفعت المصريين لإطلاق الهاشتاغ الأخير. وشهدت منصات التواصل الاجتماعي آلاف المنشورات التي ترحب بالسوريين في مصر، وتمتدح وجودهم ونجاحهم، وترحب ببقائهم.

 وفي معظم البلدان، يجد السوريون أنفسهم مضطرون للدفاع عن أنفسهم والرد على مثل هذه الحملات، إلا في مصر، فهناك المصريون هم من يرد على هذا الخطاب ويتصدون لمثل هذه الحملات.

آراء سوريين ومصريين بهذه الحملة

لمعرفة آراء السوريين والمصريين بهذه الحملة، حاور "اقتصاد" مجموعة منهم للوقوف على أسبابها والنتائج المتوقعة منها. وقد التقينا بالمحامي المصري عصام حامد، والذي حدثنا قائلاً: "على مدار السنوات الثمانية السابقة، لم نشعر كمصريين أن السوري غريب أو لاجئ، ونرفض إطلاق هذه التسمية عليهم في مصر، وإنما تجمعنا علاقة أخوة، فهم في بلدهم الثاني، وواجبنا استضافتهم والوقوف معهم في محنتهم كضيوف، وأصحاب بيت، طالما هم راغبون في البقاء في بلدنا، ولهم ما لنا، وعليهم ما علينا".

ويكمل حامد: "ما يميز الوجود السوري في مصر النجاح الذي حققوه في مختلف المجالات التجارية والصناعية والدراسية يرافقها الأمانة، الإخلاص في العمل، المهنية، المصداقية، والتي شكلت مع تقبل المجتمع المصري لهم، أرضية خصبة لعملهم ونجاحهم".

ويختم حامد: "لا أتوقع أية نتائج سلبية على السوريين في مصر على أي صعيد كان، بعد البلاغ الأخير المقدم من المحامي سمير صبري. ولا يوجد أي سبب يدعوهم للقلق حيال ذلك".

كذلك التقينا الدكتور ملهم الخن، رئيس مجلس أمناء مؤسسة "سورية الغد"، وقد حدثنا عن رأيه بالقول: "فيما يتعلق بالبلاغ الأخير من المحامي وما سبقه من حملات استهدفت الوجود السوري في مصر، فهي ليست الأولى، وسبقها حملات كانت أقسى من هذه بكثير، ووجهت اتهامات سياسية واضحة للسوريين، ولكن معظم هذه الحملات والاتهامات لم تنعكس سلباً على السوريين إنما آثارها تنعكس ايجابياً عليهم، وباعتقادي الشخصي أن السبب هو الاحتضان الشعبي لهم إضافة للتآلف والتقارب بين الشعبين، والعلاقة الوطيدة بينهم من علاقات اجتماعية، اقتصادية، دراسية، شخصية، وحالات الزواج المتبادلة بينهم، جعلت من المستحيل أن تؤثر مثل هذه الحملات على العلاقة بين الشعبين".

ويكمل الدكتور ملهم: "الأمر ذاته ينطبق على التعامل الحكومي الإيجابي المنفتح على السوريين، والمتمثل بمنح تسهيلات للمستثمرين الأجانب عموماً ومنهم السوريون، وتشجيعهم على الاستثمار في مصر عبر حزمة قوانين صدرت بالسنوات الأخيرة وعليه أعتقد أن مثل هذه الحملات لا تعكس وجهة النظر الحكومية بالمطلق والتي يهمها منح ثقة وأمان للمستثمرين المقيمين على أراضيها، وبالتالي هذه الحملات قد تضر بالاقتصاد المصري في حال استمرارها، بما يؤدي إلى مغادرة هؤلاء المستثمرين لمصر، ووقف استثماراتهم ونقلها لدول أخرى، والتصريحات والتقارير الحكومية المصرية وبخاصة هيئة الاستثمار جميعها ترحب وتثمن الاستثمارات السورية والتي يحتفي بها الاعلام المصري بشكل دائم".

ويختم الخن بالقول: "هذه الحملات التي استهدفت السوريين لا تعكس لا رأي الحكومة المصرية ولا الشعب المصري، وإنما هي آراء شخصية فقط لشخصيات تحمل رأيا ًسلبياً تجاه نجاح السوريين في مصر، سواء كانوا متضررين من هذه النجاحات بشكل مباشر أو غير مباشر، وأعتقد أن الحملة المضادة التي رحبت بوجود السوريين واحتفت بهم هي أكبر رد على الحملات السلبية ومروجيها".

كذلك التقى "اقتصاد" بالسيدة ميساء الشماع، مؤسس ومدير فريق شام التطوعي في مصر، وقد حدثتنا عن ردة فعل السوريين في مصر على مساندة الشعب المصري لهم بالقول: "طيبة وكرم وأصالة الشعب المصري هي سر محبتهم للسوريين ودفاعهم عنهم ولا نملك إلا أن نقول شكراً للشعب المصري فهذه الحملة كانت بلسماً لجراح السوريين وتركت لديهم شعوراً بالأمان والطمأنينة والارتياح على أمل أن تتحسن ظروف وطننا ويزول سبب هجرتهم وتركهم لبيوتهم ليعودوا إلى أوطانهم وبيوتهم آمنين وعندها ستكون قلوبنا قبل بيوتنا مفتوحة لأخوتنا المصريين ولكل عربي وإنسان شريف وقف معنا في محنتنا. والسوريون في مصر محظوظون باختيارهم لمصر للإقامة والعيش في بلد يحترمهم ويقدر نجاحهم وعملهم ويحتضنهم، فجميعنا نرى معاناة السوريين في دول الجوار السوري وما يتعرضون له من مضايقات وعنصرية".

ترك تعليق

التعليق