سندويش "عالريحة".. ظاهرة تنتشر في دمشق


في أول أيام العيد وأمام إحدى المطاعم الشعبية، يقف الطفل "محمد" ذو العشرة أعوام حاملاً بيده 100 ليرة سورية حصل عليها كـ "عيدية" من أحد أقاربه، مُنتظراً دوره لشراء سندويشة فلافل.

عكّرت الأسعار الجديدة في أسواق العاصمة ضحكات الأطفال والعائلات الفرحين بأجواء العيد، إذ أنّه وبعد انقطاع شهرٍ كاملٍ عن شراء وتناول السندويش بأنواعه تفاجئ القاطنون الخارجون من شهر رمضان بأسعار جديدة لا يُمكن تحملها.

قبل شهر رمضان الأخير كان سعر سندويشة الفلافل ذات "أربعة أقراص صغار" بين 150 و200 ليرة سورية، وسندويشة الشاورما العادية "غير المدعومة" بـ 700 ليرة، و"الهمبرغر، شيش طاووق، اسكالوب، كريسبي، سودة جاج، فاهيتا" بـ700 ليرة، والبطاطا المقلية بـ 350 ليرة يضاف إليها 100 ليرة في حال كانت من السمون لا من الخبز العادي، وفقاً لما قاله لـ "اقتصاد" الحاج "أبو جميل" من قاطني حي دف الشوك بدمشق.

وأكّد أبو جميل أنّ نسبة ارتفاع أسعار السندويش بلغت بين 30 و 40% في أقل تقدير عمّا كانت عليه قبل شهر رمضان الأخير، وبلغت حالياً سندويشة الشاورما 1000 ليرة سورية، والفلافل 400 والبطاطا المقلية 500 ويقيس على ذلك كافة أنواع السندويش.

عوامل عديدة تقف خلف ارتفاع أسعار السندويش أهمها انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الصعبة، وارتفاع أسعار المحروقات وفقدانها لا سيما الغاز منها، وارتفاع التكاليف الأساسية لمكونات السندويش بحسب ما قاله "أبو ناجي"، صاحب مطعم فلافل شعبي في سوق باب سريجة وسط دمشق.

وأردف محدثنا أنّ قاطني العاصمة يعيشون صدمةً شديدةً جراء الأسعار الأخيرة كونهم انقطعوا عن شراء السندويش في شهر رمضان، ليفاجئوا صباح أول أيام العيد بالأسعار الجديدة التي اتفق عليها التجّار ضمنياً مُتخذين الذرائع المذكورة.

حلّ عيد الفطر هذا العام دون إشاعات أو إيحاءات بزيادة في الرواتب الشهرية أو المعاشات، ولا حتّى صرف منحة بسيطة لموظفي القطاع العام على غرار الأعوام ما قبل 2013 حيث نُسيت بعد ذلك نهائياً.

وكان المكتب التنفيذي في محافظة دمشق قد أصدر مطلع العام 2017 نشرة تفصيلية لأسعار المأكولات الشعبية من ضمنها السندويش، وحدّدت النشرة حينها سعر سندويشة الشاورما بـ 450 ليرة والهمبرغر بـ 400 ليرة والبطاطا بـ 250 ليرة سورية.

كما تغيب دائرة حماية المستهلك عن المشهد كلّياً باستثناء بعض الإعلانات المتفاوتة بإغلاق محلّات ومتاجر بسبب مخالفات في الأسعار والمواصفات، لكنها عاجزةً تماماً عن كبح الحالة بنسبة 10%.

وفي منتصف العام 2018 انتشرت في كافة أسواق العاصمة ظاهرة ترويج سندويشة "عالريحة" مُكوّنة من رغيف خبز ومايونيز ومخلل بسعر بين 100 و 150 ليرة سورية في الأسواق الشعبية، وبين 200 و 300 ليرة في الأسواق الراقية، وفرضت هذه الظاهرة نفسها وأصبحت جزءاً أساسياً في قاموس المأكولات الشعبية لدى أصحاب الدخل المحدود الذين يتخوفون أن يُصبح السندويش الشعبي حلماً لا سيما وإن قرر أحدهم شراء سندويشة كل يوم فإنّه يحتاج لراتب شهر كامل.

ويبلغ السعر الرسمي لاسطوانة الغاز 3000 ليرة وتباع في السوق السوداء بين 6000 و 8000 ليرة، وسعر كيلو لحم البقر 3500، وكيلو الحمص 650، وكيلو صدر الفروج 1900، وليتر الزيت "دوار الشمس" 750، فيما يبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 598 ليرة سورية.

وبالعودة إلى الطفل "محمد" الذي انتظر دوره لساعة مُعتقداً أنّ الزبائن تملأ المكان، فقد قرر أخيراً شراء قطعة بسكويت بنصيحةٍ من بائع السندويش.

ويضيق الخيار أمام المدنيين الباحثين عن أرخص أسعار وجبات الطعام، إذ أنّ الدخل المادّي ما زال ثابتاً منذ أعوام والأسعار في ارتفاعٍ مضاعفٍ ومستمر.

ترك تعليق

التعليق