بدل الاسمنت خيمة.. كيف انعكس قرار السلطات اللبنانية على اللاجئين في عرسال؟


بحجة إزالة المخالفات، أقدمت السلطات اللبنانية، قبل أيام، على هدم عدد من الكتل الإسمنتية وإزالة أسقف التوتياء للغرف التي تؤوي لاجئين سوريين في تجمع المخيمات داخل بلدة "عرسال".

وطالت عملية الهدم على يد الجيش اللبناني، بحسب "بلدية عرسال"، نحو 80% من الغرف الإسمنتية المطلوب إزالتها.
 
وأمهلت السلطات اللبنانية اللاجئين السوريين حتى بداية شهر تموز القادم، لهدم الكتل الإسمنتية والبالغ عددها أكثر من 1400 غرفة اسمنتية، واستبدالها بخيام أو بشوادر قماشية مع عدد من "الأعمدة الخشبية"، يتم منحهم إياها من قبل منظمات تتبع للأمم المتحدة، وفق ما نقلت مصادر إعلامية عن رئيس بلدية عرسال "باسل الحجيري".

وذكرت مصادر من داخل مخيمات "عرسال" أن كثيراً من العائلات اضطرت للمبيت في العراء بسبب هذا الإجراء نظراً لعدم تسليمها "الشوادر والخشب" لتشييد الخيمة اللازمة للإيواء، قبل أن تمدد مهلة الهدم حتى مطلع الشهر المقبل.

ويبلغ عدد المخيمات في بلدة عرسال نحو 100 مخيم، تؤوي ما يقارب من 60 ألف لاجئ سوري، يعانون من ظروف انسانية ومعيشية صعبة، في ظل غياب المنظمات الاغاثية الداعمة لهم.

وأثار قرار الهدم، ردود فعل غاضبة من قبل منظمات دولية حقوقية من بينها "سايف ذي شيلدرن" و"وورلد فيجن"، والتي دعت السلطات اللبنانية إلى وقف تنفيذ القرارات المتعلقة بهدم المساكن التابعة للاجئين السوريين في عرسال، محذرة من أن ذلك يهدد 15 ألف طفل بالبقاء من دون مأوى، معتبرة أن فقدان الأطفال لمسكنهم سيكون صادماً جداً بالنسبة لهم.

وكان "المجلس الأعلى للدفاع اللبناني"، أصدر في نيسان، قراراً بهدم مساكن بناها لاجئون سوريون في المخيمات العشوائية باستثناء تلك المصنوعة من الأخشاب والشوادر البلاستيكية، وفق ما نقلت مصادر إعلامية.


"تيسير القصيراوي" الناشط الإعلامي قال لـ "اقتصاد"، إن كل مخيم في تجمع مخيمات عرسال للاجئين السوريين فيه 100 خيمة، وبالتالي فإن نصف تلك الخيام معرضة للهدم وإزالة المخالفات.

وتحدث "القصيراوي" عن حجم الضرر الذي لحق بكل عائلة، مقدراً ذلك بما يقارب من 200 دولار وأكثر، كانت تكلفت بها العائلة اللاجئة في وقت سابق لإشادة تلك الغرفة المطالبة اليوم بإزالتها والتحول لخيمة لا تقي برد الشتاء ولا حرّ الصيف.

أمّا "محمد أبو عبد الله" أحد القاطنين في مخيمات عرسال، فأشار في حديثه لـ "اقتصاد"، إلى أن قرار الهدم تسبب بضرر مادي يتراوح بين 300 وصولاً إلى 700 دولار للعائلة الواحدة، مشيراً إلى أن هناك غرف اسمنتية وصلت تكلفة بناءها في وقت سابق إلى نحو 2000 دولار.


ولا يقتصر الأمر فقط على الخسارة التي سيتكبدها اللاجئ السوري جراء ذلك، بل ستتحمل كل عائلة مصاريف إزالة الأنقاض ونقلها وترحيلها، وبالتالي فإن أقلّ خيمة تحتاج لنحو 200 دولار ما بين تنظيف ونقل ما تم هدمه.

وأكد "أبو عبد الله" أن أكثر من 1400 خيمة ملزمة بالهدم وإزالة المخالفات، إذ وصل العدد لنحو 70 % من قاطني مخيمات عرسال بدأوا بالهدم وإزالة المخالفات، وأي خيمة بباقي المخيمات فيها جدار فهو معرض للهدم، على حد تعبيره.


ونقلت وكالة "الأناضول" للأنباء، الأربعاء الماضي، عن رئيس بلدية عرسال، أن قرار الهدم له وجهان، الوجه المعلن إزالة مخالفات البناء، والوجه المخفي هو محاربة التوطين حتى لا يستقر النازح السوري طويلاً في البلاد.

في حين، اعتبر ناشطون ومنهم "تيسير القصيراوي" أن حجة هدم غرف اللاجئين بحجة المخاوف من استقرارهم لفترة طويلة في تلك البلدة وغيرها من المناطق على الأراضي اللبنانية، هي حجة غير منطقية، لافتين إلى أن اللاجئين السوريين وفي ظل الظروف والتضييق الذي يمرون به، دائماً ما كانوا يناشدون المنظمات الدولية والأمم المتحدة لإيجاد طريق آمن ونقلهم إلى الشمال السوري إسوة بغيرهم من النازحين والمهجرين، ولكن دون أي آذان صاغية.

وتسمح السلطات اللبنانية بوضع عدد من "البلوكات الإسمنتية" حول كل خيمة على ألا يتجاوز الارتفاع أكثر من "5 بلوكات" فقط، وذلك لحماية الخيام من الرياح الشديدة، وفق ما ذكرت بعض المصادر المحلية لـ "اقتصاد".

ولا يقتصر قرار إزالة المخالفات على تجمع مخيمات عرسال وحسب، بل امتد ليشمل كل منطقة لبنانية تتواجد فيها مخيمات للاجئين السوريين.


الصحفي السوري "أحمد القصير" والمتابع لأمور اللاجئين في لبنان قال لـ "اقتصاد": "لا يوجد عدد للمخيمات المخالفة، وبالتالي فإن كل مخيم يوجد فيه مخالفات عليه إزالة الكتل الاسمنتية".

وتابع بالقول: "إضافة لمخيمات عرسال فإن القرار طال المخيمات المتواجدة في منطقة البقاع الأوسط إذ ستتم إزالة كل المخالفات هناك أيضاً".

ولفت "القصير" الانتباه، إلى وجود نحو 300 "كرفانة" تؤوي لاجئين سوريين في منطقة "بر الياس"، وسط المخاوف من التضييق على أصحابها وإرغامهم على استبدالها بخيام قماشية.

وأكد المصدر ذاته، أن حجم الأضرار كبير جداً، فلا يوجد عائلة إلا وتراوح ضررها المادي ما بين 400 دولار إلى 500 دولار كحد أدنى، مشيراً إلى أن هناك بعض المصاريف نتيجة الهدم وهناك أشياء تحتاج لترميم، إذ تتحمل العائلة كل تلك المصاريف.

وذكر "القصيراوي" أن بلدية عرسال متعاونة مع العائلات بإزالة الهدم، في حين أن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية وعدت بتزويد اللاجئين بشوادر بلاستيكية وخشب لنصب الخيام بدلاً من الغرف الإسمنتية التي تم هدمها.

تجدر الإشارة، إلى أن رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري، وخلال لقاء صحفي، طلب من اللاجئين السوريين في المخيمات، تنفيذ أعمال الإزالة بأنفسهم لتلافي تخريب الأثاث قبل دخول الجيش وانتهاء المهلة كي لا يتم التنفيذ بالآلات، مؤكداً أنه سيتم التنسيق والتعاون مع المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية من أجل تطبيق القرار بلا مشكلات.

ترك تعليق

التعليق