"عمول حالك مو شايف".. في امتحانات البكالوريات بحمص وريفها


لطالما شكلت الامتحانات للشهادة الثانوية في سوريا، كابوساً وتوتراً هائلاً للطالب وذويه، ولكن جديد الامتحانات السورية اليوم، هو الخوف والضغط على المراقب منذ بدايات الثورة السورية عموماً، وفي امتحانات 2019 خصوصاً. ولِمَ لا، وأوامر مندوبي التربية أصبحت شبه عسكرية، والكل يعلم أن الكثير من الشباب الذين سينجحون سيقادون إلى الخدمة العسكرية، لأنه وككل عام، معدلات القبول الجامعي سترتفع، وطموح الطالب لن يتحقق إلا في الجامعات الخاصة.. ولكن، للأسف من وين؟!!

امتحان المغلوب على أمره

نقل لنا مصدر خاص بأن موجهة تربوية - تم ندبها كمندوبة تربية للامتحانات في ريف حمص الغربي- قالت بأن الامتحانات "خبيط لبيط"، والكل متهرب من المسؤولية خوفاً من العقاب وردود الأفعال.

والطابع العام على ما يبدو أن "مندوبي الوزارة" يدخلون المراكز الامتحانية وكأنهم على عداء مع رئيس المركز والمراقبين، فيدخلون القاعات الامتحانية وكأنهم مبعوثون لمهمة إلقاء القبض على مجرمين أو "إرهابيين"، على ما وصفه لنا أحد المدرسين في مركز امتحاني، نتحفظ عن ذكر اسمه.

ففي اليوم الذي جرى فيه امتحان مادة الرياضيات للبكلوريا العلمي، دخلت مندوبة الوزارة وكأنها رئيسة وزراء وقامت بسحب الكرسي الوحيد الموجود في كل قاعة، لمنع استراحة أي مراقب، حسب قرار الوزارة بعدم استراحة المراقب لأي سبب من الأسباب.

ومع هذا، بعد خروج اللجنة الوزارية، يعود الغش والنقل، كعادته في السنوات السابقة، على قدم وساق، وبتعاون كبير جداً من قبل المراقبين الفاسدين منهم أو الخائفين أو المغلوب على أمرهم.

امتحانات ريف حمص الغربي.. غش رغم الترهيب

بالإضافة الى ما سبق وردتنا عدة مشاهدات حول الامتحانات في ريف حمص الغربي، ولاسيما منطقة تلكلخ، حيث ولأول مرة منذ بداية الثورة السورية، تعود مدينة تلكلخ إلى واجهة الامتحانات، واللافت أنه تم إعادة نقل كافة المراكز الامتحانية من "ريف تلكلخ" إلى مركز المدينة، بهدف ضبط الامتحانات أكثر في المدينة خلافاً لما حصل في السنوات الماضية، ولكن الواقع والصورة عكس ما خططت له تربية حمص، حيث أن مراقبي مدينة "تلكلخ"، وقعوا بين نارين، التعليمات والعقوبات الوزارية المفروضة على المراقبين ممن يخل بالعملية الامتحانية من جهة، والتهديد من الطلاب وذويهم الذين بغالبيتهم هم من مسلحي وميلشيات التشبيح ومتطوعي ما يسمى "الدفاع الوطني" أو الأمن، من جهة ثانية.

وفي مركز الامتحانات في مدرسة اليرموك، ذكر لنا أحد المراقبين أنه "رغم التشديد في فترة دخول اللجنة الوزارية أو مندوبي التربية، إلا أن فوضى عارمة تعم المركز بعد ذلك، ويأتي التهديد المباشر للمراقبين ممن يحاول منع أحد الطلاب المدعومين من الغش، مما اضطر رئيس المركز إلى أن يقول للمراقبين (عملوا حالكن مو شايفين) لتجنب البلاء".

وفي مركز "عمر فاروق الزعبي" تدخل الأسئلة محلولة من قبل أحد المتنفذين مادياً، كما ذكر لنا أحد المراقبين، والمبالغ غير معلومة فهي من خفايا الأسرار لدى المتنفذين (وعلى الضيق).

 في "مركز مرجان" في "تلكلخ" ذكر لنا مراقب أنه تم تهديد إحدى زميلاته المراقبات من قبل أحد الطلاب لأنها قامت بتنبيهه عدة مرات لتسببه بفوضى في القاعة، مهدداً إياها بقوله: "بنهيكي من الوجود ماعارفه أنت مع مين علقانه".

بالإضافة لما ذكر لنا مدرس مراقب في مركز "الثانوية الصناعية" قائلاً: "الأجوبة تدخل للمركز رغماً عن الكل فالسيارات (المفيمة) العديدة في الانتظار أمام المركز، (وما منعرف براس مين رح تطلع لهيك فخار يكسر بعضه هدول هلأ حاكمين البلد)".

امتحانات حمص.. الغش "حدث ولا حرج"

شهدت امتحانات حمص بلبلة كبيرة، وسخط كبير من الأهالي، فمعظم المراكز الامتحانية فيها (خيار وفقوس)، وقد ذكرت لنا مُدرّسة تم فرزها كمراقبة لطلاب التعليم الأساسي في مدرسة غالية فرحات، أنه يوجد في إحدى القاعات الامتحانية "ابن مسؤول" وأنه يتم إحضار أستاذ المادة شخصياً إلى قاعته ويقوم بحل الأسئلة للطالب وحتى بحضور مندوب التربية، وعلى "حجته بيتنقلوا" باقي الطلاب.

كما بينت لنا مُدرّسة أخرى، فُرزت للمراقبة في مدرسة "سناء محيدلي" في "حي البياضة"، كيف تعم الفوضى العارمة والخرق لكافة التعليمات الامتحانية الصادرة من وزارة التربية ومديرياتها، بسبب وجود "ابن رئيس دائرة الرقابة" في تربية حمص، حيث يتم وضع مراقب مدرس للمادة المقدمة في قاعته وحل الأسئلة له كما يتم التبديل بين المراقبين عندما يستلزم الأمر لتقديم جواب ما له.

ومن مدرسة "نظير نشيواتي" تذكر لنا مراقبة أخرى مهزلة كبيرة تحصل داخل المركز الامتحاني لوجود مدعومين فيه حيث تدخل الأجوبة محلولة، "ويقوم مراقب بحلها وقراءتها (سؤال بعد سؤال) ويكتب الطلاب إملائياً، ويتم اختصار بعض الأجوبة لتجنب التشابه في الاجابات، وتعطى بعض الأجوبة بشكل استثنائي لبعض الطلاب المدعومين دون سواهم".

في مركز امتحاني في "حي الشماس" وكما ذكر لنا الكثير من طلاب المركز أن تعاوناً كبيراً يتم بين المراقبين وعدد من الطلاب ممن تجمعهم بهم صلة قربى أو معرفة، والغالبية ممن يقومون بتدريسهم في الدروس الخصوصية، حيث أن المراقبين يدخلون الأجوبة لهؤلاء الطلاب، ويسمحون لهم بفتح المصغرات والقصاصات الورقية.

أما في المراكز الامتحانية في "حي عكرمة" وعلى لسان عدد من الطلاب والأهالي "البدايات تكون على شكل مداهمات من قبل المندوبين من التربية والوزارة و(نفسيات يا لطيف)، ولكن وعندما تمر نصف ساعة من زيارة المندوبين، يعود الغش والنقل، ويكون في الغالب بين الطلاب فيما بين بعضهم، كما يقوم بعض المراقبين بحل بعض الأسئلة".

امتحانات "وادي النصارى".. "غش" على الصامت

كما وردنا من المراكز الامتحانية في منطقة "وادي النصارى"، المجاورة لقلعة الحصن وتلكلخ، وجود تعاون كبير بين غالبية المراقبين والطلاب ولكن دون فوضى وبهدوء، كما ذكر لنا طالب - من خارج الوادي- وهو يقدم الامتحان الثانوي هناك. ولطالما كانت النتائج تأتي لصالح طلاب الوادي الذين، حتى قبل الثورة وإن كان بشكل أقل وضوحاً مما بات عليه الأمر منذ بداية الثورة، يدخلون أفضل الفروع الجامعية (بشوية تعب) وبتعاون كبير مع المراقبين، ولكن من دون "شوشرة"، فالكل هناك متعاون من (تحت لتحت).

ترك تعليق

التعليق