"الشلل"، وآفات أخرى.. تنال من موسم الكمون في ريف حلب الجنوبي


أدّت غزارة الأمطار التي شهدتها منطقة ريف حلب الجنوبي خلال العام الحالي، إلى ارتفاع نسب الرطوبة في المنطقة، ما خلف أضراراً بالغة على معظم المحاصيل الزراعية وأبرزها محصول "الكمون" الذي يُعرف بمقاومته الضعيفة للتغيرات المناخية.

تقلب المناخ

‏‪في السياق ذاته، قال "إبراهيم الحميدي" وهو مهندس زراعي وفلاح من قرية "الزربة" جنوبي حلب، في تصريح خاص لـ"اقتصاد": "أدّت غزارة واستمرارية هطول الأمطار دون توقف إلى ارتفاع نسبة الرطوبة في المنطقة، ما هيأ بيئة مناسبة للأمراض الفطرية التي أصابت أكثر المحاصيل لكن حساسية نبتة الكمون ومقاومتها الضعيفة جعلت الأثر أكبر على هذا المحصول من سواه، فأصيبت النبتة بعدّة أمراض أبرزها، (الشلل) أو (الذبول)، الذي يعتبر من أخطر الآفات الفطرية التي تصيب الكمون، بالإضافة إلى مرض (البياض الدقيقي)، وانتشار الأعشاب الضارة بشكلٍ كبير مقارنة مع ما كانت عليه في الأعوام السابقة".


وأضاف: "قلة الأسمدة نتيجة الأسعار المرتفعة جعلت الفلاحين في قرى جنوب (حلب) يرشون كميات ضئيلة منها، وبعض الفلاحين لا يرشون أسمدة على الإطلاق، مع العلم أنه لابدّ من رشه بالمنشطات والمبيدات والأسمدة الورقية، لأكثر من مرة، إضافة إلى رشه بمادة (التريفلان) قبل البذار وأثناء فترة السماد لإيقاف ذبوله واستعادة عافية ما تبقى من النباتات السليمة".

وأوضح قائلاً: "لم تقتصر الأمراض الفطرية على محصول الكمون فحسب، بل طالت كافة المحاصيل الزراعية مثل: العدس والحمص اللذين تعرضا لمرض (أبسوتايتا)، لكن ومع ذلك لم تتأثر بالمرض كالكمون وكانت استجابة محاصيلهما سريعة للعلاج بعد رشها بمبيدات حشرية نوع (بافستين، مونيكيت، توبسين)".

ونوّه "الحميدي" إلى أن مساحة الأراضي المزروعة بمحصول الكمون في منطقة ريف حلب الجنوبي، تراجعت كثيراً في هذا العام لتصل إلى ما يتجاوز بقليل 500 هكتار.


معوقات تواجه الفلاحين

بدوره أشار "عبد الله الرجب" أحد فلاحي بلدة "تلحديا"، إلى وجود جملة من العوائق التي تواجه زراعة محصول الكمون في ريف حلب الجنوبي، وأهمها القصف الذي تتعرض له بلدات وقرى المنطقة، وحركة النزوح شبه المتواصلة للأهالي التي تركت الأراضي بلا اهتمام، ولاسيما الأراضي الواقعة على خطوط التماس مع قوات النظام، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الأسمدة والمحروقات وأجور الأيدي العاملة وضعف التصريف.


وأضاف في حديثه لـ"اقتصاد" قائلاً: "تتراوح تكلفة زراعة الهكتار الواحد من الكمون بين 200 إلى 250 ألف ليرة سورية، في وقتٍ تسببت فيه الأمراض الناجمة بمجملها عن غزارة الأمطار عن خسائر مادية جسيمة حلّت بغالبية الفلاحين في ريف (حلب) الجنوبي، ووصلت في الموسم الحالي إلى70% من الإنتاج، في ظل قلة الدعم الزراعي وارتفاع تكاليف المبيدات الحشرية".

وأردف: "يحتاج الهكتار الواحد إلى أربعين كيلو غراماً من الكمون بسعر 1500 ليرة سورية للكيلو الواحد، كما تبلغ كلفة رش المبيدات إلى 15000 ليرة، لكل هكتار في كل مرة، وتحتاج الأرض للرش بين ثلاث إلى أربع مرات سنوياً، فيما تبلغ كلفة حصاد الهكتار الواحد ما يقارب 50 ألف ليرة، تختلف قيمتها بحسب كل منطقة وقربها من مناطق قوات النظام".


زراعة بعلية

ويحرص قسم لا بأس به من أبناء ريف حلب الجنوبي، في كل عام على زراعة أراضيهم بمحصول الكمون، وأرجع "الرجب" السبب وراء ذلك إلى كلفته القليلة على الفلاح، وفائدته للأرض خاصة للموسم الذي يلي زراعته لاحتوائه على مواد قريبة من السماد العضوي بفعاليتها، ناهيك عن أن زراعته تتم وفق الطريقة البعلية التي تعتمد على الأمطار.

الحاج "صبحي النايف" وهو فلاح من أبناء قرية "جزرايا"، أشار إلى أن الفلاحين في ريف "حلب" الجنوبي يقومون بحصاد محصولهم من الكمون في درجات حرارة مرتفعة، فبعد الانتهاء من عملية الحصاد يتم تكديسه تحت أشعة الشمس ليجف ويصل إلى مرحلة اليباس، وبعدها يقومون بعملية دراسته.


أسعار مميزة

وفيما يخص أسعار الكمون، أوضح "النايف" بالقول: "يصل سعر الطن الواحد من الكمون في الوقت الحالي إلى مليون ومئتي ألف ليرة سورية، وهو ما ينتجه هكتار واحد من الأرض في الظروف الطبيعية، ونظراً لهذا السعر المميز فإن الفلاحين يندفعون إلى زراعة أراضيهم بالكمون".

يحوي ريف "حلب" الجنوبي مساحات زراعية خصبة صالحة لزراعة أنواع مختلفة من المحاصيل الزراعية، إلا أن القسم الأكبر من أبناء المنطقة يجدون في زراعة الكمون مردوداً مادياً جيداً بالمقارنة مع محصولي القمح والشعير لعدم حاجته إلى المياه والسقاية.


ترك تعليق

التعليق