فاتورة المصيدة.. ولصوص الكهرباء


النظام وآلياته المؤسساتية لم تتغير، وكذلك عقلية موظفيه الذين تمادوا في لصوصيتهم لقناعتهم أن الأمر استتب لنظامهم والفرصة مواتية لمزيد من اقتناص جيوب الناس وابتزازهم.

هذا الأمر ينطبق على كل حاجات الناس، ومناحي حياتهم، وهم لا يجدون مفراً من أن يمتثلوا لقانون النظام حيث باتت التهم الجاهزة سيفاً مسلطاً عل أعناقهم خصوصاً أولئك الذين تمت إعادتهم إلى حضن النظام قسراً.

أزمة متأصلة

ليست أزمة الكهرباء جديدة على المواطن السوري سواء أكانت تصلهم بشكل نظامي أم كانت في حكم الغائبة فهو مقدر عليه أن يدفع ثمن ما لم يستجره، وهذا محكوم بموظف فاسد يسمى (مؤشر العداد) الذي يضع أرقام الاستهلاك وفق رضاه عن المواطن.

وهؤلاء الموظفون في أغلبهم مؤقتون ومسلط عليهم سيف الطرد لذلك فهم ينفذون رغبات مدرائهم الأكثر فساداً في تأشير ما يمكن أن يسدد ما سرقوه من خزائن المؤسسات وبالتالي المواطن سيدفع لسداد ما في ذذمة هؤلاء وهنا تأتي الفواتير المزاجية المباغتة.

فواتير مرعبة

وفي هذا الصدد نشرت جريدة الوطن المملوكة لرامي مخلوف ما يتوافق مع هذه المقدمة من شكاوى للمواطنين حول الفواتير التي أسماها المواطنون بالمصيدة حيث تأتي لدورات متعاقبة بقيمة رسم الاشتراك 250 ليرة سورية وهو مبلغ يدفعه المواطن نظير ايصال التيار فقط على اعتبار أنه مجرد مشترك أما المالك فهو حكومة النظام.

بعد عدة دورات من(المصيدة) تأتي الفاتورة الرئيسية المباغتة وهي بالطبع بعشرات الألوف وربما قد تصل لمئات الألوف، وهنا يبدأ المواطن بالركض بين مراكز الكهرباء ومديرياتها كي لا يقطع التيار ويتم ابتزازه أيضاً، وفي أحسن الأحوال يتم توزيع المبلغ الكبير على شرائح يدفعها في الفواتير القادمة إن استطاع.

(م . د) من ريف دمشق الغربي قال لـ "اقتصاد": "منذ سنتين وأنا أسدد فاتورة كبيرة مفاجئة 225000 ليرة بعد أن كانت فواتير رسم الاستهلاك هي ما أدفعه شهرياً لمدة، ثم فجأة طالبوني بتسديد هذا المبلغ الرهيب".

الحل الوحيد

سيدفع المواطن الفاتورة حتى لو أثبت أنه لا يستهلك هذه "الكيلواطات" االكثيرة، وما عليه سوى أن يتوسل الموظفين لتوزيعها على أكثر من فاتورة قادمة.

يقول (ج . ه) لـ "اقتصاد": "حاولت جاهداً إثبات أنني لم أستهلك هذه الأرقام لكن لا فائدة، وكل موظف يرسلني إلى آخر، وحتى رئيس القسم حولني إلى الوزارة في دمشق لكن لا حلول سوى الدفع، هكذا بات أغلب راتبي يذهب لتسديد فاتورة الكهرباء".

الوزارة تتهم المواطن

وزراة كهرباء النظام كعادتها ألقت بالتهم على عاتق المواطن، ونقلت "الوطن" عن أحد مسؤولي الوزارة تبريره لفواتير المصيدة: "الكثير من الحالات تكون الكهرباء مقطوعة بنفس الوقت الذي يكون فيه المؤشر بمكان وجود عداد المشترك، الأمر الذي يجعله غير قادر على أخذ التأشيرة، وقد ينساها، مما يجعل الحاسب يضع تأشيرة صفر".

ومن الأسباب التي عددها المسؤول هي أن المنزل قد يكون مقفلاً أو العداد محروق أو هناك تلاعب من قبل المواطن.. أما "أبو أحمد" فيكذب هذه الرواية: "هؤلاء المؤشرين يرتشون من أصحاب المزارع ويضعون لهم أرقام استهلاك قليلة مقابل مبالغ مالية، ومن الممكن أن يتم استبدال عداد الكهرباء لمستهلكين كبار كأصحاب محال ومعامل مقابل رشاوى كبيرة.. أما من يدفع عنوة فهو المواطن الفقير".

استثناءات عسكرية

يشير أحد المواطنين إلى عدم العدالة حتى في استثناء المواطنين وتقدير ظروفهم المادية والمعنوية، وقد طالبت وزارة كهرباء النظام سكان الغوطة لشرقية ممن عانوا الحصار وانقطاع الكهرباء بسداد فواتير مترتبة عليهم من سنوات فيما تستثنى مساكن الضباط.

"مساكن الضباط والعساكر لا تدفع إلا ما ندر، وبعضهم لسنوات طويلة لم تؤخذ أرقام استهلاكهم بحجة أنهم يدافعون عن الوطن، وتم اعفاءهم في كثير من الأحوال".

إحدى المعلقات على ما نشرته "الوطن" كتبت ساخطة: "لك انا بيتي كنت تركتو ومهجرة منو وبس فتحت المنطقة بعتو بدفع كهربا 85000 والبيت مهجور واصلا ماكان في كهربا بالمنطقة".

هي واحدة من مشاكل المواطن الذي بالكاد يستطيع أن يعيش في ظل نظام يمارس اللصوصية في حكم الناس، ويطلق موظفيه لينكّلوا بهم كلما تمكنوا من ذلك.

ترك تعليق

التعليق