قطاف وتجارة ورق العنب.. مهنة رائجة بين نساء القلمون الشرقي


يمثّل ورق شجرة العنب "الدوالي" مصدر رزق للعديد من العائلات في منطقة "القلمون" بريف دمشق، حيث تحرص الكثير من العائلات الفقيرة مع حلول موسم العنب على قطاف أوراقه وبيعها للاستفادة من ثمنها في تأمين نفقات إضافية للأسرة.

أسعار متفاوتة

السيّدة "أم حسن حمود" من أبناء مدينة "جيرود" في منطقة "القلمون" الشرقي، اتخذّت من بيع ورق العنب عملاً موسمياً لها لكثرة الطلب عليه في مثل هذه الأوقات من كل عام. وقالت في تصريح خاص لـ"اقتصاد"، إن تجارة ورق "الدوالي" نشطت بشكلٍ ملحوظ في هذا الموسم بسبب الطقس الجيد والأمطار الغزيرة التي هطلت على منطقة "القلمون" عموماً؛ إذ أنهم يحاولون الاستفادة من ارتفاع أسعاره، وزيادة الطلب عليه في الأسواق المحلية، في شراء بعض مستلزمات وحاجيات الأسرة اليومية.

وأضافت: "أغلب العاملين في قطف ورق العنب وتصنيفها هم من النساء، لأنهن الأكثر خبرة في نوعية الورق وفيما إذا كان يصلح للطبخ أم لا، ورغم الصعوبات التي يتعرضن لها أحياناً لكنهن مضطرات للعمل من أجل دعم أسرهن مادياً".

وأردفت: "اعتدت في كل موسم على قطف أوراق العنب من الأرض التي تركها لي زوجي (رحمه الله)، إضافة إلى شراء كمياتٍ أخرى من بعض المزارعين، ومن ثمّ أقوم بترتيبها في صناديق كرتونية تبعاً لأنواع الورق المختلفة، وأخيراً أبيعها إلى العائلات الميسورة في المنطقة أو لبعض التجّار الذين يقومون بعرضها مجدداً للبيع في محالهم التجارية".

وأوضحت السيدّة "أم حسن" أن عملية قطاف ورق العنب تتركز في الساعات الصباحية والمسائية المبكرة من كل يوم، ذلك أن القطف في هذه الأوقات يبقي الورق طازجاً ولا يتعرض إلى الذبول أو الاصفرار.

وفيما يخص أسعار ورق العنب، أشارت "أم حسن" إلى أن ما يحدد سعر كيلو ورق العنب في السوق هو كميات الورق المنتجة في كل موسم، إذ تراوحت الأسعار في هذ الموسم بين 600 إلى 800 ليرة سورية، وأكثر أوراق العنب التي يكثر الطلب عليها في مثل هذه الأوقات هو ورق العنب البلدي.

البيع على التوصية

بدورها أوضحت السيدّة "حنان الحلاق" وهي معلمة متقاعدة تشتهر في منطقتها ببيع ورق العنب الجاهز إلى أنها تقوم وفور نزول ورق العنب من منتصف نيسان/ إبريل الماضي، وحتى أواخر حزيران/ يونيو الجاري، بشراء كميات كبيرة من أوراق العنب من أصناف مختلفة من جيرانها الذين يملكون أراض زراعية تحوي أشجار الكرمة، تمهيداً لحفظها وبيعها على "التوصية".

وأضافت في حديثها لـ"اقتصاد" قائلة: "هناك طريقتين لحفظ أوراق العنب الأولى: من خلال التفريز ووضعها داخل أكياس بلاستيكية في الثلاجة، والثانية: عبر سلق الأوراق لأقل من دقيقة في الماء المغلي كي لا يتغير لونه ونكهته، ثمّ نقوم بتبريده في ماء بارد وحفظه أخيراً في أوعية زجاجية حصراً محكمة الإغلاق بداخلها ماء وملح، وتوضع في مكان مظلم إلى حين الاستخدام".

تعرض المعلمة "الحلاق" بضاعتها على زبائنها، مصنفة أنواعاً عديدة من ورق العنب وبأسعار مختلفة لترضي بها زبائنها على اختلاف أذواقهم، أمّا الأسعار فتتراوح-حسب الحلاق- بين 800 إلى850 ليرة سورية، للكيلو الواحد من ورق العنب "المشروش" بالماء والملح، وقد أمنّ عملها في بيع أوراق العنب دخلاً مساعداً إلى جانب راتبها التقاعدي، يعينها على سدِّ جزءٍ من احتياجات أولادها وتأمين لوازم بيتها المتواضع.

خبرة النساء

وبيّنت "الحلاق" أن لدى نساء منطقة "القلمون" معرفة واسعة بأوراق العنب لذلك فهن يلجأن إلى تفحصها جيداً قبل شرائها؛ فأوراق العنب الأبيض تختلف عن الأسود منها، والخبيرات في هذه العملية يفضلن ورق العنب الأسود في الطبخ، نظراً لنعومة ملمسها وخلوها من الزغب على السطح السفلي للورقة، كما أن لونها يميل إلى الأخضر الفاتح مما يجعلها ألذ وأغلى من غيرها.

وتعدّ وجبة ورق الدوالي المحشو بالأرز واللحم وجبة شعبية أساسية لا تغيب عن الموائد في منطقة "القلمون"، إذ لا يستطيع أبناؤها الاستغناء عن ورق العنب، ويقبلون على شراء الكثير منه لإعداد مونتهم منه لفصل الشتاء القادم.

ترك تعليق

التعليق