مهلة "الجيش الوطني" لـ "تجار السلاح".. كيف علّق عليها مدنيون وتجار؟


طَالبَ الجيش الوطني التابع للجيش السوري الحر، تجار الأسلحة في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون في الشمال السوري، بالإقلاع عن هذا العمل نهائياً، واصفاً إياه بالعمل غير المشروع.

وأمهلت هيئة الأركان العامة التابعة للجيش الوطني في بيان اطلع عليه موقع "اقتصاد"، صدر في 27 حزيران/يونيو الحالي، تجار الأسلحة مدة شهر واحد اعتباراً من تاريخ صدور البيان، للامتناع عن هذه الظاهرة الخطيرة.

ولفتت هيئة الأركان في بيانها، إلى أن كل من سيضبط في محله أو بحوزته أسلحة أو ذخائر معدة للاتجار سيتم توقيفه واحالته للقضاء.

وبينت الهيئة أنها ستمنح إذناً لبعض من تتوفر فيهم الشروط وأهمها "الإيجابية الثورية" لمتابعة العمل في هذا المجال، بموجب موافقة خطية من قبلها، وفق البيان.


الناطق الرسمي باسم "الجيش الوطني" قال لـ "اقتصاد": "نسعى لدراسة مصادر الحصول على السلاح وحركة السلاح سواء داخل المنطقة أو عمليات التهريب التي تتم باتجاه خارج المنطقة أو من المناطق المسيطر عليها من النظام باتجاه المناطق المحررة في الشمال السوري والتي تتم عن طريق تجار الأسلحة".

وأضاف الرائد "يوسف حمود"، أن تلك الخطوة التي يقومون بها الآن هي خطوة مهمة وجيدة فيما يتعلق بمسألة ضبط حركة السلاح، على أمل الوصول إلى نتائج إيجابية على هذا الصعيد.

وفيما يتعلق بمسألة منح بعض التجار إذناً وموافقة خطية للمتابعة في هذا العمل أوضح "حمود"، أنه وخلال مراحل الثورة كان هناك كثير من تجار الأسلحة ممن يحملون "الفكر الثوري" وأدوا دوراً إيجابياً ضمن الثورة، خاصة على صعيد تزويد الثوار وسهولة إيصال الذخيرة للثوار، وهؤلاء سيتم منحهم الترخيص اللازم.

في حين أن هناك كثير من التجار نشطوا خلال الثورة وكان همهم تحقيق المكسب المالي بغض النظر عن أي سلبيات أخرى، والتي انعكست على استقرار المنطقة. وهذه النوعيات سيتم التضييق عليها من أجل إيقاف عملها، بحسب "حمود".

وشدّد "حمود" في حديثه، على أن الغاية ليست منع تواجد السلاح مع الشخص "المدني"، بل هو حق له كوننا ما نزال في حالة أمنية غير مستقرة، ولكن يجب أن يكون هذا السلاح مرخصاً إضافة إلى أن حركة انتقال السلاح من شخص لآخر يجب أن تكون مضبوطة، كما أننا نسعى من خطوتنا هذه إلى منع وصول السلاح إلى الخلايا النائمة المتواجدة في المنطقة سواء كانت تابعة لنظام الأسد أو لتنظيم "الدولة الإسلامية" أو حتى لتنظيم " pkk".

وكان الجيش الوطني أطلق في فترات سابقة الكثير من الحملات الأمنية لضبط السلاح العشوائي بين المدنيين، إضافة لمنع عناصر الفصائل العسكرية من التجول بالسلاح في الأماكن العامة والساحات والأسواق.


لكن، وفي ظل عدم ضبط هذه الظاهرة بشكل نهائي وفي ظل تزايد ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي وخاصة في الأعراس والمناسبات في الشمال السوري، بدأت الأصوات تتعالى مطالبة بضرورة إيجاد حلّ جذري لتلك المشكلة التي باتت هاجساً يؤرق سكان تلك المناطق إن كان منهم القاطنون في المدن والقرى والبلدات أو حتى من يسكن في مخيمات النزوح.

وما يميز الحملة الأمنية الجديدة أنها تستهدف المنبع وهم تجار الأسلحة، الأمر الذي لاقى قبولاً من قبل الأهالي الذين عبّروا في حديثهم لـ "اقتصاد" عن ترحيبهم بتلك الخطوة على أمل أن تقضي بشكل تام على ظاهرة السلاح العشوائي.

"أم مصطفى" من سكان مدينة "إعزاز" شمالي حلب قالت: "أنا أرى أن تلك الخطوة ممتازة ولكنها جاءت متأخرة، وكان من المفترض أن يتم منذ زمن بعيد وضع حد لفوضى انتشار السلاح".

وتابعت بالقول: "كل يوم هناك أعراس وحفلات، والعرس لا يكمل دون إطلاق (مشطين) أو ثلاثة، الأمر الذي يتسبب بكثير من الخوف لنا، حتى أنك أصبحت تخشى من الوقوف على (البلكون) أو على سطح المنزل، وفي فصل الصيف نخشى فتح نوافذ المنزل".

وأشارت، إلى أن السلاح منتشر في كل مكان في الشمال السوري، ومعظم من يحمل السلاح هم فئة من المراهقين الذين يشعرون بالسعادة بحمل "البارودة"، لذلك مكان السلاح ليس بين الناس المدنيين، مكانه على الجبهات، مضيفة أنها تتمنى تنفيذ القرار وإلزام الجميع به دون استثناء حتى يتم التخلص من هذه الفوضى.

أمّا "أبو علي" أحد قاطني مخيم "النور" في قرية "شمارين" شمالي اعزاز فقال: "إن انتشار السلاح بشكل كبير ليس ظاهرة جديدة بل هي منتشرة منذ فترة طويلة، وكثيراً ما ناشدنا وطالبنا وكله (عالفاضي)".

وتابع: "نحن هربنا من القصف والاشتباكات وجئنا إلى المخيمات لننعم بالأمن والأمان، ولكن تعالوا وشاهدوا حجم انتشار السلاح بين الشباب في المخيم وأغلبهم عناصر تتبع للجيش الحر وعند حصول أي مشاجرة فإن إطلاق الرصاص فيما بينهم هو سيد الموقف، لذلك الناس بدأت تخاف كوننا نعيش في خيمة وليس في منزل حتى تستطيع إغلاق باب منزلك".

وأكد "أبوعلي" أنهم مع قرار منع السلاح ومنع بيعه والاتجار به بشكل كامل، كون مكان السلاح ليس بين الأهالي.

ولم يكن حديث "على المحمود" مغايراً لما سبق إذ قال: "بـ 15 ألف ليرة سورية يشتري الشب (بمبكشن) ويضعه على كتفه ويبدأ بالتمايل وكأنه يقول للناس (تعالوا شوفوني شايل سلاح)، حتى أن المدني بات يحمل السلاح أكثر من الجيش الحر ومعظمهم لا تتجاوز أعمارهم الـ 20 عاماً".

وأضاف: "نتمنى من الجيش الوطني أن يلتزم بتنفيذ القرار على الجميع بدون استثناء وقمع تلك الظاهرة السيئة، وأن يتم إغلاق محلات بيع السلاح ومصادرة الأسلحة من المخيمات خاصة وضمن التجمعات السكانية وفي المدن، لأنه يكفي استهتاراً بدماء الناس".

وعلى الرغم من فوضى السلاح إلا أنه لا يوجد إحصائية محددة عن عدد محلات بيع الأسلحة وتجارتها في الشمال السوري.

وفي هذا الصدد يقول الناشط الميداني "أبو أحمد الحلبي": "إن نسبة انتشار محلات بيع الأسلحة في عموم مناطق درع الفرات وغصن الزيتون تقارب 90%، إذ يتواجد في كل منطقة او مدينة أو قرية محلين أو ثلاثة تبيع الأسلحة".


ورصد "اقتصاد" إضافة لرأي الأهالي بتلك الخطوة، آراء بعض من تجار الأسلحة في الشمال السوري، إذ اعتبر بعضهم أن تجار السلاح عنصر مساهم بسد النقص الحاصل في الذخيرة على الجبهات، وأن هذا القرار ليس في الوقت المناسب كون الجبهات ما تزال مشتعلة والمعارك لم تتوقف.

وقال "علاء حلبية" أحد تجار الأسلحة في الشمال: "نحن ثوريون وكنا منضمين لفصائل وكنا نقدم السلاح للفصائل، علماً أننا نخاطر بأنفسنا لتأمين السلاح للثوار، وليس لنا أي هدف سوى إسقاط النظام، لذلك أنا أرى أن القرار صائب لكن توقيته غير مناسب أبداً".

ويرى "حلبية" أن إطلاق صفة "تجار أسلحة" على الجميع فيها "تجريح"، مشيراً إلى أن ما يقومون به يندرج تحت مسمى "تجهيز غازٍ" كون أكثر الناس لم يكن بإمكانها تأمين السلاح خاصة على الجبهات، لافتاً إلى أنه من الأنسب أن يقوم كل فصيل بتزكية أحد التجار المعروفين ممن له خلفية "ثورية"، ومنحهم الترخيص لممارسة العمل، ومن هو غير موضع ثقة من التجار ويتعامل مع جهات معادية للثورة، فيجب منعه من العمل نهائياً.

وعبّر "حلبية" عن اعتراضه على المهلة المحددة من قبل الجيش الوطني للتوقف عن هذا العمل، مرجعاً سبب ذلك إلى وجود بضاعة تقدر بمبالغ مالية إضافة لجمود سوق بيع الأسلحة في الفترة الحالية، وبالتالي ليس هناك إمكانية لتصريف تلك البضاعة.

وتابع بالقول: "لذلك أنا أقترح على من طرح القرار أن يقوم بشراء كافة الأسلحة من التجار وتخزينها في مستودعاته، لكن وفي حال تمت تلك الخطوة فإنه لا يمكن لأي تاجر أن يتوقف عن هذا العمل كون الفصائل تحتاج اليوم لذخائر وتحتاج لسلاح وهذا الأمر ملحوظ عند كل الفصائل، لذلك فهذا القرار له سلبيات وله إيجابيات، ولكن السلبيات أكثر".

أمّا التاجر "أحمد هلال"، فهو ضد إغلاق كل محلات بيع الأسلحة، وقال: "لا يمكن تطبيق هذا القرار على كل التجار، فأنا لدي كثير من الشباب المنتسبين للجيش الحر يأتون لمحلي للبيع أو التبديل أو لتعويض النقص الحاصل على الجبهات".

وتابع: "أنا لن أتوقف عن تزويد الجبهات بالذخيرة حتى لو قاموا بتطبيق القرار، خاصة وأن أخي هو قائد كتيبة وأنا من يشتري له سلاح وذخيرة وهاون لدعمه على الجبهة، لذلك القرار (كويس) في حال طال التجار الذين يعملون في الخفاء فقط".

وفي سياق إنجاز هذا التقرير، حصل "اقتصاد" على لمحة عن أسعار بعض الأسلحة، بشكل وسطي، نقلاً عن تاجر أسلحة في الشمال السوري، مع الإشارة إلى وجود أصناف أعلى أو أقل سعراً مما هو مذكور في القائمة الآتية:

البارودة 150 دولار
البي كي سي 1000 دولار.
القاذف100 دولار.
المسدس 500 دولار.
القنبلة 3 دولار.
الدوشكا 1000 دولار.

ترك تعليق

التعليق