"مزة 86".. استثمارات الشبيحة في الحي المقدس


هو الحي العصي على محافظة دمشق منذ أن وضع أول حجر فيه، وأشار رفعت الأسد لعناصره إلى ذلك التل الذي يعتلي أحياء المدينة الكبرى بأن خذوا ما تشاؤون من أرض، وافعلوا ما شئتم، وينافسه في هذه الحظوة حي عش الورور الذي يعتلي الأحياء الشرقية للعاصمة، وأثبت سكان هذين الحيين ولائهما الغريزي للنظام عندما تحولا إلى مصدر قتل لكل من قال (لا) لبقاء النظام.

من يجرؤ

لا أحد يجرؤ من مؤسسات محافظة دمشق على دخول حي المزة 86 إلا بموافقة من الجهات الأمنية والحاجزين الذين ينتصبان من جهتي بنايات 14 وفلافل على كيفك، وهما المدخلان المراقبان طوال فترة الحرب نظراً لتواجد عائلات الشبيحة بكثرة في الحي، وكثرة المخالفات أيضاً التي تحميها هذه الحواجز.

وكانت المحافظة قبل الحرب قد منعت دخول مواد البناء بسبب حركة العمران المخالف لكن الأمر عاد إلى أكثر مما كان عليه نتيجة (تضحيات) هؤلاء الشبيحة، وبالتالي تحول الحي إلى مركز مخالفات أدت في الفترة الأخيرة إلى زيادة حالات انهيار الأبنية المخالفة لأمرين: الأول يتعلق بتجارة البناء المخالف، والثاني ناتج عن تصدعات في كتلة الجبل الصغير وضعفه.

بناء متصدع جديد

جريدة تشرين الموالية نشرت منذ أيام خبراً عن تصدع أحد الأبنية ومع ذلك لم تتحرك المحافظة بعد بالرغم من إبلاغها منذ أربعة أشهر.

الجريدة المذكورة بررت هذه المخالفات بتوصيف الحي: "يعد حي الـ86 في منطقة المزة في دمشق، الذي يؤوي الآلاف من العائلات، ومازال، خياراً للفقراء كغيره من مناطق العشوائيات، حيث استقطب الكثير من المهجرين".

أحد أهم الأسباب الأخرى حسب الجريدة هو: "كما أن قربه من مركز المدينة ومن الجامعات جعله ملاذاً للسكن يؤمه جميع الطلاب، ما شجع تجار البناء في ذلك الحي ودفعهم لزيادة نشاطهم في زيادة عدد الطوابق للوحدة السكنية الواحدة ليصل إلى 9 طوابق".

"اقتصاد" تواصل مع أحد أبناء منطقة دير الزور الذي يقطن في حي 86، والذي وصف ما يجري في هذا الحي بـ "الجنوني"، حيث حركة البناء العشوائي: "كل ينبي على هواه وبالقوة، والفقراء ليسوا سكان الحي من أبناء الساحل بل الذين سكنوا فيه بعد الحرب من مهجرين اضطروا لذلك، فالإيجارات أقل هنا لأن البيوت متهالكة وسيئة".

شاهد عيان آخر قال لـ "اقتصاد": "متعهدو البناء هم من الضباط وشركاء لهم من الشبيحة وممن امتهنوا تجارة البيوت، وهؤلاء يبنون دون قيود، وفي أحياء قريبة يمنع البناء لأكثر من ستة طوابق بينما تجد هنا أبنية مؤلفة من تسعة طوابق وعلى أرض لا يمكن أن تتحمل هذه المخالفات مما يجعل الانهيارات والتصدعات دائمة الحصول".

أما عن انخفاض أسعار الإيجارات الذي يبرر عشوائية السكن، فهو ليس كما يشاع، بل هو يشبه أغلب المناطق المخالفة من حيث الإيجارات ويتفوق عليها بالبيوت سيئة البناء والتجهيز. يقول (ع . ر)، أحد شهود العيان المطلعين على السكن في المنطقة، في تصريح لـ "اقتصاد": "الغرفة الضيقة وبسقف من التوتياء تؤجر بحوالي 20 ألف ليرة أي راتب موظف له خدمة في الدولة لا تقل عن خمس سنوات، وأما الشقق السكنية فهي تتجاوز 40 ألف ليرة".

المحافظة ترد بخجل

الجريدة نقلت عن عضو مكتب تنفيذي في محافظة دمشق قوله: "هناك مشروع لتدعيم هذا البناء ويتم العمل على إبرام عقد وإجراء مناقصة لترميمه، ولكن حالياً ليس هناك أي خطورة على القاطنين في البناء".

وهذه التصريحات غالباً ما تسبق مأساة إنسانية نتيجة انهيار البناء وقد حصل ذلك أكثر من مرة، وقد وقعت أحداث أكثر خطورة عندما اختفت أبنية في تكهفات موجودة في الجبل الذي يعتبر خلية مخالفات غير مضبوطة نتيجة لتحالف قوى النظام والمخابرات مع الفساد.

ترك تعليق

التعليق