بالعناية الفائقة.. النظام يدرس زيادة الرواتب


اعتاد المواطن السوري على كذب النظام، ويبدو أنه أدمنه، وخصوصاً أولئك الذين تمسكوا فيه حالمين بأن يكون لهم حصة الأسد في المجتمع المتجانس، وبعد أن هرب نصف السوريين، وبدا لهم أن القسمة ستكون أسهل بعد ذلك.

ورغم تغير الحال، وانكشاف غيمة الترهات التي يروج لها إعلام النظام إلا أن اللغة لم تتغير أبداً، وصارت الوعود التي تم تردادها قبل عقود هي نفسها بإضافة مصطلحات جديدة من وحي الموت الذي يحبو في كل البيوت، وتحولت عبارة "الحكومة تدرس"، إلى "الحكومة تدرس بعناية فائقة" زيادة أجور عامليها.

عناية فايقة

وكالعادة ليس هناك من يصرح علانية أو يتبنى رؤية واضحة فقط ينقل إعلام النظام عن مصادر مطلعة أو خاصة، والأدهى ليس هناك من تاريخ واضح أو قرار أو جهة ليصار إلى النفي أو الهروب من الوعود وهذا يدلل على النية المسبقة للكذب.

يقول الخبر الذي سربته صحيفة الاقتصادية المملوكة لرامي مخلوف: "كشفت مصادر مطلعة أن عدة سيناريوهات باتت على طاولة الحكومة لزيادة الرواتب والاجور لجميع العاملين في الدولة بنسبة تتراوح بين 25 إلى 50% حسب السيناريو الذي يمكن اعتماده".

وبالرغم من تكرار نفس المعلومات إلا أن الصحيفة تؤكد حسب المصدر أن "موضوع الزيادة يدرس بعناية فائقة، وعلى عدة مستويات، إذ يجري التركيز فيها على أن تكون زيادة حقيقية يشعر بها الموظف من دون أن تتآكل بفعل رفع أسعار السلع والخدمات والتضخم".

زيادة مضحكة

يقول "زياد . ع"، أحد الموظفين في مناطق النظام، في تصريح لـ "اقتصاد": "حتى لو كان الخبر صادقاً فإن هذه الزيادة مضحكة فهي ستكون بمعدل 25% في أقصى الطموحات أي أن الراتب الشهري قد يصبح بحدود 50 ألف ليرة لمن له في الخدمة أكثر من عشر سنوات".

وعلّق أحدهم على الخبر المنشور ساخراً من أوضاع الناس بمرارة: "الله يفرج عالموظفين والعمال الراتب أقل من ٤٠ ألف والمصروف أكثر من ٣٠٠ ألف .. حل المعادلة ؟!".

وعود مكررة

السيناريو بات محفوظاً لعموم السوريين وهو عادة ما يبدأ بتسريب هكذا أخبار التي ربما ينتج عنها بعد مخاض طويل زيادة مخجلة، ويعلق أحدهم على هذا: "ومازلنا ندرس وندرس وندرس...الخ".

أما الخشية الكبرى فهي إن تحققت هذه الخديعة وصح ما سربته الجريدة، وهذا طبعاً ما اعتاد عليه السوري من زيادات بالأسعار تأخذ ضعف ما زادته الحكومة البائسة مقسوماً بينها وبين التجار اللصوص.. يعلق أحدهم: "مع تلك الزيادة وان حصلت ...سنرى ارتفاع بالاسعار يفوق ما هو عليه الان وسنحلم بهذه الاوقات ....لا اهتمام لمعيشة المواطن بحياة كريمة".

من أين؟

أما من أين سـتأتي حكومة النظام بهكذا موارد لتستطيع دفع قيمة هذه الوعود، فتجيب الصحيفة وفق مصادرها: "الكتلة النقدية للزيادة جاءت من خلال إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة والتقشف الحكومي الذي جرى خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، وذلك فيما يخص الانفاق الاستثماري، إذ جرى تحجيمه وإعادة توزيعه ضمن أولويات اتاحة الحصول على وفر يمكن أن يغطي الزيادة المتوقعة في الرواتب والاجور لموظفي القطاع العام".

هذه العبارات لطالما تكررت ولكن الحقيقة هي على الأرض حيث اقتصاد منهار ومواطن في مهب التجويع والحصار.. حصار فرضته عليه حكومة حرب في آخر أولوياتها كائن يسمى.. "المواطن".

ترك تعليق

التعليق