المتة تغيب عن أسواق السويداء مع غياب الأمان


قبل بضعة أيام، تعرّضت إحدى الشاحنات التجارية المحملة بمادة المتة للسلب من قبل مجهولين أثناء مرورها في طريق اوتستراد "دمشق - السويداء" الرئيسي، الأمر الذي أدى إلى فقدان المتة من كافة أسواق المحافظة، مدناً وبلدات.

إقبال السكان على شراء المادة تزايد بعد سلب الشاحنة وتزامن مع تواتر عدّة شائعات تتضمن انقطاعها كلّياً دون ذكر الأسباب، فضلاً عن احتكار ما تبقّى منها في المستودعات ورفوف المحلّات من قبل تجار الجملة والمفرق لعرضها فيما بعد بأسعار مضاعفة في السوق السوداء، بحسب ما أكّده لـ "اقتصاد"، "أبو هايل"، الذي يعمل تاجراً للمواد الغذائية في مدينة المزرعة.

وأضاف "أبو هايل" أنّ المادّة يجب أن تكون متوفرة وتغطّي السوق بشكل طبيعي دون عوائق نظراً لكون محافظة السويداء من أكبر المناطق المستهلكة لها، وقد تكون مشكلة فقدان المتة مؤقّتة، مستبعداً أن تتعرض لرفع سعرها، ومنوّهاً أنّ غياب الأمان على ما يبدو سيبقى مستمراً في ظل تعدّد القوى العسكرية الفاعلة في المحافظة وأطرافها، ولا يمكن إدخال بضائع إلى الأسواق دون مشاكل، فإمّا السلب أو الترفيق المؤدّي لتضاعف السعر.

وتشهد محافظة السويداء العديد من التجاوزات الأمنية وانتشاراً واسعاً لعصابات الخطف والسلب التي يتنوّع نشاطها بين سرقة البضائع وبيعها في مناطق أخرى، وبين خطف أشخاص وطلب الفدية عليهم. وتجاوز عدد المخطوفين في المحافظة، خلال الشهر الماضي لوحده أكثر من 28 مدنياً.

حادثة السلب الأخيرة تطرح وتثير العديد من التساؤلات، فمن هي الجهات التي تقف خلف التجاوزات الأمنية المروعة للمدنيين، ومن هي الجهات المعنية المسؤولة عن فرض الأمن وملاحقة العصابات في ظل تعدد القوى المسلحة المتمثلة بفصائل محلية وأجهزة أمنية ذات حضور شكلي وما يسمى بميليشيات الدفاع الوطني التي لا تغيب مصلحتها في تزايد التوتر الأمني لأسباب أهمّها العودة إلى آلية الترفيق، وعدم إلحاق عناصرها في المعارك الجارية بريف حماه الشمالي، وفقاً لما قالته لـ "اقتصاد"، السيدة "حنان"، التي تعمل في إحدى مدارس مدينة شهبا.

تراجع مستويات الأمان ليس بالجديد على سكان المحافظة وقاطنيها، لكن التجاوزات الأمنية المتكرّرة التي تحدث في شريانها الوحيد طريق "دمشق - السويداء" أصبح نذير شؤمٍ كونه بات يستهدف البضائع الغذائية الواردة للمحافظة ومصالح الناس عموماً ولقمة عيش المدنيين وتعطيل حركتهم اليومية.

بالمقارنة مع مناطق أخرى في الساحل والقلمون تعدّ السويداء أكثر المناطق استهلاكاً للمتة التي انتشرت في سوريا أثناء عودة المُهاجرين السوريين من الأرجنتين والبرازيل في أواسط القرن الماضي، وتُباع العبوة الواحدة منها حالياً وزن 250 غرام بـ 550 ليرة سورية بارتفاع 21 ضعفاً عمّا كانت عليه في عام 2010 الذي استهلك فيه السوريين أكثر من 1200 طن.

ووثقت شبكات حقوقية محلية مقتل 37 مدنياً منذ مطلع العام الحالي و 85 في العام 2018، بينما تم تسجيل 119 مدنياً مختطفاً منذ مطلع العام الحالي، و315 في العام الماضي، فيما لا تزال حالة الأمان مفقودة كلّياً وسط مخاوف مشروعة من انتشارها بشكلٍ أكبر وتغذيتها من قبل الأطراف المنتفعة منها.

ترك تعليق

التعليق