جدل حول ظاهرة الدراجات النارية العاملة في التوصيل بمدينة الباب


انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة استخدام الدرجات النارية كبديل عن سيارات الأجرة في توصيل المدنيين في مدينة "الباب" بريف حلب الشرقي. وقد شكلت هذه المهنة الجديدة مصدر دخل مهم للكثير من العائلات النازحة في المنطقة.

ترحيب وإقبال

في هذا السياق، قال "خالد البجاري" وهو مهجّر من أبناء ريف "دير الزور" ويقيم حالياً في مدينة "الباب"، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، "يشكل النقل بواسطة الدراجات النارية مصدر رزق هام لبعض العائلات النازحة في مدينة الباب. وتزامن انتشار هذه الظاهرة مع تزايد أعداد السكان بفعل موجات النزوح المتتالية وقلة فرص العمل في المنطقة، حيث تحولت الدراجات النارية إلى وسيلة نقل عمومية ناجحة مقارنة مع وسائل أخرى أكثر تكلفة".

وأضاف: "لاقى استخدام الدراجات النارية المأجورة في عمليات التنقل والمواصلات الشخصية، رواجاً كبيراً بين الأهالي الذين أقبلوا عليها بسبب سرعة تنقلها داخل الأحياء السكنية والأزقة الضيقة، إضافةً لأجورها المتدنية الملائمة لظروفهم الاقتصادية؛ إذ بالكاد تتجاوز أجرة الدراجة لأي عملية تنقل ضمن أحياء (الباب) 200 ليرة سورية، في حين لا تقل أجرة (التكسي) عن 500 ليرة سورية".

ولا يقتصر عمل أصحاب الدراجات النارية –حسب البجاري- على عمليات توصيل الأفراد فحسب، وإنما يقومون أيضاً بتلبية حاجيات المنزل من (خضار، فواكه، وجبات سريعة) للأسر التي لا تحب الذهاب إلى الأسواق، وذلك عن طريق مكالمة هاتفية أو تسجيل صوتي بواسطة تطبيق "وتس آب"، مقابل مبلغ يتراوح بين 200 و250 ليرة سورية تبعاً لكمية الحاجيات والمسافة اللازمة لنقل طلب الزبون.

ونوّه "البجاري" إلى أنه بإمكان أصحاب الدراجات النارية توصيل الزبائن إلى المدن والبلدات المجاورة لمدينة "الباب"، وأكثر الطلبات تكون إلى مدينة "مارع" التي تبعد حوالي 40 كيلو متر، وأجرة الدراجة النارية لهذا الطلب 2000 ليرة سورية، بينما تبلغ أجرة التكسي 6000 ليرة سورية، وهو ما لا يتناسب مع الوضع المعيشي المتردي للكثيرين في المنطقة.

وأشار كذلك إلى أنه يتلقى يومياً 6 طلبات خاصة بالتوصيل المنزلي، ويبلغ مجموع ما يتقاضاه حوالي 1500 ليرة سورية.


لأصحاب التكاسي رأي آخر

وفيما يخص تأثير عمل الدراجات النارية المأجورة على أصحاب التكاسي، أوضح "عماد بطحيش"، مالك سيارة أجرة من مدينة "الباب"، إلى أن تنامي ظاهرة توظيف الدراجات النارية في خدمة المدنيين أثر بشكلٍ كبير على عمل تكاسي الأجرة في المنطقة، كما أن المجالس المحلية في عموم الشمال المحرر لا تفرض أي ضرائب أو مخالفات على أصحاب الدراجات النارية مثل ما هو عليه الحال مع أصحاب تكاسي الأجرة.

وأضاف في حديثه لـ"اقتصاد" قائلاً "باتت مهنة التوصيل عبر الدراجات النارية تنافس في شعبيتها تكاسي الأجرة، فهناك عشرات المواقف الخاصة بالدراجات إلى جانب مواقف سيارات الأجرة، ولاسيما في الساحات العامة وأمام المراكز الخدمية والصحية والاجتماعية في المنطقة".


الأهالي يشتكون

وعلى الرغم من أن أهالي مدينة "الباب" لا يعارضون وجود الدراجات النارية كونها وسيلة نقل لا غنى عنها، إلا أنهم يشتكون في الوقت نفسه من الركن العشوائي لها في الطرقات وعلى الأرصفة العامة، فضلاً عن الحوادث الناجمة عنها، في ظل إصرار الكثيرين من مالكيها على الدخول فيها إلى الشوارع التجارية المزدحمة.

ويطالب الأهالي في عموم مناطق (درع الفرات، غصن الزيتون) الجهات المعنية بإنشاء وتخصيص مواقف خاصة لركن الدراجات النارية بعيداً عن الأسوق الشعبية الرئيسية وعن أماكن الازدحام، وتحديد سن قانونية لقيادتها مما يقلل من الفوضى والحوادث التي تشهدها المنطقة.

من جانبه أشار "علاء حمود" وهو مهجّر من ريف حمص الشمالي، ويملك دراجة نارية للتوصيل يعتاش وأفراد عائلته من مردودها، إلى أن الإزعاج الذي يشتكي منه الناس يكون ناجماً عن بعض الشباب المراهقين الذين يجوبون بدراجاتهم النارية أحياء المدينة دون حسيب أو رقيب، لذلك يتوجب على الجهات المختصة وشرطة المرور التحرك حيال هذا الموضوع، كي لا يلحق بأصحاب الدراجات النارية العاملة بالتوصيل، أي أضرار.

وبيّن "حمود" أن للدراجة النارية قيمة كبيرة في العديد من الدول، لاعتبارات عدّة منها: مصروفها القليل للوقود، وقلة أضرارها البيئية، ناهيك عن كونها وسيلة نقل ضرورية ومهمة لشريحة واسعة من السوريين أصحاب الدخل المحدود الذين يستخدمونها في الانتقال بين القرى والمدن أو للوصول إلى أماكن عملهم سواء في المدينة أو الريف.


ترك تعليق

التعليق