في أقسى حملة أمنية ضد السوريين بتركيا.. ما الأسباب؟، وكيف يجب التعامل معها؟


أصدرت الحكومة التركية في 18 تموز/يوليو الجاري، تحذيراً بحق السوريين المخالفين قد يصل إلى حد إلغاء الحماية المؤقتة.
 
التحذير أكد على ضرورة عدم السفر بين الولايات دون وجود إذن سفر أو التواجد ضمن ولاية تختلف عن ولاية استصدار الكيملك، تحت طائلة تعريض المخالف للعقوبات التي قد تصل إلى حد إلغاء الحماية المؤقتة بتهمة انتهاك القوانين.
 
"باسل هيلم"، نائب رئيس منبر الجمعيات السورية، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "القرارات ليست بالجديدة وهي موجودة أساساً ضمن القانون التركي إلا أن الحكومة التركية لم تكن تعمل بها بشكل جدي".

الحملة الأمنية التي بدأت مؤخراً أو كما تسمى " كود أمني"، تستهدف جميع المواطنين من سوريين وأتراك وبقية الجنسيات، إلا أن معظم المتضررين كانوا من السوريين كونهم كانوا يُعاملون بمبدأ "كرم الضيافة"، ولم يُطبق عليهم القانون منذ البداية، إضافة لكونهم يشكلون العدد الأكبر من اللاجئين في تركيا، يضاف إلى ذلك وجود جهات تعمل على التحريض ضد السوريين، وذلك حسب وصفه "هيلم".

أما بالنسبة للقرار الأخير، وعن امكانية عودة المخالف إلى ولايته تجنباً للترحيل، قال "هيلم" إن الحملة القوية ستنتهي خلال أيام حسب ظنه، إلا أن الحكومة التركية ستبقى تعمل بالقانون وإن بوتيرة حملات أخف وذلك لقوننة وجود السوريين في تركيا ودمجهم في المجتمع التركي، حسب تعبيره.

"هيلم" أشار إلى أن المنبر على تواصل مستمر منذ عام 2014 مع الحكومة التركية لحل المشاكل، وعقّب: "مؤخراً أجريت عدة لقاءات مع شخصيات حكومية بسبب الوضع الراهن"، وأشار إلى كون الأمر صعب على "الأخوة الأتراك" أيضاً.

"عبد الله سليمان أوغلو"، صحفي مهتم بالشأن التركي وشؤون اللاجئين، قال في تصريح خاص لـ"اقتصاد": "المقصود من القرار الأخير هو كل من يسافر أو سافر وضُبط بدون وجود إذن سفر حيث سيتم تطبيق اجراءات سحب الكيملك منه بحجة عدم الالتزام بقرارات إدارة الهجرة والإخلال بالأمن العام".

وبالسؤال عن إمكانية عودة اللاجئين المخالفين إلى ولاياتهم، قال "أوغلو": "مع الأسف حتى الآن لا توجد آلية لتسوية أوضاع المخالفين وهذه مشكلة كبيرة، إذ يتم معاقبة المخالفين دون أي اعتبار ودون وضع آلية لمن يريد تسوية مخالفته، إما بالعودة إلى الولاية التي أتى منها أو بالبقاء في اسطنبول مع تسوية وضعه ضمن معايير وأسس واضحة وآلية معينة".

أوغلو أكد كلام نائب رئيس منبر الجمعيات السورية "باسل هيلم"، فقال: "باعتقادي لن يستمر الحال هكذا ولن تستطيع الحكومة التركية حل المشكلة بنفس الطريقة المتبعة، لأن ذلك سيشكل عبئاً عليها، وستبحث عن سبل تسوية لأوضاع المخالفين بشكل طوعي وليس بهذا الشكل القسري الذي يسبب الضرر لكتلة كبيرة من السوريين يقدر أعدادهم بمئات الألوف".

"أوغلو" أكد كلام "هيلم" عن وجود القوانين أساساً، إلا أن الحكومة التركية كانت تغض البصر عن المخالفين والمسافرين دون إذن سفر وكانت تكتفي بتغريمهم غرامة مالية او إعادتهم إلى ولاياتهم فقط.

" أوغلو" أضاف: "غض الطرف وعدم إمكانية نقل الكيملك من ولاية إلى أخرى أو منح كيملك جديد أدى إلى تفاقم أعداد المخالفين وخاصة في اسطنبول اضافة إلى المشاكل التي حدثت في أكثر من مكان بين السوريين أنفسهم وبين السوريين والأتراك، وتضخيم الإعلام لهذه المشاكل ولبعض التصرفات الفردية في الأماكن العامة، وبيان الحكومة بصرف مبلغ 37 مليار دولار على اللاجئين   في حين أن الاتحاد الأوروبي لم يقدم سوى 4 مليارات، وخسارة الانتخابات في مدينة اسطنبول، والأزمة الاقتصادية، ووجود تذمر في الشارع التركي من الوجود العشوائي وغير القانوني للسوريين في المدن الكبرى، واعطاء تصور بأن كل الأجانب سوريون.. كلها كانت عوامل رئيسية ربما أدت إلى تحرك الحكومة بهذا الشكل".

يُذكر أن مواقع التواصل تداولت يوم السبت 20 تموز/يوليو الجاري تسجيلاً صوتياً لرئيس منبر الجمعيات السورية "مهدي داوود" يتحدث فيه عن وقف ترحيل السوريين المخالفين إلى سوريا بعد التواصل مع رئيس دائرة الهجرة في اسطنبول "رجب باتو".

من جهته، أعرب "حمزة بولدو" رئيس المنظمة الدولية للاجئين وحقوق الإنسان في تركيا، عن تضامنه مع اللاجئين السوريين بشكل خاص، وأكد أن مبادئ الدستور التركي تنص على احترام حقوق الإنسان والعدالة والحرية والمساواة.

وقال "حمزة بولدو" رئيس المنظمة في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد": "من غير الممكن أن أستوعب أي حملة محتملة لاعتقال أو ترحيل أشخاص منحتهم الدولة حق الحماية المؤقتة، وندرك حق الدولة في تطبيق القوانين، وندين أي شيء يخالف مع الدستور التركي".

وفي ردّ منه على سؤال عن رأيه فيما يخص من تم اعتقاله خلال تلك الحملة الأخيرة وتمت إعادته إلى سوريا، أجاب "بولدو": "أنا لم أشهد حتى الآن مثل تلك الحالات لكننا نتابع هذا الوضع عن كثب. ومن جانبي، أدين الحملات التي ربما تطول الأشخاص الذين يملكون الكيملك".

أما بالنسبة للأشخاص الذين لا يملكون بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) ويتواجدون في مدينة اسطنبول، فأعرب "بولدو" عن أمله في أن تنظر الحكومة بوضعهم وتبحث إمكانية منحهم الحماية المؤقتة في أية محافطة تراها مناسبة، حسب وصفه.

وكشف رئيس المنظمة الدولية عن المساعي الحثيثة التي يبذلونها لإيقاف تلك الحملة بحق السوريين، وقال: "تحدثت، يوم الجمعة، هاتفياً مع مستشار رئيس الجمهورية، وربما نستطيع إيقاف تلك الحملة بتغيير آليات التنفيذ".

وأشار، في سياق حديثه إلى أنه " ما زال بإمكان الحكومة التركية أن تمنح فرصة زمنية لكل شخص متواجد في إسطنبول وحاصل على الحماية المؤقتة من محافظة أخرى، من أجل الذهاب قبل هذا التاريخ إلى تلك المحافظة التي صدرت منها بطاقته، وبالتالي هذا الأمر يصبح مناسباً أكثر للجميع".

وعن أسباب تلك الحملة في هذا الوقت بالذات أوضح بولدو قائلاً: "تركيا تريد الآن السيطرة على الهجرة غير الشرعية، وتنظيم الأعداد على أرض الواقع في اسطنبول كما هي، كون الأعداد بازدياد وهو أمرٌّ غير شرعي في تلك المدينة، وربما تكون بعض الإجراءات أحياناً غير صائبة، ولكن الغاية منها تنظيم مدينة إسطنبول خاصة وتركيا عامة".

ووجه "بولدو" في نهاية حديثه نصيحة للاجئين بشكل عام بأن يكون وجودهم في تركيا شرعياً، كما طالب قادة الرأي من المجتمع السوري بأن يجتمعوا مع الحكومة التركية وأن يقترحوا الحلول المناسبة للطرفين، وأن تكون لديهم فكرة واستراتيجية تسهل عمل الحكومة التركية، كي تكون القرارات مناسبة للطرفين، وقال: "نعول على قادة الرأي السوري في أن يجتمعوا ويطرحوا على الحكومة المشاكل والحلول وإلا فإنهم سوف يتركون وظائفهم لأشخاص لا يملكون الكفاءة والمكانة الاجتماعية".




ترك تعليق

التعليق