الحرب على الأسواق في إدلب


الحرب على الأسواق في استراتيجية نظام الأسد والروس، ليست بجديدة. فتدمير البنى الحيوية للحياة الاقتصادية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، هي جزء رئيس من هذه الاستراتيجية. لكنها تكثفت مؤخراً في تصعيد جوي ملحوظ حيال مناطق سيطرة المعارضة، بشمال غرب سوريا.

فخلال عدة أيام فقط، شنت الطائرات الروسية وطائرات النظام هجمات مكثفة على عدة أسواق شعبية بمدن أريحا ومعرة النعمان ومعرشورين وسراقب، في ريف إدلب.

كانت أسوأ الهجمات، تلك التي استهدفت سوق معرة النعمان، يوم أمس الأول الاثنين، والتي وصفتها الأمم المتحدة، في بيان رسمي صادر عنها، بـ "أحد أكثر الأيام دموية".

وقال نائب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارك كتس: "بعض الجثث تمزقت إلى أشلاء أو احترقت حتى استحال التعرف على أصحابها. وكان هناك العديد من الضحايا من النساء والأطفال، ويعاني بعضهم من أشد الإصابات فظاعة. وقد يعمل عمال الإنقاذ طوال اليوم لانتشال الناس من تحت الأنقاض، ولا يزال الكثيرون منهم مدفونين تحتها. وظل البحث عن الناجين مستمراً مع حلول الظلام..".

سارعت روسيا إلى نفي تورطها في استهداف سوق معرة النعمان، بعد أن لقي الهجوم إدانة أممية وغربية. وأصدرت الخارجية الأمريكية بيان إدانة، قالت فيه إن الهجمات الروسية لم تترك خلفها سوى الأنقاض.

وجاء النفي الروسي بعد حصيلة مهولة للهجوم الذي راح ضحيته 39 مدنياً على الأقل. فيما قالت مصادر إن حصيلة الضحايا المدنيين في عموم المناطق المستهدفة بإدلب وريفها وريف حماة، وصلت إلى 59 مدنياً. من بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال.

وعقّب نائب منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، على هذا الهجوم بالقول، إن هذا كله جزء من موجة من الهجمات الجديدة التي تستهدف البنية التحتية المدنية الحيوية في شمال غرب سوريا في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك المرافق الصحية والمدارس ومحطات المياه والمخابز، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة وثقت أكثر من 400 حالة وفاة في صفوف المدنيين.

وأكد مارك كتس أن "لا شيء يمكن أن يبرر مثل هذه الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية"، داعياً إلى وقف مثل هذه الهجمات على الفور.

لكن في صباح اليوم التالي، الثلاثاء، شن الطيران الروسي وطيران النظام غارات جوية بالصواريخ الفراغية على السوق الشعبي بأريحا، أدت لمقتل امرأة وطفلين والعديد من الجرحى، في الحصيلة الأولية للهجوم.

ويعتقد مراقبون أن التصعيد الروسي – الأسدي مرتبط بمحادثات الجولة القادمة من مسار أستانا، المرتقبة في 1 و2 آب/أغسطس القادم، والذي من المتوقع أن تشهد اتفاقاً على وقف إطلاق النار في إدلب. لذا يحاول الروس ونظام الأسد تحقيق إنجازات ميدانية، قبل موعد المحادثات.

فيما يرى آخرون، أن جولات القصف والتصعيد الروسية – الأسدية، المتكررة من حين لآخر، هي استراتيجية مستمرة، هدفها تعكير صفو مساعي الاستقرار الاقتصادي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، كي يستحيل إنشاء نموذج بديل عن نموذج النظام والحياة في مناطق سيطرته.



ترك تعليق

التعليق