اقتصاديات.. متى يصبح أعضاء مجلس الشعب "برلمانيين"؟!


تنقل وسائل إعلام النظام هذه الأيام، اعتراضات أعضاء في مجلس الشعب على قرار رفع سعر الغاز الصناعي، وتأثير ذلك على أسعار باقي المواد الأساسية.. وتحرص في كل مرة، وفي أخبار من هذا النوع، أن تختار ممثلي أحزاب تاريخية كبيرة، كالحزب الشيوعي، لم يسبق لأحد أن سمع لها صوتاً على الإطلاق في مناقشة أية قضية سياسية.

وإذا كان لهذا الأمر من دلالات، فإنه يعني إيصال صورة للمجتمع السوري، بأن سقف المواضيع التي يحق لهؤلاء مناقشتها ورفع الصوت حولها، هي المسائل التي تخص الأسعار والصرف الصحي، كما ويحق لهم الاعتراض على بعض الخدمات، كأن يطالبوا وزارة الكهرباء بتقليل ساعات التقنين من عشرة إلى خمسة. وعدا ذلك، فإنهم لا يتجرأون على مناقشة قضايا الفساد، بمفهومه الحكومي العام.. فما بالك بالقضايا السياسية!

والأدهى من ذلك، أن وسائل إعلام النظام، وعندما تنقل مناقشاتهم الحامية حول هذه القضايا الخدمية، تطلق عليهم وصف "برلمانيون".. أما عندما يتعلق الأمر بمناقشة مرسوم للرئيس أو التصويت عليه، يصبح وصفهم "أعضاء مجلس الشعب"..

أما النظام، الذي يسمح بنقل صراخ هؤلاء واعتراضاتهم، فإنه في المقابل يحرص على أن لا يحقق من مطالبهم شيئاً.. من أجل أن يوصل رسالة أخرى للشعب السوري، وحتى لا يظن بهؤلاء خيراً، أنه حتى في القضايا الصغيرة، "غير فالحين"..  وغير مسموح لهم أن يحققوا أي انتصار في أي شيء..

مرة كنت عند أحد المسؤولين الكبار في الحكومة، فدخل عليه مدير مكتبه، ليخبره بوجود أحد أعضاء مجلس الشعب في الخارج وأنه ينوي رؤيته بسرعة..

فما كان من المسؤول إلا أن نظر إليه دون اهتمام، ثم تابع الحديث معي متقصداً الإطالة، تاركاً عضو مجلس الشعب ينتظر أطول فترة ممكنة.. وعندما هممت بالمغادرة، بعد أن أخبرته أنه تأخر على العضو، تشبث بتلابيبي، قائلاً لي: "خليه يستنى الله لا يردو.. وإذا بنقلع بكون أحسن.."، وتابع: "هلأ بكون بدو وقّع له على استثناء لأحد أقاربو..".


ترك تعليق

التعليق