التاكسي في دمشق.. للأغنياء فقط


حنث سائق سيارة عمومية باتفاق أُبرم مع السيدة "ليلى" قبل ركوبها سيارته من منطقة نهر عيشة إلى منطقة البرامكة، حيث فرض عليها مبلغ 2000 ليرة سورية بعد أن كان الاتفاق بينهما 1000 ليرة، وذلك بذريعة الازدحام المروري، ولبّت مطلبه تجنّباً لوقوعها في مشادّاتٍ كلامية قد تُهان فيها على غرار ما حصل مع بعض صديقاتها سابقاً.

نقابة عمال النقل البري في دمشق قرّرت مؤخّراً إيقاف أكثر من 4 آلاف سيارة عمومي مسجّلةً ما قبل العام 2001 وتحويلها إلى خدمة التاكسي سرفيس، وأعلنت إدارة المرور عن التعاقد العاجل لتركيب عدادات السيارات العمومية، كما نوّهت بوجوب تعميم ثقافة الشكوى حيث أنّ لا مخالفة بشأن التسعيرة دونها.

وفقاً للمزاج الشعبي فإنّ استغلال أصحاب السيارات العمومية عبر تقاضي تعرفة زائدة بصرف النظر عن العداد تتصدر أزمة النقل ومشكلاتها التي لا تنتهي.

الناس أولى بالتكاليف الكبيرة التي يتكبّدونها بسبب تمادي وجشع سائقي السيارات العمومية المنتهزين لغياب الأنظمة والقوانين والّذين يفرضون تسعيرةً مضاعفةً عن تسعيرة العداد الرسمية بحسب ما قالته لـ "اقتصاد" السيدة "ليلى".

وأضافت: "مهما كانت المسافة قصيرة فأقل مبلغ يُدفع لسائقي السيارات العمومية لا يقل عن 500 ليرة حتّى لو لم تتجاوز المسافة 2 كيلو متر".

أمّا حول التاكسي سرفيس ذات الأجرة 200 ليرة سورية للراكب الواحد فأكّدت أنّ سائقيها غارقون بتفاصيل أنظمة إدارة المرور وما زالت سياراتهم خارج الخدمة، وسائقي السيارات القديمة المُخصّصة لخدمة التاكسي سرفيس منذ مطلع العام 2018 لا يقلّون جشعاً عن سائقي السيارات العمومية كونها بالواقع تعمل كـ سيارات عمومية لا كسرفيس.

السيد (ج، ف) أيضاً أكّد لـ "اقتصاد" عدم التزام سائقي السيارات العمومية بالتسعيرة المُحدّدة من وزارة النقل، مشيراً أنّ عدداً كبيراً من السيارات تعمل بلا عدادات وعلى عيون شرطة المرور، إذ أن غياب الرقابة يدفع بالفوضى لتصبح سائدة.

وحول نظام الشكاوى نوّه مُحدّثنا أنّها بلا قيمة، بسبب عدم تواجد شرطة المرور بكافة الشوارع الرئيسية والفرعية.

وأردف، أنّ الحد الأدنى من أجور السيارات العمومية وبالمسافات القريبة تتجاوز راتب عامل حر أو موظف رسمي ليوم كامل.

قانون السير والمركبات رقم 31 للعام 2004 والمعدّل بالمرسوم التشريعي رقم 11 للعام 2008 ومن ثُمّ عام 2010 يقضي بمخالفة من يتجاوز الأجرة المحدّدة رسمياً، أو من يضع العداد بمكان مخفي، وذلك بتوقيف السائق وتقديمه للقضاء لمعاقبته بالسجن من عشرة أيام إلى الشهر مع حجز السيارة وفرض غرامة مالية مقدارها 15 ألف ليرة سورية بالإضافة لحسم 8 نقاط من بطاقته.

السائق (ن ، ك) برر لـ "اقتصاد" تجاوز التسعيرة الرسمية بأسباب عديدة بدأت بالازدحام المروري، وكثرة الحواجز الأمنية، وارتفاع سعر البنزين وصعوبة تأمينه، وقيمة الرسوم العالية، وتغطية المخالفات، وأجور التصليحات الدورية من "دوزان وكهرباء" وأعطال أخرى، وتصاعد كبير بأسعار قطع التبديل، ختاماً بغياب كيان حقيقي مستقل مخصّص للسائقين يحفظ لهم حقوقهم من القوانين والأزمات والمخالفات العشوائية، ناهيك عن تكاليف المعيشة وارتفاع أجور المنازل وأسعار المواد الغذائية والدوائية.

تعرفة السيارات العمومية قبل العام 2011 كانت بين 50 و 100 ليرة لمسافة متوسطة، وتصاعدت وفقاً لتصاعد تكاليف المعيشة وانخفاض الدخل وهبوط قيمة الليرة سورية أمام العملات الصعبة خارجةً عن الضوابط بشكلٍ مُعلن، وفي منتصف العام الماضي 2018 شكّل مجلس محافظة دمشق لجنة لدراسة تعديل عدّادات السيارات العمومية، على أن تكون فتحة العداد لمسافة واحد كيلو متر 60 ليرة سورية، وكل 400 متر 40 ليرة، وكل دقيقة انتظار 16 ليرة، علماً أنّ فتحة العداد منذ مطلع العام 2015 بحدود 31 ليرة، وكل 400 متر 19 ليرة فقط، وما زالت الدراسة قائمة حتّى لحظة نشر هذا التقرير.

بالعودة إلى السيدة "ليلى"، فقد أشارت أنّه وبالرغم من وجود حوالي 23 ألف سيارة عمومية تعمل في دمشق إلّا أنّها باتت حكراً على الطبقة "الملكيّة" فقط، في حين عزف عنها بقيّة قاطني العاصمة المُنهمكين بتأمين أبسط مستلزمات الحياة اليومية، ليكون التزامهم بأوقات مواعيدهم الدراسية "العمل أو الدراسة" سيد الموقف، لاجئين للسير على الأقدام أو الدراجات الهوائية "استثناءاً" للمسافات القصيرة، أو راكبين باصات النقل العام المزدحمة والمُكدّسة، هاربين ولا بد من أهواء سائقي السيارات العمومية وتكلفتها العالية، في ظلّ غياب الميزان القانوني العادل الذي من المفترض أن يلتزم به الجميع.

ويبلغ سعر ليتر البنزين "اوكتان مدعوم" في العاصمة دمشق 425 ليرة بعد أن كان قبل آخر ارتفاع منذ ثلاثة شهور بـ 375 ليرة، و"اوكتان غير المدعوم" بـ 550 هابطاً عن 600 ليرة، والبنزين المدعوم للسيارات العمومية بـ 225 ليرة سورية على أن لا يتجاوز قدر التعبئة 350 ليتراً كلّ شهر.

ترك تعليق

التعليق