رغم صعوبته.. السفر إلى اليونان، خيار لبعض السوريين بعد الحملة في اسطنبول


"هي محاولة واحدة إن نجحت وصلنا إلى اليونان وإن لم تنجح فالعودة إلى سوريا باتت أفضل"، جملة قالها "محمد"، ابن حي القابون، الذي اضطر لإغلاق محله التجاري في منطقة "ميدان اسنيورت" بعد الحملة الأخيرة في مدينة اسطنبول التي استهدفت الأجانب المخالفين.

"محمد" روى لـ "اقتصاد" تفاصيل ما جرى معه خلال تلك الحملة وما دفعه للعزم على مغادرة تركيا، فقال: "قمت بتسليم وثيقة التسجيل الأولي التي كنت قد حصلت عليها من ولاية اسطنبول عند معبر باب الهوى بعد أن توجهت إلى سوريا لأعبر أنا وزوجتي مجدداً إلى تركيا بعد عدة محاولات فاشلة خاضتها وحدها للعبور".

"بعد أن عبرت إلى تركيا وتحديداً في مطلع العام الحالي صدر عفو بحق من قاموا بتسليم بطاقات حمايتهم تحت بند العودة النهائية إلى سوريا مقابل عدم دخول الاراضي التركية مدة 5 سنوات".
 
العفو سمح لهؤلاء باستخراج بطاقات حماية مجدداً من الولايات التي استخرجوا منها البطاقات أساساً أو من ولايات أخرى.
 
"محمد" سارع فور صدور القرار بالذهاب إلى شعبة الأجانب في منطقة بيازيد في القسم الأوروبي من اسطنبول حيث استطاع بالفعل الحصول على وثيقة جديدة تمكن من خلالها من فتح عدادات الماء والكهرباء والغاز في منزله إلا أنه فوجئ بعد شهرين من استصدار تلك الوثيقة بإيقاف القيد الخاص به من قبل شعبة الأجانب.

"محمد" ذهب عدة مرات إلى تلك الشعبة بعد إيقاف القيد محاولاً فهم ما جرى إلا أن الحرس المتواجدون عند الباب كانوا يمنعونه من الوصول حتى إلى الموظفين في الداخل، دون توضيح السبب.

بعد الحملة الأخيرة التي شهدتها مدينة اسطنبول اضطر "محمد" لإغلاق مطعمه في منطقة ميدان اسنيورت لعدم امتلاكه بطاقة الحماية المؤقتة وهو ما يقف عائقاً أمام متابعة العمل حيث يتوجب وجود تلك البطاقة من أجل معاملة الترخيص.

"محمد" قال: "خسائر المطعم تجاوزت 90 ألف ليرة تركية بسبب الحملة حيث اضطررنا لعرض المطعم للبيع بسعر يقل بكثير عن الذي أُخذ به".

تلك الحوادث المتتالية كانت سبباً في اتخاذ "محمد" قرار الخروج بطريقة غير شرعية باتجاه اليونان عبر البحر حيث تبلغ تكلفة السفر للشخص الواحد 1000 دولار كما قال "محمد"، أي أن الرحلة باتجاه اليونان فقط ستكلفه ما يزيد عن 2000 دولار بسبب تكاليف الانتقال بين اسطنبول وازمير وتكاليف السفر الجانبية، أما الرحلة من اليونان باتجاه العمق الأوروبي فإن معالمها غير واضحة بعد كما قال "محمد".

"أبو محمد الشامي"، ناشط إعلامي سابق في حي القابون، يقيم في ازمير، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "تزايدت أعداد السوريين الوافدين إلى إزمير في الفترة الأخيرة خصوصاً بعد الحملة، بغية السفر باتجاه اليونان".

 وأكد أحد أقرباء "أبو محمد" المقيمين في اليونان تزايد أعداد السوريين بوضوح في الفترة الأخيرة في العاصمة أثينا رغم صعوبة الطريق.

"أبو محمد" أكمل قائلاً: "معظم الواصلين حديثاً كانوا ممن سلكوا الطريق البحري للعبور حيث بات العبور من الطريق البري الذي ينطلق من ولاية ادرنة التركية أمراً مستحيلاً. لا يعني هذا أن الطريق البحري سالك وسهل للعبور إلا أن نسبة النجاح في الوصول منه تعتبر أكبر من نظيره البري".

في ظل تزايد الطلب على السفر باتجاه اليونان ارتفعت الأسعار التي بات يطلبها المهربون مقابل العبور بحراً إلى أحد الجزر اليونانية فقط، حيث بلغ متوسط السعر 1000 دولار إلى إحدى تلك الجزر في حين يتوجب على المسافر بعدها إما انتظار السلطات اليونانية لإعطاءه ما يسمى "الخارطية" لإكمال طريقه باتجاه العاصمة أثينا ومن ثم باتجاه العمق الأوروبي، أو الخروج بطريقة غير شرعية مرة أخرى من الجزيرة باتجاه العاصمة، وهو ما يكلف مبلغاً مشابهاً للمبلغ المدفوع مقابل الوصول إلى تلك الجزيرة، إضافة إلى كونه أمراً صعباً للغاية نظراً لما تفرضه السلطات اليونانية من إجراءات أمنية مشددة.

يذكر أن السلطات التركية تقوم بترحيل من يلقى القبض عليه من الشباب محاولاً السفر باتجاه اليونان بطريقة غير شرعية في حين تترك العائلات للعيش داخل أراضيها.

ترك تعليق

التعليق