حقائق ومبالغات.. حول ظاهرة ارتفاع إيجارات المنازل في المناطق الحدودية بإدلب


قال ثلاثة نازحين فروا من القتال المحتدم جنوب آخر جيب يسيطر عليه الثوار شمالي سوريا، إنهم اضطروا لدفع مبالغ كبيرة لاستئجار منازل في المناطق المستقرة شمالي إدلب، لكن هذه المبالغ لم تصل إلى الأرقام الباهظة التي تغص بها مواقع التواصل وأحاديث السكان.

وتواصلت عمليات النزوح بكثافة مرتفعة جداً عشية تهاوي هدنة لم تستمر أكثر من يومين أعلنت عنها الدول الضامنة لـ(أستانة 13)، وهو ما خلق أزمة سكن في المناطق الشمالية لمدينة إدلب المكتظة سابقاً بالسكان.

وقال "صفوان سيد يوسف" وهو من سكان منطقة قاح على الحدود السورية-التركية ويمتلك ثلاثة بيوت كسوة ممتازة وأقل منزل يضم ثلاث غرف ومنتفعات بحالة جيدة جداً، "لم أرفع الإيجار. كنت أتقاضى مبلغ 75 دولار ولا أزال".

وقال أحد المهجرين الثلاثة ويدعى "محمد الصالح" وهو من خان شيخون، إنه عثر على منزل مكون من غرفتين وصالون بإيجار شهري 150 دولار تدفع لثلاثة أشهر مقدماً مع دفع 200 دولار كمبلغ تأمين و75 دولار كوميسون للمكتب العقاري الوسيط بين طرفي عقد الإيجار.

وقال مهجر آخر إن سقف الإيجارت التي سمع عنها في المنطقة لم تتجاوز الـ 200 دولار. لافتاً إلى أن المنازل الفارغة قليلة جداً.

وتداول نازحون ومدونون على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" صوراً ملتقطة لمحادثات واتساب لمهجرين يتحدثون عن ارتفاع إيجار المنازل لحدود الـ 400 دولار شهرياً عن المنزل الواحد. وهو ما أثار حالة من التشكي وصلت إلى درجة شتم سكان المناطق الحدودية.


ولا يمكن التأكد من صحة هذه المحادثات. لكن يبدو أن أزمة السكن الخانقة في المناطق الحدودية أسالت لعاب البعض ممن لا يزالون يملكون منازل فارغة دفعتهم إلى رفع سقف الإيجارات والمطالبة بأسعار باهظة.

إلا أن هذه المعلومات غير موثقة تماماً.

وأصدرت حكومة "الإنقاذ"، التي تدير إدلب، قراراً يسعى إلى ضبط "حالة الفوضى في الإيجارت.. منعاً لاستغلال الإخوة المهجرين".

وقضى القرار بتمديد عقود الإيجار حكماً، طالما أن الأسباب الموجبة للتعاقد ما زالت قائمة بين الطرفين.

وحدد القرار سقف الإيجار بالأسعار التي كانت سائدة في شهر "شعبان" الفائت، أي قبل موجة النزوح الأخيرة.

ودعا القرار أصحاب المكاتب العقارية إلى مصادقة عقود الإيجار من قبل المجالس المحلية في المنطقة.

وأكد القرار أن على أصحاب البيوت الفارغة تأجيرها وفتحها للمهجرين أو توكيل من يقوم بذلك نيابة عنهم تحت طائلة التأجير الجبري بأجر المثل.


واستنكر "صفوان سيد يوسف" الحملة الواسعة التي يشنها رواد وسائل التواصل الاجتماعي على سكان مناطق مثل قاح وأطمة وسرمدا والدانا وسلقين، وجميعها مناطق حدودية مكتظة بالسكان. معتبراً أن ندرة البيوت الفارغة ساهم في إيجاد نوع من المعلومات وتعميمها على سكان المنطقة.

وقال صفوان: "الموضوع صار قديم. وهو لبث الفتنة بين أهالي إدلب. نعم هناك قلة ضعيفة النفوس تتاجر بالنازحين". وتابع: "لسنا جميعاً نفعل ذلك".

وقال "محمد الصالح" إنه استأجر منزلاً في بلدة باتبو بريف إدلب الشمالي بمبلغ 40 ألف ليرة منذ شهرين وعند حلول الشهر الماضي رفع صاحب البيت سعر الإيجار إلى 50 ألف ليرة ما اضطره لمغادرة المنزل والبحث عن مأوى جديد.

وأكد أن الأسعار غير منضبطة وهي إلى ارتفاع متواصل.

وقال الطبيب "مأمون نجم" وهو أحد المهجرين الثلاثة، ويعمل لدى المجلس المحلي لمدينة خان شيخون وقد نزح مؤخراً نحو مدينة إدلب، "هنا في المدينة الأسعار لم تتغير كثيراً أنا أدفع مبلغ 35 ألف ليرة كإيجار شهري وأعطيت المكتب العقاري مبلغ 25 ألف ليرة لمرة واحدة".

ولفت نجم إلى أن الأسعار كلما اتجه المرء صوب الشمال تصبح مرتفعة. وأكد قائلاً "أعرف من استأجر منازل في تل الكرامة جنوبي مدينة الدانا بمبالغ لا تقل عن 150 دولار شهرياً للبيت الواحد".

وقال: "العالم مستوية (فقيرة جداً) وما معا حق أكل والله يكون في العون".


ترك تعليق

التعليق