ثلاث قصص لسوريين يقعون ضحايا جوازات سفر وإقامات أوروبية مزوّرة، في مصر


مع توالي الضغوط التي يتعرض لها السوريون في بلدان لجوئهم وفي رحلة بحثهم عن الاستقرار، وتحقيقاً لحلمهم في الهجرة، يتجه قسم منهم للبحث عن وسائل تمكنهم من ذلك، والتي عادة ما تُوقعهم، عن وعي أو قلة وعي، في شرك من يستغل حاجتهم، ويزوّر لهم أوراقاً وثبوتيات تضعهم في مشكلات قانونية كبيرة، وتستنزف مواردهم ومدخراتهم المادية، وقد تنتهي بهم إلى التوقيف والاعتقال، وتوجيه تهم جنائية بالتزوير وأحياناً تصل إلى ترحيلهم من البلد التي يقيمون فيها.

يعرض "اقتصاد" في هذا التقرير ثلاث قصص مختلفة لسوريين وسوريات مقيمين في مصر، تعرضوا لحالات نصب واحتيال من سماسرة في تركيا ومصر، خلال الشهر الماضي، ليتم توقيفهم على إثرها في المطار، ويُحالون إلى المحاكم بتهم تزوير، بانتظار قرار المحاكم المصرية في قضاياهم.

القصة الأولى.. طبيب سوري، وإقامة مزوّرة في هولندا

تحدثت شقيقة طبيب سوري إلى "اقتصاد"، وشرحت لنا قصته بهذه العبارات: "أخي طبيب سوري درس وتخرج من الجامعات المصرية، ولعدم تمكنه من العمل بمهنته بعد التخرج بدأ بالبحث عن وسيلة تمكنه من السفر إلى أوروبا، ومن خلال تواصله مع أحد أصدقائه المقيمين في تركيا نصحه بالتواصل مع سوري آخر يستخرج إقامات أوروبية صحيحة على حد قوله".

وتكمل محدثتنا: "بالفعل تواصل أخي مع هذا الشخص وشرح له أن الإقامة نظامية وأنه سيستخرجها له بناء على عقد عمل، وأنه يمكنه السفر بموجبها إلى هولندا بتكلفة 8 آلاف يورو، سيستلمها هذا الشخص من أخي فقط حينما يسلّمه الإقامة. وهذا ما حصل. وبعد أن استلم أخي بطاقة إقامة منفصلة قام بحجز تذكرة طيران إلى هولندا للسفر في بداية شهر تموز الماضي، عبر مطار القاهرة، معتقداً أن الإقامة التي استلمها صحيحة. ويوم السفر تم توقيفه في المطار وبعد الكشف عن الإقامة أبلغوه أنها مزوّرة، وتم تحويله إلى النيابة العامة التي وجّهت له تهمة التزوير وقررت إخلاء سبيله، ومن ثم تم تحويل ملفه إلى الأمن. وبعد توقيفه لأكثر من شهر، صدر قرار بترحيله، على الرغم من حيازته إقامة سارية في مصر. وعائلتنا جميعها مقيمة في مصر. ونحاول الآن عبر مفوضية اللاجئين العمل على إخلاء سبيله، قبل الترحيل، كونه مُسجلاً كلاجئ فيها. وفي حال عدم نجاح جهودنا، لا يستطيع أخي العودة إلى سوريا كونه مطلوب للخدمة العسكرية، ولا يوجد بلد آخر يقبل استقباله، ولا نعرف ما الذي يجب أن نفعله".

القصة الثانية.. سيدتان سوريتان بفيزا مزوّرة إلى فرنسا

يحدثنا ابن السيدة الموقوفة في مطار القاهرة عن تجربة والدته بالقول: "والدتي وأختي تقيمان لوحدهما في مصر، وأنا أقيم في ألمانيا. حاولت كثيراً تقديم طلب إعادة توطين عبر مفوضية اللاجئين، وفي كل مرة يكون جوابهم أنه لا يحق لهما تقديم طلب وأن الاختيار يتم عبر المفوضية حصراً للملفات المرشحة للسفر. وبدوري حاولت تقديم ملفهم في ألمانيا ولكن لم أنجح في ذلك".

يكمل محدثنا: "خلال هذه الفترة وعن طريق أحد الجيران تعرفت والدتي على شخص سوري ادعى أنه يستطيع عن طريق مكتب سياحة وسفر بالزمالك تأمين فيزا سياحية لهما إلى فرنسا مقابل 15 ألف دولار عن كليهما، وأن الفيزا نظامية مئة بالمئة على حد زعمه، وبالفعل سلمته والدتي جوازات السفر وبعد شهر أعادهما لها وعليهما فيزا سياحية إلى فرنسا. وقبل عيد الأضحى بيومين، حجزتا تذاكر طيران إلى فرنسا، وبعدما وصلتا إلى المطار، وعند الكشف على الجوازات، أبلغهما الضابط أن الفيزا مزوّرة ليتم تحويلهما إلى النيابة العامة التي قررت إخلاء سبيلهما. والآن تنتظران قرار الأمن، والذي قد يكون الإفراج عنهما أو الترحيل، علماً بأن والدتي عمرها سبعين عاماً، والشخص الذي استخرج لهما الفيزا متوارٍ عن الأنظار حاليا،ً ولا نعلم شيئاً عنه".

القصة الثالثة.. خدمة تحولت إلى كارثة

لم يكن يعلم "أبو وليد" أن خدمة طلبها منه أحد السوريين المقيمين في تركيا ستتحول إلى كارثة بالنسبة له. ويحدثنا ابنه عن التفاصيل: "قبل أسبوع من الآن وأثناء سفر والدي إلى تركيا طلب منه أحد معارفنا خدمة بأن يوصل جوازات سفر إلى أقاربه في مصر للسرعة، وتوفيراً لمصاريف الشحن، وبالفعل وافق والدي على ذلك وعند وصوله مطار القاهرة وأثناء تفتيشه وجد الضابط معه ثلاثة جوازات سفر أوروبية، ولدى سؤاله عنها روى له القصة وبأن صاحب الجوازات ينتظره في قاعة الانتظار لاستلامها منه، وأنه قَبِل مساعدتهم كخدمة لا أكثر، ولا يعلم إن كانت الجوازات صحيحة أم مزوّرة".

ويكمل محدثنا: "بعدها ترك الضابط والدي، وبعد خروجه من المطار كان ينتظره صاحب الجوازات ولدى تسليمه إياها، قامت الشرطة بتوقيفهما وتحويلهما إلى النيابة. وحتى الآن مازال والدي موقوفاً بانتظار قرار المحكمة مع صاحب الجوازات".

الرأي القانوني

لمعرفة الرأي القانوني في هذه الحالات، التقى "اقتصاد" بالمحامي المصري عصام حامد، والذي حدثنا: "النتائج القانونية في هذه القضايا كارثية تصل إلى جريمة التزوير والتي تصل عقوبتها إلى حبس 3 سنوات إضافة إلى صدور قرار ترحيل في بعض الحالات، وبعد أن يتم توقيف المتهمين يحالون إلى النيابة العامة التي تطلق سراحهم بكفالة مالية أو بضمان محل الإقامة، وهنا لا تنتهي القضية ولكن يتم متابعة إجراءاتها دون توقيف المتهم إلى حين صدور القرار النهائي بالقضية. ولكن على اعتبار المتهمين أجانب في هذه الحالة يتم تحويلهم إلى الأمن الوطني ويعود له القرار في وجوب مغادرتهم البلاد أو اطلاق سراحهم، وكون التزوير يعتبر جريمة تمس بالدولة، فهناك احتمال كبير بصدور قرار بترحيلهم إن لم يكن لديهم إقامة سارية في مصر أو في حال كانت هناك إشكاليات معينة مع بعض الحالات".

ويختم حامد بالقول: "في الحالات السابقة أتوقع أن يتم إطلاق سراح السيدتين تقديراً لحالتهما، أما باقي الحالات فلا يمكننا الجزم بخصوصهما فهذا يعود للسلطة التقديرية للجهة صاحبة الاختصاص. وأنصح أخوتنا السوريين بالحذر من التعامل بهذه الأمور، وأي فيزا حتى تكون صحيحة لابد أن يتم استلامها باليد من السفارة التي تصدرها، أما الإقامات الأوروبية فلا يمكن أن تكون صحيحة بالمطلق بدون أن يقيم الشخص بتلك الدول فعلياً ويستخرجها بنفسه".


ترك تعليق

التعليق