ارتفاع المهور.. يثير سخرية وأوجاع السوريين


آثار الحرب الشاملة التي شنها النظام على السوريين طالت كل جوانب حياتهم، وجعلت منها جحيماً فاق القتل الجسدي ووصل إلى قتلهم روحياَ ومعنوياً، وبات على الشاب السوري أن يبحث عن فرصة عمل ليبقى على قيد الحياة، وأما التفكير في المستقبل وتأسيس أسرة فهذا يحتاج إلى معجزة مالية أو حظاً استثنائياً.

المهور.. نار

الحالمون ببناء أسرة وتأسيس منزل من الشباب السوري ليس لهم إلا الدعاء لرب العالمين ببعض الحظ أو التوفيق غير العادي، وهذا يعني إما قريبة تبحث عن (السترة) وترضى بالقليل أو أن يحظى بوظيفة تدر عليه مئات الألوف من الليرات وهذا طبعاً ليس متوفراً إلا في الانتماء إلى عصابة أو السرقة تحت تهديد السلاح بالانضمام إلى ميليشيا مسلحة.

ببساطة الوظيفة التي تبدأ بـ 15 ألف ليرة وتنتهي بـ 40 ألف لا يمكن أن تصنع مستقبلاً أو تشتري خاتم خطبة، وأما الزواج فيعني أن تقدم مهراً له مؤخره ومقدمه وفي أدنى االحالات يبدأ - بحسب المدينة والعادات- ليس بأقل من 300 ألف ليرة ومثلها مؤخراً مع ذهب ولباس قد يصل بالمبلغ المطلوب تأمينه إلى أكثر من 500 ألف ليرة.

تصنيفات ساخرة

صفحة محلية تدعى "دليلك في قدسيا" طرحت مثاًلاً ساخراً لتوزع المهور حسب الأحياء الدمشقية فعلى سبيل المثال: "أبورمانة، المالكي، تنظيم كفرسوسة، (من 3 مليون حتى 10 مليون) حسب الحارة والشارع- المهاجرين، المزرعة، برنيه، الميسات، المزة، مشروع دمر، التجارة (من 2 مليون حتى 5 مليون)- الميدان، البرامكة، الاطفائية، مجتهد، باب مصلى، شارع بغداد، دمشق القديمة، ركن الدين، مساكن برزة (من 500 ألف وحتى 2 مليون).

أما في الأرياف والأحياء الفقيرة فمثالها: "نهرعيشة، دحاديل، كفرسوسة، قدسيا، الهامة، دمر البلد، مزة بساتين، من 200 ألف- ضاحية قدسيا تتفاوت الأسعار حسب الجزيرة".

الأمر الذي يبدو ساخراً هو الحقيقة بعينها وإن كانت بقالب هزلي، لكنها مؤلمة، لذلك يقول "محمد . س" لـ "اقتصاد": "أغلب الشباب عدل عن موضوع الزواج لأن الأمر مكلف جداً، والعائلات تطلب مهوراً كبيرة ولا تقدر ظروفنا وواقعنا المؤلم".

"بسام"، شاب من ريف دمشق الغربي، يقول لـ "اقتصاد": "أنا أرى أن الزواج انتحار للمستقبل، وبعيداً عن المهور التي تصل للملايين، وعدم الرحمة يمكن أن يستدعيك النظام إلى معركة تنتج أرملة وولداً يتيماً".

عروض خارجية

هناك زواجات تأتي من باب الفرج كما يقول "أبو يونس"، ولديه ابنتان لهما أقارب في السعودية تمت خطبتهما وزواجهما بأيسر الطرق: "وكتب كل عريس 3 ملايين بين مقدم ومؤخر، ونصف مليون ذهب ومثله لباس بدن".

أحد المتحدثين لـ "اقتصاد" تحدث عن تجربة ابنتي أخته اللتين تزوجتا لشبان سوريين مقيمين في تركيا: "ابنتا أختي تزوجتا لتركيا.. مهر الأولى كان ٥٠٠ ألف مقدم و ٥٠٠ ألف مؤخر لكن غير مقبوض ومعدل لبس البدل ٣٠٠ ألف مقبوض".

نفس الشخص لديه رواية أخرى عن سيدة أربعينية تزوجت بمهر 200 ألف ليرة وغير مقبوض، و"لباس بدن" 75 ألف ليرة.

سخرية مرّة

المعلقون على منشور الصفحة المحلية تفاوتت تعليقاتهم بين ساخرة وساخطة فعلق أحدهم من واقعه المرير: "منلاقي شي بنت رخيصة و كويسة وبنت عالم و ناس بشغلة 100 ألف الحيلة والفتيلة".

آخرون استغربوا هذه الأرقام الكبيرة ورأوا أنها مبالغ فيها: "شو عم تشتري البيت ولا البنت".. ورأى آخر أن القصة باتت تجارة للأهل ببناتهم: "هي تجارة واضحة وحرام شرعاً".

ترك تعليق

التعليق