رغم بتر قدمه.. نازح من تدمر، يتحول إلى أشهر مصلح للكهربائيات في الباب


"رابح السليم"، نازح سوري من مدينة تدمر، أصيب جراء شظايا صاروخ أطلقته طائرة للنظام منذ سنوات، مما أدى إلى بتر قدمه اليمنى من الحوض، ولكنه لم يستكن لواقعه أو ينزوي في زوايا اليأس أو القنوط، ولم يرضَ أن يكون حرفاً ناقصاً في دفتر الحياة، بل عمل جاهداً على إثبات ذاته بالعمل والعطاء والتشبث بإرادة الحياة، فافتتح محلاً لصيانة الراديو والتلفزيون وكافة الأجهزة الكهربائية في مدينة الباب التي نزح إليها قبل سنوات، مستعيضاً بيديه عن قدمه التي فقدها وكانت تعينه في عمله السابق في تمديد الكابلات الكهربائية.

وينحدر السليم من مدينة تدمر (شرق حمص)1٩٨٠، درس في معهد متوسط باختصاص كهرباء، وعمل كموظف في محطة تحويل الطاقة الكهربائية لسنوات قبل أن تجبره الحرب على النزوح.

 وروى رابح أنه كان على رأس عمله عند دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى مدينة تدمر، كأغلب الموظفين، إلى أن أصيب بتاريخ 17/2/ 2016 جراء صاروخ أطلقته طائرة للنظام أثناء عودته من عمله في ساحة المتحف، وبُترت قدمه اليمنى بكاملها على الفور، ونزح مع أهله باتجاه مدينة الرقة وهناك عاش ظروفاً صعبة، ولأنه فقد إحدى قدميه اللتين كانتا تعينانه في عمله بمد الكهرباء المنزلية وصعود السلالم وأعمدة الكهرباء، بات عليه أن يستعيض عنها بيديه، فبدأ يعمل في فك أجهزة الراديو والتلفزيون وشواحن الكهرباء والأمبيرتيرات والأجهزة الليزرية، فكان–كما يقول لـ"اقتصاد"- يبحث عن الأجهزة المعطلة بمنزله ومنازل جيرانه ويحاول تصليحها على سبيل التجريب، لأنه لم يكن يمتلك خبرة سابقة في هذا المجال، وخلال أربعة أشهر تمكّن من تعلم مهنة صيانتها بشكل جيد وذاع صيته في مدينة الرقة.


بعد سنتين من مكوثه في الرقة تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وفي ظل أوضاع صعبة من عدم توفر فرص العمل والتقييد والغلاء، اضطر "رابح السليم" للخروج من المدينة مع زوجته وأولاده الثلاثة ووالده ووالدته باتجاه مناطق سيطرة الجيش الحر عبر مسارب التهريب، ولدى دخولهم إلى مناطق سيطرة الأكراد تم إدخالهم-كما يروي- إلى "مخيم عين عيسى" ولكن المليشيات الكردية لم تلبث أن أمرتهم بالخروج منه فتوجهوا –حسب قوله- إلى أول منطقة محررة تقع تحت سيطرة الجيش الحر وهي منطقة الباب، وذلك لعدم توفر مبالغ للوصول إلى مناطق أخرى بعد أن دفع أموالاً طائلة في رحلة نزوحه الثانية.


بعد أيام من وصوله إلى الباب بدأ رابح بالبحث عن عمل يعتمد على مهارة اليد بعد أن فقد القدرة على الاعتماد على قدمه، فاستأجر محلاً قريباً من منزله لصيانة أجهزة الراديو والتلفزيون التي تعلمها بشكل تلقائي من أجل تأمين مصدر رزق يقيه ذل الحاجة والسؤال في ظل ظروف اللجوء.

 وإضافة إلى إصلاح أجهزة الراديو والتلفاز، يعمل رابح على صيانة كل القطع الكهربائية مهما كان نوعها ويعيدها إلى حالتها التي تم شراؤها بها، حسب وصفه.


 وكشف النازح التدمري أنه يقوم بإصلاح القطع التي تحتاج إلى كوي لحام بالإضافة إلى الشواحن الصغيرة التي لا تحتاج إلى قطع، وذلك بأسعار رمزية، وبشكل مجاني في كثير من الأحيان–كما يؤكد-، وخاصة للنازحين من كل أنحاء سوريا، بالإضافة إلى مساعدة المرضى المحتاجين من نازحي تدمر على إجراء العمليات الجراحية وغيرها بدعم المغتربين من أهل تدمر في الخارج ومن تجار الباب، حيث تمكن مع عدد من الناشطين من مساعدة أكثر من 1200 عائلة بالمستلزمات الحياتية.


وعبّر النازح القادم من تدمر عن أمله بتركيب طرف صناعي لقدمه المبتورة من أعلى الركبة وهو غير متوفر في الباب؛ لافتاً إلى أن بتره من أول الساق اليمنى "مسح مع الحوض" ولذلك هناك صعوبة في تركيبه، مشيراً إلى أنه ركّب من قبل طرفاً ولكنه كان ثقيل الوزن ولم يتأقلم معه.


ترك تعليق

التعليق