ساحة الساعة في وسط إدلب.. تتحول إلى مجموعة من المقاهي المصغرة


على مقاعد أنيقة من الخشب، يجلس العشرات بصحبة هواتفهم النقالة وكؤوس المشروبات الساخنة، شاي، قهوة، وفي كثير من الأحيان يتحلق ثلاثة أو أربعة من رواد المكان حول إبريق من الماء الساخن مع "كاسات المتة" ذات اللون الأخضر الغامق.

مشهد يومي تعيشه "ساحة الساعة" إحدى أبرز المعالم وسط مدينة إدلب، حيث غدا المكان وسيلة للاستراحة وتشغيل الإنترنت كما استفاد منه صغار المستثمرين في الحصول على أرباح جيدة.

صيف العام 2017 قامت منظمة تدعى "بنفسج" وتعمل في مناطق سيطرة الثوار في الشمال الغربي لسوريا، بتأهيل ساحة الساعة ضمن مشروع أطلق عليه "المال مقابل العمل". أصلحت الساعة الكبيرة المطلة على المنطقة من برج مرتفع، كما رممت بركة المياه ذات النوافير، وجهز المكان بمقاعد من الخشب مطلية بألوان زاهية.

ومنذ الترميم وحتى اللحظة وفر المكان مساحة للتعارف بين أبناء المحافظات السورية وغدا أشبه بمجموعة من المقاهي الصغيرة التي توفر جميع المشروبات الساخنة من اسبرسو وشاي ونسكافيه ومتة وزهورات.


في زاوية مسقوفة ذات مقاعد مصفوفة على الجانبين، يجلس "أبو حبيب" مع عدد من أصدقائه. لم تعجب المتة أبو حبيب لأنها من نوع "خارطة خضراء". يقول "أحب ذات اللون الأبيض أما هذه فلا توافق مزاجي".

مع ذلك يضطر لشرب هذا النوع من المتة فـ "الجلسة جميلة والرفاق مجتمعون".

في مكان آخر في الساحة تجلس عدة نساء مع أطفالهن، تعبت النسوة من التجول في سوق الملابس المجاور، فآثرن الجلوس في الساحة لاحتساء مشروب بارد توفره الأكشاك الصغيرة المنتشرة في المكان.


ترتفع أصوات مجموعة من الشبان الوافدين من بلدة كفرنبل جنوبي إدلب وهم يجلسون بالقرب من بركة الماء. كان الحديث ساخناً حول الوضع الذي تعيشه إدلب وخطط النظام في التوغل باتجاه الطريق الدولي. لكن سرعان ما يأتي أحد الأصدقاء فيطلب الجميع قهوة سكر زيادة وينتهي الحديث بانشغالهم بتحريك السكر في فناجينهم الزجاجية مستخدمين أدوات مصنوعة من الخشب.

يبلغ سعر الكوب الواحد من المشروبات 100 ليرة، وبإمكان الزبائن الحصول على بطاقات نت تتراوح قيمتها بين 100 وحتى 500 ليرة بحسب حجم الباقة.

يقول "أبو عبدو" الذي يمتلك ماكينة لتصنيع القهوة تعمل على البخار "الوضع جيد جداً هنا.. المكان جميل وأنيق ويتوسط المدينة".

بأناقة وترتيب؛ اصطفت الكؤوس الفارغة فوق ماكينة أبو عبدو، على اليسار كان هناك دروج بلاستيكية مليئة بالقهوة والسكر ولوازم المهنة.


يضيف الثلاثيني الذي اختار العمل بهذه المهنة عقب تهجيره من بلدته بريف دمشق، "يجلس الزبون نصف ساعة أو أكثر. البعض يكون متعباً من التجوال في المدينة، وآخرون يواعدون أصدقاءهم، بينما يضطر البعض لإجراء مكالمات مستعجلة عبر الإنترنت فيقصدون هذا المكان".

ينتهي "أبو حبيب" ورفاقه من شرب القهوة لكن حديثهم المليء ياسترجاع ذكريات الماضي والمتعلق بمدينتهم بريف العاصمة لم ينته بعد. لذلك لا بد من طلب جديد والخيارات متنوعة.


ترك تعليق

التعليق