بعد عودتهم لتركيا.. سوريون يرجعون إلى ألمانيا، مجدداً


يقوم بعض اللاجئين السوريين، هذه الأيام، برحلة لجوء ثانية لهم إلى ألمانيا، بعد أن كانوا قد تخلوا سابقاً عن الإقامة في ذلك البلد الأوروبي، الذي شكّل الوصول إليه، حلماً للكثير من السوريين، في السنوات الخمس الماضية.

بعض هؤلاء كان قد خاض، منذ سنوات، غمار بحر إيجة والغابات الأوروبية، عدا عن إنفاقه آلاف الدولارات ودفعها للمهربين ثمناً لمكان له ولعائلته في قارب مطاطي في رحلة مجهولة قد تصل أو لا تصل بهم إلى بر الأمان على الجزر اليونانية، لتكون نقطة عبورهم باتجاه ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية.. إلا أن عدداً لا بأس به من اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا قرروا العودة فيما بعد إلى تركيا، لأسباب قد نورد منها على سبيل المثال وليس الحصر، صعوبة تعلم اللغة الألمانية، وعدم القدرة على التأقلم والاندماج في المجتمع الألماني، وهي الأسباب التي دفعت "عبدالله" -كما فضل أن نسميه- لكي يعود برفقة أطفاله وزوجته الحامل إلى اليونان ومنها إلى تركيا بشكل غير شرعي، في شهر كانون الثاني / يناير من العام 2018، بسبب صعوبة الحصول على فيزا للسفر إلى تركيا.

عبدالله الذي سبق وحصل وأفراد عائلته على إقامة الحماية الثانوية في ألمانيا، عمل بعد عودته إلى تركيا في أعمال البناء والإنشاءات وصيد السمك وغيرها من المهن والأعمال المتعبة، وقال في حديثه لـ "اقتصاد" إن وضعه المعيشي، في بداية الأمر، كان مقبولاً نسبياً، لكن سرعان ما ساءت أحواله بعد فترة، بسبب قلة الأعمال وعدم وفاء أصحاب العمل الذين كان يعمل لديهم بالأجور المستحقة له، وعدم تمكنه من مطالبتهم قانونياً بذلك، كونه يعمل لديهم بدون تصريح عمل.

وأضاف عبدالله أن سوء الأحوال المعيشية للسوريين في تركيا بشكل عام وحملات التضييق التي بدأت تلاحقهم، دفعته للتفكير جدياً بالعودة إلى ألمانيا، مجدداً، مهما كلفه الأمر، إلا أنه هذه المرة اصطدم بمعضلة أخرى وهي أن زوجته وضعت طفلاً في تركيا، وطفله ليس لديه إقامة ألمانية ولا وثيقة سفر، وهو ما دفعه كما قال، للتوجه لمطار استانبول بمفرده والسفر إلى ألمانيا والعودة إلى مكان إقامته في ولاية شمال الراين، بعد دفع مبلغ 2662 ليرة تركية، كمخالفة في مطار استانبول، إضافة إلى توقيعه على ورقة تنص على منعه من دخول تركيا لمدة عامين، وبذلك لن يستطيع زيارة عائلته التي قد تطول فترة إجراءات لم الشمل الخاصة بها، في ألمانيا.

أما "محمد"، فحالته تشبه إلى حد بعيد حالة عبدالله، إلا أن محمد، الذي عاد وحيداً إلى تركيا قبل ثلاثة أعوام بشكل غير شرعي أيضاً، عبر اليونان، بسبب عدم تأقلمه مع الحياة في ألمانيا، تزوج في تركيا، وأصبح لديه طفل، وأخبرنا في حديثه مع "اقتصاد" أنه بات اليوم يفكر جدياً في العودة إلى ألمانيا، كونه يسكن بجنوب تركيا، وفرص العمل قليلة، ولا يستطيع الانتقال لمدينة أخرى والبحث عن عمل جديد، بعد فرض الحكومة التركية قيوداً على السفر ونقل مكان الإقامة.

وكما عبدالله، الذي رغم عودته إلى تركيا، احتفظ بوثائق الإقامة والسفر، كذلك فعل محمد الذي مازال يحتفظ بوثيقة السفر الزرقاء الخاصة باللاجئين كونه سبق وحصل على حق اللجوء في ألمانيا، لكن معضلة محمد لا تكمن فقط بزوجته التي تزوجها بعد عودته وطفله المولود في تركيا، بل بوثيقة السفر التي يحملها والتي انتهت صلاحيتها، وهو ما يجعل عودته إلى ألمانيا عبر مطار استانبول أمراً مستحيلاً، وليس أمامه كما أخبرنا، سوى التفكير بخوض غمار البحر مجدداً للوصول لليونان، وبعدها مراجعة السفارة الألمانية لتسهل له إجراءات عودته إلى المانيا وبدء حياة جديدة، ومن ثم لم شمل عائلته.

بدوره "عبد الرحمن"، قال إنه شعر بالحسرة والندم بعد عودته من ألمانيا إلى تركيا، وخصوصاً بعد تدهور الظروف الاقتصادية للاجئين السوريين، وهو ما دفعه لخوض غمار رحلة العودة عبر طرق التهريب إلى ألمانيا مجدداً، بعد أن عادت تلك الطرق للنشاط في الفترة الأخيرة، وسجلت تصاعداً في أعداد اللاجئين القادمين من تركيا إلى الجزر اليونانية، وسط مخاوف أوروبية من تكرار ما حصل في العام 2015 بعد تدفق مئات الآلاف من اللاجئين إلى أوروبا، جزء كبير منهم، كان من السوريين.

ترك تعليق

التعليق