"حمشو" هو الصفقة.. وليس "الوز"


المبالغ التي تتحدث وسائل التواصل الاجتماعي عن قيام وزير التربية السابق "هزوان الوز" بسرقتها مع فريقه التربوي، والمقدرة بنحو 600 مليون دولار، هي أكبر من موازنة وزارة التربية منذ العام 2012 وحتى 2018، أي طوال فترة تولي "الوز" لمنصبه.. فهل يعقل أن يسرق وزير كامل مخصصات وزارته على مدى ست سنوات، ولا ينتبه إليه أحد..؟

هناك شيء غير معقول يجري على وسائل التواصل الاجتماعي التي تديرها أجهزة مخابرات النظام، ولا ينتبه إليه أحد، وهو أن مبالغ الفساد التي يجري تداولها، تعادل أكثر من نصف الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي كان موجوداً لدى النظام مع بداية الثورة، والمقدر بأكثر من 16 مليار دولار، وهي رسالة يريد النظام منها أن يقول للناس، بأنه لم يبدد أموال البلد على الحرب والتدمير، وإنما سرقها المسؤولون، مستغلين انشغال النظام بمحاربة "المؤامرة الكونية".

تعالوا لنبحث ماذا يوجد في وزارة التربية من أموال يمكن سرقتها..؟

هناك رواتب الموظفين والمدرسين، وهي في العادة يتم وضعها في البنك، مع بداية إقرار كل موازنة.. وبالتالي لا يمكن المساس بها.

المنفعة المالية الثانية في التربية، هي بناء وإصلاح المدارس، وهي مهام لا تضطلع بها وزارة التربية، وإنما الشؤون الفنية في المحافظات التابعة لوزارة الإدارة المحلية.

أما المنفعة الثالثة التي يجري الحديث عنها، ويتم اتهام وزير التربية بسرقتها، فهي عقود توريد أجهزة الكمبيوتر للمدارس.. فهل يعقل أن النظام اشترى أجهزة كمبيوتر بمبلغ 600 مليون دولار خلال ست سنوات..؟، من يصدق هذا الكلام..؟

للأسف أن الشعب السوري في أغلبه أصبح "بائساً"، ومهيئاً لتقبل مثل هذه الأخبار دون تدقيق أو تمحيص.. والمستفيد الأكبر من هذا الترويج هو بشار الأسد، مع أنه الفاسد الكبير والأوحد في هذا البلد.

هزوان الوز باختصار، ليس أكثر من مجرد شخص جرى اختياره بعناية، لكسر جرة الفساد في رأسه، بينما تقول الأنباء أنه غادر البلد وزوجته الروسية منذ عدة أشهر.

أما الشخص الثاني المقصود من هذه الحملة، فهو رجل الأعمال محمد حمشو، الذي سرب النظام وثائق تفيد بأنه هو من قام بتوريد أجهزة الكمبيوتر للمدارس، بالاتفاق مع وزير التربية، وبغض طرف من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، التي اكتشفت الأمر في وقت مبكر، لكن جرى إسكات رئيسة الهيئة التي تدعى آمنة الشماط، وتهديدها، من خلال ادعاء حمشو لامتلاكه نفوذاً لدى بشار الأسد.. وأنه قادر على الإطاحة بها في أي وقت.

إذاً، القصة أصبحت معروفة، أن النظام لا يستهدف "الوز" فقط، وإنما سلسلة طويلة من المسؤولين ورجال الأعمال، ممن يسيل الدسم من حولهم..

بالإضافة إلى أن هناك حنق كبير على رامي مخلوف ومحمد حمشو، من الشعب السوري، لا يقل عن حنقهم على بشار الأسد ذاته..

لأنه منذ ظهر هذا الرجل على الساحة أواخر التسعينيات، ونقصد حمشو، والنظام يوكل إليه كل الأعمال الوسخة والقذرة، وهو من جهته يؤديها بمنتهى المهارة..

إذاً، حمشو هو الصفقة، وليس هزوان الوز.. وبحسب التسريبات، فإنه الآن يجري مساومته، إما أن ينتحر أو يخرج بالثياب التي جاء بها أول مرة على الحياة..

ترك تعليق

التعليق