خسائر السعودية النفطية لن تعود بالفائدة على منتجي الولايات المتحدة


رغم تسبب هجمات السبت على منشأتين نفطيتين في السعودية بخفض إنتاج المملكة بمقدار النصف، يبدو منتجو النفط الأميركيون غير مستعدين ولا راغبين بسد الفراغ وانتزاع حصة جديدة في السوق.

وسمح ازدهار التنقيب عن النفط الصخري الذي يستخدم تقنيات حديثة لاستخراج كميّات هائلة من رواسب النفط والغاز من تشكيلات صخرية، بزيادة الإنتاج الأميركي بأكثر من الضعف ليصل إلى نحو 12 مليون برميل في اليوم خلال العقد الماضي.

وباتت الولايات المتحدة اليوم أكبر منتج للنفط في العالم وكثيراً ما تصدّر أكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم.

لكن لماذا لا تستغل الفرصة للتعويض عن النقص المفاجئ في وقت تتعافى السعودية من الهجمات التي توقف على إثرها إنتاج نحو خمسة بالمئة من الإمدادات العالمية؟

يجيب منتجون ومحللون على ذلك بالإشارة بأن الأمر ليس بهذه البساطة.

وكتب جيس ميرسر من شركة "إنفيروس" للمعلومات المرتبطة بالطاقة في مدونة أن الاحتفاظ بالقدرات الاحتياطية لحالات كهذه "يعني امتلاك حقول نفط موجودة أصلاً لا يتم استغلالها عمداً إلى أن تحتاج السوق إلى إنتاجها".

وأضاف "بكل بساطة لا تتم عمليات إنتاج النفط في الولايات المتحدة بهذه الطريقة"، بينما لا يمكن للمسؤولين الأميركيين إصدار أوامر في هذا الصدد.

وقال ميرسر إن "الإنتاج الأميركي يأتي من مئات آلاف الآبار المتفرقة التي تسيطر عليها مئات الشركات الخاصة والتي تطرح أسهمها للتداول العام".

وأوضح أن زيادة الإنتاج ستعني إنفاق المزيد على منصّات الحفر والفرق والبنى التحتية. وأكد أنه "لا يمكن القيام بأي من هذا بين ليلة وضحاها".

من جهته قال رئيس مجموعة "شيفرون" الأميركية مايك ويرث في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" إنه "لا يمكن الضغط على زر ورؤية مزيد من النفط يتدفق إلى السوق. يستغرق إقامة منصّات جديدة أشهراً" لإتمامه.

وأضاف أنه "لا يزال من المبكر تقييم تداعيات الهجوم على المنشأتين السعوديتين على السوق، إلا أن المعطيات الأساسية لم تتغير".

- خلل "قصير الأمد" -

ويؤكد هارولد هام من شركة "كونتينانتال ريسورسز" لإنتاج النفط في أوكلاهوما أن الخلل الذي طرأ على إنتاج النفط السعودي ليس إلا حدثًا طارئًا.

وقال لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية "نريد تلبية الطلب بكل تأكيد"، لكن حدوث "خلل أو حالات نقص قصيرة الأمد" لن يغيّر ميزانية الشركة السنوية. وأضاف "سنبقي الوضع على حاله في الوقت الراهن".

و قال آر تي ديوكس من "وود ماكنزي" للبحوث والخدمات الاستشارية لوكالة فرانس برس إن التوقعات بشأن الطلب لا تبدو متفائلة وسط مخاوف من أن يتسبب ضعف الاقتصاد بفائض بالإمدادات العام المقبل.

وأوضح أن ذلك لا يتغيّر بفعل "حادث قصير الأمد"، مضيفًا أن أي زيادة سريعة في الاستثمار "تحتاج لأسعار نفط مستدامة وأعلى بكثير مما هو الحال عليه الآن".

ويتحفّظ المنتجون الأقل حجمًا إذ يضغط الدائنون عليهم منذ عدة أشهر لخفض الإنفاق وزيادة إيراداتهم.

ورغم التباطؤ الذي شهده إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة، لا يزال في طور النمو. ويتوقع أن يصل إلى 13 مليون برميل في اليوم في الربع الأول من العام المقبل، مقارنة بنحو 11,8 مليون برميل في اليوم هذه السنة، وفق أرقام رسمية.

ومع تشغيل أنابيب نفط جديدة، تخلّصت البلاد من إحدى أبرز العراقيل في طريق زيادة الإنتاج -- غياب البنية التحتية لإيصال الخام من "برميان بيزن"، وهي منطقة غنية بالنفط تشمل أجزاء من تكساس ونيو مكسيكو، إلى خليج المكسيك.

مع ذلك، يشير ميرسر إلى أن سقف قدرات التصدير حاليًا في الموانئ الأميركية في خليج المكسيك يبلغ 4,5 مليون برميل في اليوم.

وأشار كذلك إلى التباين في التركيبة الكيميائية بين النفط الصخري المستخرج في الولايات المتحدة والبترول السعودي.

وبينما لا يتوقع المنتجون على المدى القصير زيادة الإنفاق الاستثماري، سيستفيدون مع ذلك من ارتفاع الأسعار التي قفزت بنحو 15 بالمئة الاثنين قبل تراجعها بشكل طفيف الثلاثاء.

وفي الوقت الراهن، يتوقع أن يساعد ارتفاع الأسعار على التخفيف من تداعيات أي انخفاض مستقبلي فيها.

ترك تعليق

التعليق