مخاوف ونفقات تواجه مستلمي الحوالات المالية في درعا


قالت مصادر تقيم في محافظة درعا، إنه على الرغم من التراجع الكبير في تجارة العملة، إلا أن الحوالات المالية المرسلة للسكان في المحافظة مازالت تتدفق، وإن كانت ليست بالحجم الكبير، الذي كانت عليه في الأعوام السابقة. ولفتت المصادر إلى أن استلام الحوالات، بات يلقى العديد من الصعوبات، نتيجة تناقص أعداد المكاتب العاملة في هذا المجال.

وتشهد عمليات تداول القطع الأجنبي وتصريف العملة في محافظة درعا منذ أواخر العام الماضي، تراجعاً ملحوظاً، وذلك نتيجة عزوف الكثير من تجار العملة ومكاتب التصريف، عن ممارسة هذا النشاط الاقتصادي الذي كان يحظى باهتمام كبير من الفعاليات التجارية، والتي كانت تتخذ منه عملاً تجارياً إضافياً مدراً للدخل خلال السنوات الثماني الماضية.

وعزت العديد من المصادر في درعا، تراجع الإقبال على هذا النشاط الاقتصادي من قبل تجار العملة، إلى المتغيرات الحاصلة على ساحة المحافظة، والتي يأتي في مقدمتها، إعادة سيطرة النظام على الجنوب السوري من جديد، وما رافق ذلك من رقابة صارمة بدأ يفرضها النظام على الأنشطة المالية المخالفة. يضاف إلى ذلك استحواذ مكاتب الحوالات المرخصة في مناطق النظام، على نسبة من الحوالات القادمة إلى درعا. ناهيك عن تأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، لا سّيما ما يتعلق منها بالقطاع المالي.

ويقول "محمد ، س"، 41 عاماً، وهو أحد العاملين في مكتب حوالات غير مرخص سابقاً، إنه توقف عن ممارسة هذا النشاط لعدم جدواه الاقتصادية في الوقت الحالي، نتيجة انحسار التعامل بالعملة الأجنبية بشكل كبير.
 
وأكد أن انحسار مكاتب الحوالات في بعض قرى وبلدات درعا، دفع بالأهالي إلى استلام حوالاتهم الشهرية، من مناطق أخرى، لم يدخلها النظام أو ماتزال سيطرته عليها محدودة، أو شكلية، مثل تسيل وطفس والمزيريب وتل شهاب ونوى، أو من مكاتب مرخصة في مناطق النظام بالنسبة لغير المطلوبين لأمن النظام.

فيما أشار إلى أن بعض الأهالي، يفضلون استلام مساعداتهم المالية، عبر أشخاص قادمين من الأردن، أو لبنان، أو عبر سائقي التكسي العاملين على الخطوط الدولية، كخيار بديل.

وأضاف أن أغلب الحوالات، التي مازالت تصل إلى المناطق المحررة سابقاً، تُسلّم بالليرة السورية، أو بالدولار، وذلك حسب رغبة صاحب الحوالة. فيما يتم استلام الحوالات في المناطق الواقعة تحت سلطة النظام الفعلية، كمدينة درعا مثلاً، بالليرة السورية حصرياً، وحسب سعر الصرف المعتمد في مناطق النظام.

انحسار مكاتب استقبال الحوالات وغيابها عن بعض المناطق زاد في نفقات استلامها، وتسبب في إرباك أصحاب الحوالات.
 
وفي هذا الصدد يقول الحاج "أبو سفيان"، 60 عاماً، وهو من ريف درعا الأوسط، "كانت الأمور سهلة سابقاً وكنا نستلم حوالاتنا من أي مكتب نتعامل معه في منطقتنا، دون أية تكاليف إضافية، أو إثباتات شخصية. أما الآن، فأنا مضطر للسفر إلى مناطق بعيدة عن سكني، للحصول على حوالتي الشهرية التي تصلني من أولادي".

وأشار إلى أنه لا توجد منطقة أو بلدة ثابتة، لاستلام حوالته منها بشكل شهري، لافتاً إلى أنه كل شهر يستلم حوالته من بلدة مختلفة، بسبب الاغلاقات المتكررة لمكاتب الحوالات، هنا وهناك، إما طوعاً أو خوفاً من الملاحقات الأمنية.

وأضاف أن سفره لاستلام حوالته الشهرية من بلدات أخرى، بات يكلفه أجور تنقل كبيرة، ويتطلب منه إظهار ثبوتياته، وتصوير هويته، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات لم تكن في السابق، عندما كان الاستلام يتم في بلدته.

وأوضح أن اسمه ورقم موبايله كانا كافيين لإثبات شخصيته، دون الحاجة إلى أوراق ثبوتية أخرى.

فيما أكد "صلاح ، س"، 50 عاماً، وهو من ريف درعا الشمالي، إنه بات يخشى الذهاب إلى أي مكان آخر، لاستلام حوالته الشهرية البالغة 150 دولار. وقال إن الطرق لم تعد آمنة في المحافظة، في ظل ما تشهده من انفلات أمني، موضحاً أنه بات يستأجر سيارة أجرة في الذهاب والإياب، ويدفع أجرة السيارة نحو 10 آلاف ليرة سورية مقابل ذلك، فيما كان في السابق يستلم حوالاته من الدكان المجاور لمنزله، دون عناء أو خوف، أو نفقات إضافية.

يشار إلى أن مناطق درعا المحررة سابقاً، كانت تعج بعشرات تجار العملة، وبمئات مكاتب الصرافة، وتبديل العملة غير المرخصة، التي كانت تستقبل ملايين الدولارات شهرياً، طيلة السنوات الثماني السابقة.

وكان هذا النشاط الخدمي التجاري قد حقق لممارسيه مصادر دخل جيدة، أسهمت في تحسين أوضاعهم المعيشية، إضافة إلى أن انتشار ممارسيه في معظم المدن والقرى والبلدات، أسهم في اختصار التعب والجهد والنفقات، على أصحاب الحوالات القادمة من المغتربين واللاجئين، إلى ذويهم في الداخل.

كما عززت الحوالات /100- 200 دولار شهرياً/ التي كانت تصل إلى أصحابها كل شهر، من صمود الأهل في الداخل، وأبعدت عنهم شبح الجوع، في وقت تلاشت فيه جميع المصادر المدرة للدخل، جراء حرب نظام الأسد على الشعب السوري.

ترك تعليق

التعليق