وهم الدعم.. المؤيدون يكذّبون رئيس حكومتهم، والمعارضون يأكلون الحصرم


ما زالت آلة النظام الإعلامية تروج لحكاية الدعم التي يقدمها النظام للمواطن السوري، وتنقل تصريحات مسؤوليه حول مسؤولية الدولة وسهرها على راحته، وتهديداتهم برفع الدعم بين الفينة والأخرى عندما تشتد الأزمات، أو مساومته على زيادة الرواتب مقابل رفع الدعم وهو ما كان جلياً وواضحاً في التصريحات الأخيرة لـ عماد خميس، رئيس وزراء النظام.

خميس اعترف بأن الراتب لا يكفي المواطن، وأما الطريقة في رفعه فهي في زيادة الإنتاج، مشيراً إلى أن الحكومة قادرة على زيادة الراتب ليصل إلى 200 ألف ليرة في حال تم رفع الدعم، ولكنه عاد إلى نغمة البقاء في خانة دعم المواطن كخيار حكومي، يُبقي الفساد والفقر في آن واحد.

أي دعم؟؟

سوريون انبروا إلى تكذيب حكاية رفع الدعم وهي بالأساس قد بوشر بها قبل ثورة السوريين، وكانت إحدى أسبابها، بعد الحيف الذي لحق بهم نتيجة رفع الدعم عن المحروقات وزيادة الأسعار، وفتح السوق للبضائع التركية والصينية، وإغلاق الكثير من الورش الصغيرة، وخصخصة التعليم والصحة.

أحد المعلقين على كلام خميس فند كذبة الدعم بالوقائع: "مازوت ماوزعوا وغاز مافي عند الموزعين عم تطرد الناس تشتري الغاز 6000 من سوق سوداء وراتب 35 الف يعني نحنا عم نشتري بلا دعم".

"أبو أحمد"، من سكان الريف الغربي لدمشق، قال لـ "اقتصاد": "مع بداية الشتاء ننتظر توزيع المازوت للتدفئة وحسب كلام الحكومة حصة المواطن 200 لتر لكن الحقيقة هي أنها قد توزع 100 لتر أو قد لا يصلك الدور، وبالتالي سنشتري الكالون بـ 8000 ليرة كما في السنوات الماضية.. عن أي دعم عم يحكي".

الزيادة.. وأسعار ثابتة

السوريّ يبحث عن حياة كريمة، وهذا يعني أن يشعر بالأمان الاقتصادي، وهذا ما لم تحققه حكومات البعث المتعاقبة. ويرى البعض أن زيادة الرواتب ورفع الدعم لن يشكلا أماناً حقيقياً في ظل هكذا سوق مفتوحة للاحتكار وعدم الرقابة.

البعض طالب بزيادة مشترطة في حال إلغاء الدعم: "انت لغي الدعم مافي مشكله لكن لا تترك العنان للأسواق لتحلق عاليا".. بينما يرى "مصطفى" أن إعادة القيمة الشرائية لليرة السورية قد يريح المواطن: "إذا استطاعت الحكومة تثبيت سعر الصرف على 200 ليرة، وتثبيت الاسعار بشكل معقول يمكن أن يتكيف المواطن مع دخله الشهري".

الدعم لمن يسرقه

تقول حكومة الأسد إنها تدعم قطاعات بعينها كالصحة والتعليم بمئات المليارات، بينما الوقائع على الأرض تشي بعكس ذلك من فساد بالمؤسستين المذكورتين، وخصخصة لأغلب قطاعاتهما.

في التعليم يتم التوجه نحو التعليم الخاص ودعمه مقابل إهمال التعليم الحكومي وإضعافه، ويعلق أحدهم على دعم التعليم ومستذكراً سرقة وزير التربية الأخيرة: "ايواااا متتدعمو قطاع التعليم بـ 400 مليار...وين الـ 350مليار هدووول مين سرقن".

في القطاع الصحي ارتفعت أجور المعاينات والعمليات، وأما المشافي الحكومية فهي للواسطات، وبهذا يقول "محمد . ز"، موظف في وزارة الزراعة، لـ "اقتصاد": "في السنوات الأخيرة الأولوية للعساكر والموالين والشبيحة وعائلاتهم، واليوم مع خفة المعارك الدور للمدعومين، وأما المواطن فعليه إما الانتظار أو الموت لأن أجرة العمليات الكبرى في المشافي الخاصة بالملايين".

تخفيض صرف الدولار

ويرى سوريون أن تخفيض قيمة صرف الدولار من شأنه أن يخفف من ارتفاع الأسعار، ولا يعطي الفرصة للتجار كي يرفعوها، وهذا إن تم يؤدي على المدى الطويل لتكيف المواطن.

وفي هذا الصدد علق أحدهم على كلام خميس: "مافي داعي نزلوا رواتب ١٠ الاف ليرة ونزلوا اسعار".. بينما يرى "خالد"، طالب جامعي، أن لا جدوى من كل هذه الحلول: "لا أحد يريد حل المشكلة الاقتصادية لأن هناك مخططاً مدروساً لإبقاء الناس على حافة الجوع، وفي كل فترة يتكرم علينا الرئيس وحاشيته ببعض الفتات".

المعارضون يأكلون الحصرم

في طرف المشهد السوري الآخر، وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة، لم يكن نصف السوريين على الأقل في حسابات النظام فقط من حيث أنهم خونة ويجب قتلهم، وذهبت قيمة الدعم من حساب كل السوريين إلى قتل نصفهم المعارض.

وفي مناطق المعارضة الآن، تدير الأقدار والتهريب وحسنات أهل الجوار، أوضاعهم الاقتصادية، وأما ليرتهم وحصتهم من الناتج الوطني فهي في مهب الريح ويصرفها النظام لإرضاء حلفائه، وحصصهم من وقود التدفئة والصحة والتعليم فتديره مجاميع الدعم والتمويلات الصغيرة، وتنقلوا خلال سنوات القهر بين المشافي الميدانية والكهوف والخيام والآن كثير منهم يقبعون تحت أشجار الزيتون بانتظار شتاء قادم.. وحصرم حامض إلى أن يشاء القدر.



ترك تعليق

التعليق