ما الذي حدث في اجتماع "شيراتون دمشق"؟.. تفاصيل يحصل عليها "اقتصاد"


قالت مصادر مطلعة لـ "اقتصاد"، بأن الاجتماع الذي جرى مساء يوم السبت، بين حاكم المصرف المركزي، ورجال الأعمال، واستمر لما قبل منتصف الليل في فندق الشيراتون بدمشق، كان مغلقاً، ولم يُسمح للصحافة حضوره وتغطية تفاصيل النقاشات، لكن بحسب ذات المصادر، فإن حاكم المركزي نقل لرجال الأعمال عن قيادات عليا في المخابرات والقصر الجمهوري، كلاماً قاسياً، مفاده "ادفع باللتي هي أحسن" أو "ادفع تسلم".

لذلك يروي أحد الصحفيين ممن كانوا ينتظرون على باب قاعة الاجتماع، أن رجال الأعمال كانت وجوههم "لا تُفسّر" عند نهاية الاجتماع، وكادوا يرتطمون ببعضهم البعض وهم خارجون، بينما الكثير منهم رفض إعطاء أي تصريح لوسائل الإعلام، وبالذات الأسماء الكبيرة، باستثناء معلومة أن سامر الفوز قرر دفع 10 ملايين دولار كدفعة أولى على الحساب، وعلى ما يبدو أن الفوز هو من طلب نشر هذه المعلومة بسرعة، بعدما انطلقت شائعات عن نية النظام الحجز على أمواله، ووضعه في السجن، في أعقاب الأغنية التي سمح النظام بتمريرها، وتصفه بالحرامي وتطلب من بشار الأسد محاسبته.

التصريحات التي استطاعت وسائل الإعلام أخذها، هي لرجال أعمال من الصف الثاني والثالث، والذين كشفوا، أنه تم الاتفاق مع المصرف المركزي، أن يقوم التجار بإيداع مبالغ بالدولار في الفروع التابعة للمصرف التجاري، والتي تم افتتاحها في تسع محافظات، على أن يتم تقييم هذه المبالغ بالليرة السورية، بسعر وسطي، بين سعر المصرف المركزي البالغ 435 ليرة، وسعر السوق السوداء البالغ أكثر من 630 ليرة، أملاً في ارتفاع الليرة السورية خلال أيام قليلة.

ونقل موقع "الاقتصادي" عن بعض التجار قولهم، إن الجميع سوف يدفع لدعم الليرة، دون تحديد للمبالغ، ولكن بحسب متابعين فقد جرى توزيع الدفع على التجار وفقاً لنظام الحصص، وكل بحسب الفائدة التي جناها خلال السنوات الثماني الماضية.

وتقول مصادرنا، إن حاكم المركزي، حازم قرفول، افتتح الاجتماع، بقراءة قائمة بممتلكات بعض رجال الأعمال الموجودين في الاجتماع، وأموالهم، قبل العام 2011 وبعدها، ثم عدد لهم المزايا التي حصلوا عليها والصفقات السوداء التي أنجزوها بغض طرف من النظام، وكأنه يحذرهم بأن ملفاتهم جاهزة للفتح في أي لحظة، والشعب في الخارج ينتظر هذه اللحظة التاريخية التي يستمع فيها لأخبار الإطاحة بهم، بل وسيخرج في مسيرات عارمة يشكر فيها "السيد الرئيس".

وبالعودة في القصة إلى بدايتها، نود التذكير بأن عملية ابتزاز رجال الأعمال، بدأها رئيس الوزراء عماد خميس، قبل نحو خمسة أشهر، عندما أصدر قراراً بعقد اجتماع أسبوعي مع أعضاء غرف التجارة والصناعة بحجة الاهتمام بمطالبهم وحل مشاكلهم..

ثم بعد ذلك أخذ خميس يتحدث صراحة عن أن النظام حقق جميع مطالب التجار ورجال الأعمال، وعليهم أن يردوا الجميل له، ثم راح يطالبهم بجلب أموالهم بالدولار من البنوك اللبنانية، ووضعها في البنوك السورية، مشيراً في الاجتماع الذي جرى في الشهر السادس من العام الجاري، أن لو كل رجل أعمال جلب 20 مليون دولار من أمواله ووضعها في أحد المصارف الحكومية، فإن أغلب مشاكل النظام الاقتصادية سوف تحل.. إلا أن رجال الأعمال لم يقرأوا في ذلك الوقت كلام خميس على أنه يحمل تهديداً مبطناً، وأنه يمكن أن ينتج عنه أفعال خطيرة.. لذلك قام التجار بإطلاق حملة لاستبدال 100 دولار بالعملة السورية من المصرف المركزي وفروعه في المحافظات..

وهنا عرف النظام أن التجار لم تصلهم الرسالة بشكل صحيح، لذلك انتقل في المرحلة التالية للحديث عن محاربة الفساد وأثرياء الحرب، وجعل وسائل الإعلام تتداول أن بشار الأسد جاد في الأمر، وهو لن يوفر أحداً، وليس لديه كبير ومقرب في هذا الموضوع، بما في ذلك رامي مخلوف ابن خاله.. لذلك أول ما بدأ بالبطش به، ومن أجل ألا يتساءل الآخرون: وماذا عن رامي مخلوف..؟

عندها أدرك رجال الأعمال، بأن الموضوع جدّي، وخصوصاً مع بدء النظام بتسريب قوائم وأخبار عن تجار ورجال أعمال ومسؤولين كبار في الدولة، ينوي الحجز على أموالهم، وإيداعهم في السجون..

لذلك أخذ التجار ورجال الأعمال يتراكضون مع مطلع الشهر الحالي.. ودعت غرفة تجارة دمشق قبل نحو أسبوعين إلى اجتماع عاجل لأعضائها، من أجل تدارس الموضوع، وتوصلت في حينها إلى ما يسمى بمبادرة قطاع الأعمال، والتي تقضي بفتح حسابات في فروع المصرف التجاري في المحافظات، وأن يقوم التجار بإيداع مبالغ فيه بالدولار، يتم حسابها لهم بالليرة السورية.. إلا أن الكثير من التجار فهم أن مبلغ الإيداع هو بحدود 10 آلاف دولار فقط.. وهو ما دفع أجهزة المخابرات للطلب من حاكم المركزي بعقد اجتماع عاجل مع التجار ورجال الأعمال، وإفهامهم أن المطلوب منهم أكثر من ذلك بكثير، مع التلويح بفتح ملفات فسادهم لمن يعترض ويحاور ويجادل كثيراً.. وهو بالفعل ما جرى يوم السبت في فندق الشيراتون بدمشق، حيث قال لهم حاكم المركزي بأنه "رسول"، "وما على الرسول إلا البلاغ".. وكرر أمامهم بأن الموضوع خطير جداً، وعليهم أن يفهموا الرسالة جيداً.. وهنا انبرى سامر الفوز معلناً أنه سوف يدفع 10 مليون دولار، فقال له حاكم المركزي: "غير كافي..!"، فقال له الفوز: "اعتبرها دفعة أولى على الحساب".. ثم طلب منه إعلان الأمر فوراً على وسائل الإعلام، لأنه" تشرشح" من خلال الأغنية التي تم السماح بها..

أما باقي رجال الأعمال الموجودين، وبينهم محمد حمشو وسامر الدبس وحسام وبراء قاطرجي ووسيم القطان، فقد أعلنوا موافقتهم على دفع مبالغ كبيرة، لكنهم طلبوا عدم نشر قيمتها على وسائل الإعلام..

هذه هي القصة باختصار لمن فاته متابعتها من البداية.


ترك تعليق

التعليق