فقدان مليون دولار شهرياً قد يصيب التعليم في ريف حلب الجنوبي بالانهيار


ينتظر المدرّس "أبو مروان" البالغ من عمره 55 عاماً، انطلاق موسم قطاف الزيتون في مناطق ريف حلب الجنوبي المُحرّرة، كي يلتحق مع العاملين بالقطاف، لغاية تأمين قوت أطفاله الثلاثة، وليضمن استمراره في مزاولة مهنة التعليم، في الوقت نفسه.

وأصدرت مديرية التربية والتعليم في محافظة حلب الحرة، يوم الثلاثاء، تعميماً يفيد بانطلاق العمل التطوّعي في المدارس والمجمعات التربوية التابعة لها، بسبب توقف الدعم من قبل الجهات المانحة.

ويشمل نطاق عمل المديرية مناطق ريف حلب الجنوبي الخارجة عن سيطرة النظام، والمتاخمة لمحافظة إدلب.

"اقتصاد" التقى بالأستاذ محمد مصطفى، مدير التربية والتعليم في "حلب الحرة"، حيث أكّد أنّه بعد توقف عمل الكثير من المنظمات المحلية الناشطة في مجال دعم التعليم، قامت الجهات المانحة الكبيرة بقطع الدعم المخصص للتعليم تزامناً مع بداية العام الدراسي 2019-2020.

لافتاً بحتمية وقوع الضرر بحق أكثر من 3500 معلم ومعلمة، جراء توقّف رواتبهم، كما قد تمتد آثار قطع الدعم لتصيب 285 مدرسة تضم أكثر من 90 ألف طالب وطالبة، باتوا جميعهم مُهددون بالتسرب المدرسي والتوجّه إلى سوق العمل، كما سيكون المجتمع أمام مخاطر جسيمة ستنعكس سلباً على المنطقة كاملةً.

وحول البدائل قال إنّ مديرية التربية تفتقد كلياً إليها بسبب القيمة الكبيرة للمبالغ المطلوبة، فالمصاريف كانت تبلغ شهرياً مليون دولار أمريكي، منها 750 ألف دولار رواتب للكوادر، والباقي مصاريف مستلزمات ثانوية وأعمال صيانة وتأمين أثاث وكتب وغيرها.

وعبّر الأستاذ مصطفى عن استيائه لاستخدام ملف التعليم لتحقيق مصالح سياسية ما، كون التعليم أهم أساسيات حقوق الطفل، ومكفول في الأنظمة الإنسانية الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.

وحذّر مدير التربية من توقف كامل لقطّاع التعليم، كونه لا يمكن الاستمرار بالعمل التطوعي لفترة طويلة، فهناك معلمون عزفوا عن الالتحاق بالمدارس، والكوادر بحاجة لمصادر رزق تغطي الحد الأدنى للاحتياجات المنزلية الأساسية في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة.

بالعودة إلى الأستاذ أبو مروان الذي ينحدر من مدينة حمص فقد أشار أنّه منذ ثماني سنوات نزح حوالي 6 مرات، وعند كُلّ استقرارٍ جديدٍ يسعى جاهداً ليحجز له مقعداً بين المعلمين الفاعلين، وسيبقى مزاولاً لمهنته كمعلم صف متطوّع في مدارس ريف حلب حتّى لو عجزت مديرية التربية عن تأمين الحوافز والمستحقات المادّية.

وأضاف أنّ راتب المعلم خلال السنتين الماضيتين كان بنحو 150 دولار فقط، وبالمقارنة مع متطلبات الحياة يُعدّ تعويضاً زهيداً لا يفي بالاحتياجات الدورية لرب أسرة.

كما لا يُوجّه أبو مروان الّلوم لأيّ معلمٍ يُقرّر مغادرة العملية التربوية مُرغماً باحثاً عن عملٍ قد يجني من خلاله مصاريفه اليومية.

يُذكر أنّ منظمة "كومنيكس" التي كانت تُغطّي احتياجات قطّاع التعليم في المناطق المُحرّرة منذ سنتين قد أوقفت منحها المالية مطلع الشهر الماضي عن كامل مدارس ادلب وريف حلب الجنوبي بذريعة ضعف التمويل، علماً أنّ العقد المُبرم ينتهي مع انتهاء العام الدراسي الحالي، الأمر الذي وضع حوالي 8500 معلم ومعلمة ينشطون في 785 مدرسة، أمام مصير اقتصادي مجهول، لا سيما وأنّ نسبة المُهجّرين والنازحين منهم ليست بقليلة.

ترك تعليق

التعليق