"اقتصاد" يرصد تفاصيل ما يحدث في "الصنمين"


مازالت مدينة الصنمين، الواقعة إلى الشمال من مدينة درعا بنحو 50 كم، تعيش أوضاعاً إنسانية ومعيشية صعبة، بسبب القيود على الحركة والتنقل، التي تفرضها قوات الأسد، و"اللجان الشعبية" الموالية، على المدينة، منذ أكثر من 7 أيام، وذلك على خلفية الاشتباكات المتقطعة التي تشهدها المدينة بين اللجان الشعبية التابعة للنظام من جهة، وبين "ثوار الصنمين" من جهة أخرى.

وقالت مصادر محلية، إن مدينة الصنمين تشهد طوقاً أمنياً خانقاً، فرضته قوات النظام وميليشياتها على جميع مداخل المدينة، بعد أن استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة، من الفرقة التاسعة والألوية المستقلة المنتشرة في المنطقة.

ولفتت المصادر إلى أن قوات النظام، ومنذ يوم الجمعة الماضي، تفرض حظراً للتجول داخل المدينة، يبدأ من الساعة التاسعة ليلاً، ويستمر حتى الساعة الخامسة فجراً، تمنع خلاله أي حركة في المدينة، ما حوّلها إلى "مدينة أشباح" لا يسمع فيها إلا أزيز الرصاص هنا وهناك.
 
وأكدت المصادر، أن المدينة التي تقع في منتصف الطريق الواصل بين درعا ودمشق، تعيش على وقع اشتباكات يومية متقطعة، بين قوات النظام و"اللجان الشعبية" من جهة، وبين "ثوار الصنمين" الرافضين للتسوية مع النظام من جهة أخرى.

وأضافت المصادر أن الاشتباكات في المدينة بدأت يوم الأربعاء في 25 أيلول الماضي، لكن ذروتها كانت يوم الجمعة في الـ 27 من الشهر الماضي، مشيرة إلى أنه سقط خلال الاشتباكات أكثر من أربعة قتلى من الطرفين، إضافة إلى جرح خمسة آخرين، واحتراق بعض البيوت في الحي الجنوبي من المدينة، الذي يخضع لسلطة النظام.

وأكد الناشط "م0 ف" أن مدينة الصنمين تشهد حالة من الغليان والتوتر منذ شهر أيار الماضي، وذلك على خلفية قيام قوات النظام باعتقال بعض الثوار، التابعين لفصيل "ثوار الصنمين"، ورفضها إطلاق سراحهم، بحجة وجود دعاوى شخصية بحقهم، مشيراً إلى أن النظام حاصر المدينة حينها أكثر من عشرة أيام، بهدف الضغط على الثوار لتسليم بعض المطلوبين.

ولفت إلى أن ثوار الصنمين يحاولون بشتى الوسائل، الضغط على قوات النظام، لإطلاق سراح المعتقلين، من خلال القيام بعمليات عسكرية مباغتة، تستهدف قوات النظام على الحواجز، وفي بعض المقرات العسكرية، الأمر الذي يوقع قتلى من الطرفين، ويتسبب في تصعيد الأعمال العسكرية في المدينة.

وأضاف الناشط قائلاً: "المؤسف في كل هذه المعارك، التي تشهدها المدينة، أن معظم قتلى الطرفين سواء أكانوا من (اللجان الشعبية) التابعة للنظام أو من (ثوار الصنمين) هم من أبناء مدينة الصنمين، ومن عائلاتها المعروفة"، مؤكداً أن الخاسر الوحيد هو مدينة الصنمين، التي تخسر المزيد من شبابها واستقرارها وأمنها، وسلمها الأهلي المستقبلي، حسب وصفه.
 
وعقّب الناشط: "الأنشطة الاعتيادية شبه متوقفة في المدينة، والحركة في الأسواق التجارية بطيئة جداً، والمدارس مغلقة، والموظفون يلتزمون بيوتهم، وجنود النظام يتمترسون بآلياتهم الثقيلة في كل مكان"، لافتاً إلى أن هناك شح بدأ يصيب بعض المواد الأساسية، ولاسيما مادة الخبز، بسبب تعذر الدخول إلى بعض أحياء المدينة والخروج منها.

وأضاف أن الأحداث التي تشهدها مدينة الصنمين، تسببت في شلل بعض الفعاليات الاقتصادية، وفي مقدمتها سوق تجارة السيارات، الذي تشتهر به  المدينة ويؤمه مئات الزبائن من مناطق المحافظة المختلفة والمحافظات المجاورة يومياً.

وأشار إلى أن مدينة الصنمين، تعتبر واحدة من كبرى مدن محافظة درعا، التي ما زال النظام يتقاسم السيطرة عليها مع فصيل مسلح مناوئ، حيث مازالت سيطرة النظام على المحافظة شكلية، وسلطاته محدودة، رغم استعادته رسمياً لجميع مناطق المحافظة منذ أكثر من عام.

وأوضح أن المدينة، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 40 ألف نسمة، تشهد بين الفترة والأخرى، مناوشات واشتباكات بين الثوار من جهة، وقوات النظام ممثلة بـ "اللجان الشعبية" المدعومة من الأمن العسكري من جهة أخرى، وذلك جراء ممارسات النظام بحق الأهالي، وسعيه لبسط سيطرته على الحي الشمالي الشرقي من المدينة، الذي يعد المعقل الرئيسي للثوار، الأمر الذي يلقى مقاومة شرسة من الثوار، ويُبقي المدينة في حالة قلق دائمة.

يشار إلى أن محافظة درعا، التي استعاد النظام سيطرته عليها قبل عام، في إطار المصالحات والتسويات، تشهد حالة من الانفلات الأمني، يُتهم في الوقوف خلفه وتكريسه قوات النظام، ممثلة في الفرقة الرابعة وجهازها الأمني المرتبط بإيران، وأجهزة المخابرات الأخرى المحسوبة على النظام، وبعض الدول الداعمة له.

ترك تعليق

التعليق