سيدة دمشقية تعيل أسرتها من "فرم البقدونس"، وتحضير المونة


في ركن من منزلها الكائن في إحدى ضواحي مدينة دمشق، تنهمك السيدة "صباح" في فرم باقات من البقدونس بينما تجلس بقربها ابنتها لتتخير الأوراق غير الصالحة، وترميها جانباً.

"هذه الخضروات ليست لي وإنما لإحدى جاراتي"، قالت السيدة التي امتهنت هذه الصنعة لكسب قوت يومها بعد اختفاء زوجها عنها منذ عدة سنوات.

تتلخص صنعة محدثتنا بإعداد الخضروات وتجهيزها للطبخ، كحفر الكوسا وفرم البقدونس وتقميع البامية وجمع أوراق الملوخية، وما شابه.

كما يصل عملها لذروته في مواسم المونة فتعمل على صنع المكدوس والمربى ودبس البندورة والفليفلة.


توضح السيدة أن عملها هو عبارة عن الإعداد فقط حيث لا تمتلك رأس مال يكفي لشراء المواد وبيعها وتتلقى على عملها أجوراً مختلفة بحسب المادة التي تحضرها، فمثلاً فرم باقة البقدونس بـ ٥٠ ليرة وحفر كليو كوسا بـ ١٠٠ ليرة، أما بالنسبة لإعداد المونة فيرتفع الأجر لأنه يتطلب عملاً وجهداً أكبر.

وعن طبيعة زبائنها، تقول "صباح" إن أغلبهم من جاراتها الموظفات الذين لا يمتلكون وقتاً كافياً لتحضير طبخاتهم

 "وفي كتير نسوان ما بيعرفوا يقلوا بيضة كيف بدهن يحضروا مونة"، تقول السيدة مبتسمة، وتردف: "وبفضلهم يزداد عملي".

كما تتعاقد السيدة مع عدد من بائعي الخضار وتقوم بتحضير كميات معينة من الخضار المقطعة والجاهزة للطبخ بشكل شبه يومي.

تنهي "صباح" فرم باقات البقدونس وتطلب من ابنتها غسلها ووضعها ضمن كيس بينما تتنفس بعمق متنهدة، وهي تقول: "الله يردك يا زوجي بالسلامة، كان يحب الأكل البيتي ويحب انمون كل شي وبفضلوا اتعلمت كتير شغلات عم استفيد منها هلأ".


وضمن الوسط الذي تعيش فيه السيدة، أبدى الجميع تقديرهم وحبهم لعملها. وتقول "بيان"، وهي إحدى جاراتها، إنه منذ بدأت "صباح" بهذه الفكرة أصبحت تتذوق الكثير من الأطعمة، "على أصولها"، فطريقة صنعها للمكدوس مميزة، ولقد وفرت عليها الكثير من الجهد الذي كانت تبذله، ومن دون الوصول لنكهة لذيذة.

تتابع "بيان": "الأجور التي تتقاضاها جارتي معقولة وعملها متقن. أحببت كيف أنها لم تنتظر أحد وأصبحت تعيل أسرتها بعرق جبينها".

كثيرات هن السيدات اللواتي يعانين من فقدان الزوج بسبب الظروف التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة. وقد برز دور المرأة بشكل كبير، وأثبتت الكثيرات منهن قوتهن وقدرتهن على تحمل الصعاب والمضي في إعالة الأسرة دون طلب العون من أحد.



ترك تعليق

التعليق