في شرق الفرات.. إغاثة تتوقف، ومحاصيل زراعية مهددة، وارتفاع للأسعار


كشفت مصادر محلية من محافظة الرقة وبعض المناطق شرقي سوريا، عن إيقاف بعض المنظمات الإغاثية والإنسانية الدولية لعملها، عقب انطلاق العملية العسكرية التركية ضد "قوات سوريا الديمقراطية" في تلك المناطق، وسط مخاوف من انعكاسات ذلك على المدنيين.

وقال "أبو غيث الرقاوي"، وهو اسم مستعار لأسباب أمنية، كونه كان يعمل سابقاً في إدارة الزراعة في الرقة التابة لـ "الإدارة الذاتية" التابعة لـ "قسد"، إن "المنظمات الإغاثية العاملة في محافظة الرقة أوقفت أعمالها منذ اليوم الأول لانطلاقة العملية العسكرية التركية شرقي الفرات".

وأضاف في حديثه لـ "اقتصاد"، أن "المنظمات موجودة في كل المناطق تقريباً مع تفاوت الأعداد، ففي الرقة مثلاً يوجد بحدود 87 منظمة بين دولية ومحلية وجمعيات، وهذا أكبر عدد، ولازالت تعمل كلها حالياً، لكن بشكل إداري".

أما في مناطق "عامودا والمالكية والقامشلي وتل أبيض ورأس العين وكوباني وعين عيسى والدرباسية ومخيم الهول بالحسكة ومبروكة"، فقد تم إيقاف كل نشاطات المنظمات بشكل كامل، حسب "الرقاوي".

وأوضح أنه "في اليوم الأول لانطلاقة العملية العسكرية التركية أوقفت المنظمات في تلك المناطق أعمالها لمدة 72 ساعة، وبعدها أعلنت الإيقاف لأجل غير مسمى، وما يعمل حالياً فقط مكاتب المنظمات بالرقة ودير الزور وفي الشدادي بريف الحسكة ودوامها إداري فقط".

وفيما يتعلق بانعكاسات ذلك على السكان بشكل خاص قال "الرقاوي"، إن "من سيتأثر بشكل كبير هم أهالي المخيمات لأن كل اعتمادهم على المنظمات، بالإضافة لأهالي الشريط الحدودي باعتبار أن مصدر دخلهم من المنظمات، أما بالنسبة لسكان المناطق الداخلية فأتصور التأثير بسيط جداً وقد يكون غير ملحوظ حتى هذه الأثناء".

وتتبع تلك المنظمات التي كانت تعمل في المناطق المذكورة، إلى أمريكا وفرنسا وألمانيا، إضافة لجمعيات تتبع لمانحين موجودين في أوروبا، حسب مصدرنا.

وأشار "الرقاوي" إلى أن الأهالي الذي نزحوا بسبب العمليات العسكرية الدائرة في مناطق "تل أبيض ورأس العين" وما حولها، نزحوا باتجاه مدينة الرقة وباتجاه مدينة الحسكة وريفها، واتخذوا من المدارس مآوى لهم وبعض الأهالي في مدينة الرقة فتحوا منازلهم لاستقبال النازحين.

وفي ذات السياق، أفادت مصادر أخرى لـ "اقتصاد" بتفاصيل إضافية حول حقيقة عمل المنظمات الإغاثية من عدمه في تلك المناطق شرقي سوريا.

وذكر "أبو سليم"، ناشط إغاثي بريف الرقة، وأيضاً اسمه مستعار لأسباب أمنية، أن "الأوامر بإيقاف المنظمات الإغاثية لعملها جاء من الجهات المانحة الرئيسة دون أن توضح الأسباب لهم، وحتى أن رواتب الموظفين في هذه المنظمات توقفت حتى إشعار آخر، إضافة إلى توقف الدوام في كل هذه المنظمات والقطاعات".

وأشار "أبو سليم" إلى أن "تلك المنظمات كانت تقدم الرعاية والدعم الإغاثي والخدمات للسكان في ظل تحكم قوات سوريا الديمقراطية بشكل كبير بجميع موارد المنطقة الشرقية".

وأكد أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاسات وتبعات سلبية على حياة الناس المعيشية، إضافة إلى تضرر كثير من العائلات التي كانت تعتمد على الراتب الشهري المقدم لمعيلها الذي يعمل كموظف ضمن تلك المنظمات، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة من الأشخاص سيكونون عاطلين عن العمل بسبب ذلك.

ولم يقتصر الأمر في تلك المناطق على توقف عمل المنظمات، إذ بدأت موجة غلاء الأسعار والتي هي بالأصل مرتفعة تلقي بظلالها على سكان المنطقة الشرقية، عقب انطلاق العملية العسكرية التركية.

وقالت مصادر محلية متعددة لـ "اقتصاد"، إن "أغلب المواد التي بدأ سعرها بالارتفاع هي الأساسيات والغذائيات مثل السكر والرز وتوابعها، خاصة وأن التجار بدأوا بالتلاعب بالدولار".

وأضاف بعضها الآخر أن "الأسعار ازدادت بنسبة 25٪ على أغلب السلع والمواد الغذائية الرئيسية في المناطق البعيدة عن الاشتباك خاصة في مدينة الحسكة ومدينة الرقة".

وفي ظل موجات النزوح من مناطق الاشتباكات والعمليات العسكرية في محاور تل أبيض ورأس العين وامتدادها لمناطق أخرى، كان المتضرر الأكبر نسبة كبيرة من المزارعين.

وبحسب ما نقلت لنا المصادر المحلية، فإن "كثيراً من المزارعين تركوا كل شيء خلفهم خوفاً على حياتهم وحياة أطفالهم، واضطروا لترك المحاصيل التي لم يكتمل قطافها بعد".

وفي هذا الصدد ذكر لنا "أبو غيث الرقاوي" أن "أكثر المحاصيل التي ستتأثر بالأحداث الدائرة الآن هي محاصيل القطن والذي يعتبر محصولاً استراتيجياً"، مضيفاً أن "أغلب الناس لم تجر القطفة الثانية والمراكز الزراعية الخاصة والتي تساعد في عملية القطاف قد أغلقت أبوابها، وذات الأمر ينطبق على محاصيل السمسم، والخضار الخريفية أيضاً".

ويتخوف المزارعون بحسب مصادرنا من أن تقوم "قوات سوريا الديمقراطية" المسيطرة على المنطقة في الوقت الحالي، بحرق محاصيلها، كرد فعل انتقامي على عدم مشاركة المزارعين في المعارك إلى جانبها ضد القوات التركية وفصائل المعارضة السورية، مناشدين في الوقت ذاته كافة الأطراف بتحييد ممتلكاتهم ومزروعاتهم عن عملياتها العسكرية.

وعلى الرغم من أن العمليات العسكرية شرقي الفرات ما تزال في بدايتها، إلا أن مصادر محلية أكدت لـ "اقتصاد" أن تبعاتها السلبية على الحالة المعيشية والاقتصادية للأهالي ستكون واضحة في ظل موجات النزوح إلى حين انتهائها بشكل تام.

ترك تعليق

التعليق