متى وضع النظام ربع إنتاج سوريا النفطي تحت قبضة ميليشيا كردية؟


في العام 2015، نشر "اقتصاد" تفاصيل عن 6 وثائق مسرّبة من أرشيف الشركة السورية للنفط، تكشف أن النظام السوري يعترف، وبالوثائق الرسمية، بوجود وحدات حماية الشعب الكردية، بل ويتعاون معها في حماية وإدارة عدد من آبار النفط في شمال شرق سوريا، وذلك منذ نهاية العام 2012، على الأقل.

وتكشف إحدى تلك الوثائق عن أن النظام وضع مواقع ضمن حقول رميلان النفطية الشهيرة، تحت قبضة الميليشيا الكردية، منذ نهاية العام 2012.

وفيما يتم الحديث اليوم عن مفاوضات بين النظام وميليشيا "قوات سورية الديمقراطية"، التي تمثّل امتداداً لـ "وحدات حماية الشعب الكردية"، حول ترتيبات تسوية سياسية بين الطرفين، تتيح، على الأغلب، عودة سيطرة النظام إلى معظم مناطق "شرق الفرات"، يعيد "اقتصاد" نشر محتوى أبرز الوثائق المُسرّبة، التي سبق أن حصل عليها، والتي تؤكد أن التعاون بين الطرفين، كان وثيقاً منذ وقت مبكّر للغاية، وأن القوى الكردية التي تمثّل خط حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي"، والمهيمنة على المنطقة، راهنت منذ البداية على التنسيق والتعاون مع النظام. وهو ما راهن عليه الأخير، أيضاً.

وتعود كل الوثائق المُسرّبة إلى مطلع العام 2013، لكنها تكشف أن النظام يعترف بوحدات حماية الشعب الكردية، وبصورة رسمية، منذ نهاية العام 2012.

وحسب إحدى الوثائق، الصادرة عن مدير عام الشركة السورية للنفط، بتاريخ 27/1/2013، تتم الإشارة إلى موافقة مُسبقة صادرة عن مجلس وزراء النظام على التعاقد بالتراضي مع وحدات حماية الشعب الكردية، لحماية عدد من الآبار النفطية شمال شرق البلاد.

ومن المُلفت في تلك الوثائق الرسمية، أن الدوائر الرسمية للدولة السورية، الخاضعة لسيطرة النظام، استخدمت حينها اسم "وحدات حماية الشعب الكردية"، بصورة صريحة، كما واستخدمت تعبير "المناطق ذات الغالبية الكردية" في إشارة إلى مناطق تركز الأكراد.

ويُعتبر ذلك خلافاً للخطاب المُعلن لنظام الأسد، في ذلك الوقت (العام 2013)، والذي كان يتهم الثورة والدول الداعمة لها، بأنها تتآمر لتقسيم سوريا، لكنه في الوقت نفسه كان يقر بوجود ميليشيات عِرقية ذات نزعة انفصالية، ويتعاون معها بصورة رسمية، ويستخدم اسمها الصريح في مراسلاته الرسمية.

كما تكشف تلك الوثائق أن "الاتحاد الديمقراطي الكردي"، المؤسس لـ "قوات سورية الديمقراطية، والذي رفع راية العمل لتحصيل حقوق الأكراد، تعاون مع نظام الأسد منذ بداية الأحداث في سوريا، رغم مسؤولية النظام، منذ عهد الأب، عن حرمان الأكراد السوريين من أبسط حقوقهم، حتى الثقافية منها.

وتظهر إحدى الوثائق المُسرّبة، أسماء المواقع النفطية التي أوكل النظام مسؤولية حمايتها، رسمياً، لـ وحدات حماية الشعب الكردية، وهي 6 مواقع: كراتشوك، سويديات، سعيدة، زارية، عليان، باباسي.

وتقع الحقول سابقة الذكر في محافظة الحسكة، في مناطق، وصفتها الوثيقة المُسربة، بأنها ذات "غالبية كردية". وهي جميعها جزء من حقول "رميلان" الشهيرة، والتي تُعد من أغنى المواقع النفطية في سوريا، وكانت تُنتج قبل الثورة مباشرة، حوالي 90 ألف برميل نفط، يومياً، أي قرابة ربع إنتاج سوريا من النفط، في ذلك الوقت.

وتكشف الوثيقة أن ممثل وحدات حماية الشعب الكردية، محمد إبراهيم إبراهيم، عرض على الشركة السورية للنفط حماية 6 مواقع من حقول رميلان، وفق "عقد بالتراضي". وطلب ممثل وحدات الحماية من الشركة السورية للنفط إعفائه من دفع التأمينات النهائية المُتعارف عليها في حالة التعاقد مع الجهات الرسمية السورية.

وثيقة ثالثة تُظهر أن طلب ممثل وحدات حماية الشعب الكردية أُحيل إلى المدير العام للشركة السورية للنفط، بعد يومين فقط من تقديمه. أي أن طلب ممثل وحدات حماية الشعب الكردية، الذي قُدم في رميلان، أقصى شمال شرق سوريا، أُحيل بعد يومين فقط إلى مدير عام الشركة السورية للنفط، في دمشق، فيما يبدو أنه سابقة من حيث غياب البيروقراطية والروتين في المعاملات الرسمية السورية!

ورغم أن ما سبق، ربما لا يقدم معلومة جديدة للمتابع السوري، حيث أن التعاون بين النظام والقوى الكردية المهيمنة في "شرق الفرات"، لإدارة وحماية آبار النفط هناك، ليست أمراً جديداً، لكن الوثائق المُسرّبة، تقدم أدلة رسمية عليه، وتذكّر المتابع السوري، بأن طرفي المشهد "التفاوضي" اليوم، "قوات سورية الديمقراطية"، ونظام الأسد، كانا منذ العام 2012، على الأقل، يخوضان تجارب تعاون وتنسيق وتفاوض، يمكن اعتبارها تمهيدية، لما نراه اليوم، والذي قد يتمخض عنه، عودة للنظام، إلى كامل تراب "شرق الفرات".





ترك تعليق

التعليق