معركة منبج محسومة لصالح النظام.. هذا ما يقوله الواقع الاقتصادي


بدت قوات المعارضة التابعة للجيش الوطني والتي تأهبت على تخوم نهر الساجور للانقضاض على منبج مصدومة من القرار التركي بوقف العمليات باتجاه المدينة. شكل البعد الاقتصادي عاملاً حاسماً في قضية من يسيطر على منبج ويملأ الفراغ الذي خلفه رحيل القوات الأمريكية وما تلاه من اتفاق بين قسد والنظام لحماية حدود المنطقة. فما هي القصة بالضبط؟

نهاية العام 2014 وقعت منبج (تبعد 80 كم عن حلب) تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن كانت تخضع لسلطة قوات الجيش السوري الحر.

وبعد بدء المعركة المدعومة من التحالف الدولي ضد التنظيم في العام 2016 تمكنت (قوات سورية الديمقراطية) التي كانت تقود الهجمات، من إحكام قبضتها على المدينة، بعد أسابيع من القتال المرير.

ومنذ وقوعها خارج سيطرته، يتربص النظام، الذي كان الجانب الأضعف قبل سنوات، الفرصة، لاستعادة المدينة. لاسيما مع تمكنه من توسيع الرقعة الجغرافية تحت سيطرته بعد الدعم القوي لروسيا إثر التدخل الذي بدأ منذ العام 2015.

وضع الروس هدفاً محدداً لوقوفهم إلى جانب النظام. كانت الخطة تستهدف السيطرة على طول الطريق الدولي الذي يبدأ من الأردن ويمر بدمشق وحمص وحماة وإدلب ثم حلب فتركيا.

خط تجارة ساخن

في مساحة جغرافية واسعة متاخمة للضفة الغربية لنهر الفرات تقع منبج التي تتوسطها مدينة كبيرة ويتحلق حولها قرابة 70 بلدة.

مكانها الاستراتيجي يشرح أسباب تعدد الجهات التي دأبت على السيطرة عليها.

يمر من منبج الطريق (m4) الذي يصل بين طرفي نهر الفرات كما تعتبر صلة الوصل بين هذه المنطقة ومدينة حلب ما يجعلها تمثل شرياناً اقتصادياً لحلب، ولكامل الشمال السوري الشرقي والغربي.

ما هي خطة الأتراك؟

مع الزمن تبدو خطة الأتراك الهادفة لتقويض دويلة سعى الكرد لإنشائها على كامل الشريط المتاخم للمدن الجنوبية لتركيا واضحة بشكل لافت.

تدرك تركيا أهمية الطريق الدولي المار من إدلب حتى حلب (m5) والطريق الآخر (m4) الذي يصل بين ضفتي نهر الفرات ويقطع الشمال السوري حتى معبر ربيعة في العراق.

الطريق هذا يمر من منطقة سيطرت عليها تركيا في عملية سابقة شنتها لمنع المشروع الكردي من الوصول إلى البحر المتوسط وهي مدينة الباب. بعد هذه المدينة تقع منبج ثم نهر الفرات ليسير الطريق في خط أفقي نحو عين عيسى عابراً الشريط الحدودي بعمق 30 كم تقريباً حتى العراق.

السيطرة على هذا الطريق جزء من الخطة التركية لتقويض المشروع الكردي، فهو يسمح لها بإدارة منطقة مترامية الأطراف من أقصى الشمال الشرقي وحتى أقصى الشمال الغربي نزولاً إلى إدلب التي استقبلت 13 نقطة مراقبة تركية على خطوط التماس بينها وبين النظام.

خلاف بعد رحيل الأمريكان

لا يمكن لروسيا التي بدت اللاعب الأكبر في اللعبة بعد رحيل الولايات المتحدة من الشمال السوري، أن تغفل عن أهمية منبج وهي تعيد رسيم الخارطة النهائية للجغرافية السورية، مع اقتراب الحرب في هذا البلد المنهك والمدمر من نهايتها.

خطتها السابقة والتي شارفت على الانتهاء تسعى لفتح طرق الإمداد وإخراج النظام من عزلته الاقتصادية. السيطرة على مدينة منبج يسمح بوصل شرقي وغربي نهر الفرات بالعاصمة الاقتصادية للنظام.

لكن هذا يعارض الخطة الأمريكية التي تقتضي عزل المنطقة التي تقع تحت وصاية إيران وروسيا عن العالم الخارجي، لهذا السبب كان لزاماً على البيت الأبيض إيجاد موطئ قدم للأتراك في سوريا.

وهذا ما يفسر الخلاف الذي جرى بين الروس والأتراك حول منبج عقب انسحاب الولايات المتحدة، إذ حشد الطرفان لدخول المدينة التي لا تزال تقع تحت سيطرة قسد حتى اللحظة بانتظار الحل النهائي الذي يتفق عليه "السلطان" و"سيد الكرملين".

ما هو الحل المتوقع؟

الخلاف بين أنقرة وموسكو على منبج، اقتصادي بحت. الجميع يدرك أن من يسيطر على منبج سيكون الرابح على خط التجارة الدولية. لذلك ربما يكون الحل الذي سيتفق عليه الطرفان يتمثل بدخول النظام إلى المدينة مع تأمين مصالح تركيا على الطريق الدولي المار من جانبها.

لقد صرح أردوغان في وقت سابق يوم الثلاثاء أن دخول النظام السوري لمنبج ليس أمراً سلبياً للغاية بالنسبة له، قائلاً بالحرف الواحد "هذه في النهاية أرضهم.. لكن المهم بالنسبة لي ألا تبقى تنظيمات إرهابية هناك".

ترك تعليق

التعليق