نفط شرق الفرات.. لأمريكا أم لروسيا والأسد؟


توحي القراءة الأولية للاتفاق التركي – الروسي، الذي عُقد يوم الثلاثاء، في سوتشي، بأن تركيا ستخرج خالية الوفاض من أي مكاسب في نفط "شرق الفرات". لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن هذا النفط، سيؤول لصالح روسيا ونظام الأسد.

ووفق البنود العشرة لاتفاق سوتشي الأخير، بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، فإن تركيا ستحتفظ فقط بالمنطقة التي استولت عليها، في عمليتها العسكرية الأخيرة، بين تل أبيض ورأس العين، بطول 120 كم، وعمق 32 كم. فيما ستشارك في دوريات عسكرية مشتركة مع روسيا، مستقبلاً، لضمان انسحاب القوى الكردية المسلحة حتى عمق 30 كم، من كامل الشريط الحدودي السوري – التركي.

وتبدو البنود المعلنة من الاتفاق واضحة حيال أن السيطرة الفعلية على الأرض، خارج المنطقة ما بين رأس العين وتل أبيض، ستكون لروسيا ونظام الأسد. ورغم أن الاتفاق المُعلن لم يتطرق مطلقاً لمصير آبار النفط الغنية في شرق الفرات، إلا أن الترجمة الميدانية له، تعني أن تركيا لن تملك أي نفوذ مباشر في المناطق الغنية بالنفط، والتي تقع تحديداً، في أقصى شمال شرق الجزيرة السورية، قرب الحدود العراقية، وفي جنوب الحسكة، وفي الريف الشمالي والشرقي لدير الزور.

وتحتوي مناطق "شرق الفرات"، على حوالي 90% من نفط سوريا، و45% من غازها، حسب تقديرات متخصصين. لكن المنطقة التي ستسيطر عليها تركيا، بين تل أبيض ورأس العين، لا تحتوي أي آبار نفط أو غاز مهمة.

ما سبق، لا يعني بالضرورة، أن هذه الثروة الغنية من النفط والغاز ستؤول لصالح روسيا ونظام الأسد. ذلك أن مصادر أمريكية سرّبت أنباء عن خطة تعدّها وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، حظيت بموافقة مبدئية من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإبقاء 200 جندي أمريكي، في "شرق الفرات"، لحماية آبار النفط، وحرمان الروس ونظام الأسد من فرصة الاستيلاء عليها.

وحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن ثلاثة مسؤولين في الإدارة الأمريكية ووزارة الدفاع أكدوا انكباب صناع القرار في واشنطن على دراسة هذا الخيار.

وقد أشار ترامب في تغريدة سابقة، خلال الأسبوع الجاري، إلى هذا الخيار، حينما قال إن الولايات المتحدة عملت على تأمين النفط.

بدوره، قال ليندسي غراهام، السيناتور الجمهوري المقرّب من ترامب، خلال لقاء له مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، إن طرح ترامب فيما يتعلق بالتعامل مع حقول النفط في سوريا قد يدر عوائد للمنطقة ويولد دخلاً يمكن من خلاله دفع تكاليف التزام الولايات المتحدة في سوريا.

وأضاف السيناتور الجمهوري البارز: "أعتقد أننا على وشك الإقدام على مشروع مشترك بيننا وبين قوات سوريا الديمقراطية لتحديث حقول النفط وضمان أنها هي التي تحصل على الإيرادات وليس إيران أو نظام بشار الأسد، وهدفنا الأساسي من كل هذا هو حماية إسرائيل".

ولم يوضح غراهام، كيف يمكن لاستيلاء واشنطن والأكراد، على نفط المنطقة، أن يحمي إسرائيل؟!

لكن، وبحسب تقرير نشرته "الجزيرة نت"، فقد نقلت هيئة البث العبرية الرسمية في إسرائيل عن مسؤول وصفته بالكبير في وحدات حماية الشعب الكردية أنه "يجب على إسرائيل أن تمارس ضغوطاً على إدارة ترامب للإبقاء على قواتها في شمال شرق سوريا".

وأضاف المسؤول الكردي "فيما عدا هذا، لا يوجد ما يمكن لإسرائيل أن تفعله لمساعدتنا الآن".

المعلومات السابقة أكدتها أيضاً قناة "NBC News" الأمريكية التي قالت إن السيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، ليندسي غراهام، والجنرال المتقاعد جاك كين، توجها عقب قرار ترامب بسحب قواته من سوريا لإقناعه بضرورة البقاء في المنطقة مستخدمين خرائط للشرق الأوسط تظهر مواقع آبار النفط فيها.

وحسب ترجمة نشرتها وكالة "الأناضول" التركية، أكد غراهام وكين لترامب، أنه في حال انسحاب الولايات المتحدة من سوريا فإن آبار النفط التي تقع تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، ستتحول إلى سيطرة إيران وروسيا.

وأشارت القناة أنه عقب الاجتماع مع ترامب، قررت واشنطن الإبقاء على بعض القوات الأمركية في المنطقة لضمان السيطرة على احتياطات النفط في سوريا.

وهكذا يبدو أن مصير النفط والغاز في "شرق الفرات"، لم يُحسم بعد، وقد نكون أمام سيناريوهات عديدة محتملة، من بينها، أن يفاجئ ترامب الجميع، مجدداً، بالانسحاب من آبار النفط تلك، خاصة إن تعرض الجنود الأمريكيون لأي تحرشات عسكرية من جانب إيران أو نظام الأسد، بدفعٍ روسي. فيما لا يبدو أن سيناريو الاشتباك العسكري المباشر، في "شرق الفرات"، بسبب الصراع على النفط والغاز، أمراً مستبعداً، أيضاً.

ترك تعليق

التعليق