النظام يخطط.. كيف يستفيد من مصائب الأزمة المالية في لبنان؟


تفاجئ القطاع المصرفي السوري بمظاهرات لبنان، والقرارات التي تم اتخاذها بإغلاق جميع المصارف اللبنانية، وقبلها إيقاف السحب بالدولار، الأمر الذي أثّر على عمليات سحب السوريين لأموالهم من لبنان، والتي تقدرها الأوساط الاقتصادية بأكثر من 30 مليار دولار.

وعلى ما يبدو أن الأمر لا يتعلق بإيداعات الأفراد فقط في البنوك اللبنانية، فقد كشف أحد المواقع المحلية، أن البنوك السورية الخاصة متورطة كذلك بإيداع جزء كبير من موجوداتها من العملات الصعبة في المصارف اللبنانية، بحثاً عن مزيد من الأرباح، وهي أموال يصعب تقديرها، لكن بحسب محللين مقربين من النظام فهي تقدر كذلك بعشرات المليارات من الدولار، ولعل ذلك كما يقولون، هو ما يفسر حالة الاضطراب التي أخذت تشهدها الليرة السورية، على الرغم من مبادرة قطاع الأعمال السوري الخاص لدعمها. فهي بعد ارتفاع لم يستمر سوى بضعة أيام، عادت لتهبط من جديد أمام الدولار، إلى مستوياتها السابقة، وبالتزامن مع انطلاق الاحتجاجات في لبنان.

لكن كل ذلك لم يمنع النظام من التفكير والتخطيط، حول كيفية الاستفادة من الأزمة المالية في لبنان، لجذب أموال السوريين، أفراداً ومؤسسات، وإعادتها إلى البنوك السورية..؟

وسيم القطان، رئيس غرفة تجارة ريف دمشق، كان أبرز المبادرين نحو هذا الاتجاه، مطلقاً صرخة عبر صفحته الشخصية في "فيسبوك"، دعاها بـ "صرخة الإنقاذ الأخيرة" والذي بيّن أنه "كان بإمكان رجال الأعمال في الفترة السابقة سحب أموالهم بالعملة اللبنانية ومن ثم إعادتها إلى سوريا، كون المصارف اللبنانية تمنع سحب المبلغ كاملاً بالدولار، إلا أن طمع البعض منهم منعهم من اتخاذ هذه الخطوة كونهم قد يخسرون نسبة منها".

وأضاف القطان أن المشاكل الحالية في لبنان ستتسبب برفض المصارف اللبنانية منح الأموال السورية لرجال الأعمال في الوقت الحالي لتسيير اقتصادهم، مبيناً أنه بعد فترة من الأزمة قد توافق هذه المصارف على إعادة الأموال، متسائلاً أليس المركزي السوري أحق بهذا الدعم؟! ومؤكداً أن الخطوة الأفضل والأكثر أماناً حالياً هي إعادة هذه الأموال للمصارف السورية.

وأكد القطان أن غرف التجارة يجب أن تتحمل مسؤولية جذب رجال الأعمال والتجار في الخارج، لكنه لم يوضح كيف يكون ذلك.

وفي المقابل، شكك الكثير من المحللين الاقتصاديين، في تقرير لموقع "هاشتاغ سوريا"، بإمكانية عودة أموال السوريين في البنوك اللبنانية إلى المصارف السورية، حتى لو سمحت هذه المصارف بسحبها، بسبب أن البنية الاقتصادية في سوريا، لاتزال غير مشجعة على الاستثمار والعمل، مشيرين إلى أن فرصة رحيل هذه الأموال إلى دول أخرى، أكبر بكثير من عودتها إلى بلدها.

ويقترح هؤلاء المحللون، ضرورة أن تقوم الحكومة بالإسراع في إنجاز الكثير من مشاريع القوانين المتوقفة، مثل قانون الاستثمار الجديد، بالإضافة إلى منح تسهيلات لإغراء هذه الأموال للعودة إلى المصارف السورية، مشيرين إلى أن هذا الأمر، فيما لو حصل، فإن الليرة السورية سوف تستعيد عافيتها كثيراً، بالإضافة إلى الاقتصاد المحلي.

تبقى هناك نقطة لا تستطيع أن تثيرها وسائل إعلام النظام والموالية، وهي الأسماء الكبيرة من رجال الأعمال والمسؤولين، الذين يودعون أموالهم في المصارف اللبنانية.. فقد أكدت مصادر مطلعة لـ "اقتصاد" أن من بين الأسماء، هناك من يحاضر يومياً بالوطنية وبانتصار النظام على المؤامرة الكونية، ويدعو غيره من رجال الأعمال الذين فروا إلى خارج البلد للعودة والاستثمار فيها. وتؤكد تلك المصادر أن محمد حمشو وسامر الدبس وفارس الشهابي وطريف الأخرس وسامر الفوز وغيرهم الكثير، بالإضافة إلى عدد كبير من رجالات المخابرات والسلطة والنفوذ، هي من بين الأسماء التي هرّبت جزءاً كبيراً من أموالها إلى المصارف اللبنانية، ومنذ مطلع العام 2012، بحجة العقوبات الاقتصادية عليهم وعلى المصارف السورية، الأمر الذي يساعدهم في تمويل صفقاتهم وإجراء عمليات تحويل الأموال بسهولة أكبر.

ترك تعليق

التعليق