النظام لأهالي درعا: "كهربائكم" على نفقتكم الخاصة


في ظل العجز الكبير الذي تعاني منه مؤسسات النظام الخدمية، وفي مقدمتها الشركة العامة لكهرباء درعا، بدأ أهالي قرى وبلدات المحافظة، بترميم بعض المحولات الكهربائية القديمة المعطلة، وتركيب الأعمدة الخشبية، وشراء الكوابل، التي تصل التيار الكهربائي إلى منازلهم، وذلك على نفقتهم الخاصة.
 
وأشارت مصادر متقاطعة في المحافظة، إلى أن العديد من قرى وبلدات درعا، تعاني من نقص كبير في عدد المحولات الكهربائية، وشبكات التوتر العالي والمتوسط، والأعمدة الخشبية، بسبب الخراب الكبير الذي حل بها خلال المعارك التي شهدتها المحافظة، وعمليات النهب والتخريب الممنهجة، التي تعرضت لها خلال الحملة العسكرية الأخيرة، على أيدي قوات النظام، التي عمدت إلى تخريبها بصورة متعمدة انتقاماً من الأهالي.

وأكدت المصادر، أن مؤسسات النظام، وبعد سيطرتها على محافظة درعا، بدأت بتزويد بعض المناطق المحررة سابقاً بالتيار الكهربائي، لافتة إلى أنها ركزت في ذلك على الأحياء، التي تتوضع فيها الدوائر التابعة للنظام، مثل المخافر، والمقرات الأمنية، فيما تركت الأحياء الباقية دون كهرباء، بذريعة عدم توفر الإمكانيات اللوجستية، والمحولات الكهربائية اللازمة في الوقت الحالي.
 
وقالت المصادر إن الشركة طالبت الأهالي، بالمساهمة في إيصال التيار الكهربائي إلى قراهم وبلداتهم، عن طريق التبرعات لإصلاح المحولات القديمة، الأمر الذي دفع سكان كل حي إلى الاشتراك بجمع المبالغ المطلوبة، لإصلاح المحولة الخاصة بإنارة حيهم، وعلى نفقتهم الشخصية.

وبهذا الخصوص أشار "م. خ"، وهو طالب، إلى أن التيار وصل في بلدته في الريف الغربي، إلى حي واحد فقط، يتواجد فيه مخفر الشرطة ومفرزة للأمن الجوي، فيما بقيت باقي الأحياء غير منارة.

ولفت إلى أن سكان الأحياء الأخرى، قاموا بجمع مبالغ تتراوح ما بين 300 ألف و500 ألف ليرة سورية، لإصلاح المحولات المعطلة، التي ستخدم أحيائهم، وشراء بعض مستلزمات وصول التيار الكهربائي الضرورية، موضحاً أن مساهمة كل أسرة، بلغت ما بين 3000 و6000 ليرة سورية.

أما "محمد . ق"، 36 عاماً، وهو عامل مياوم، من إحدى بلدات ريف درعا الشرقي، فقد أشار إلى أن المحولات في البلدة، ساهم في تقديمها وإصلاحها بعض المغتربين، موضحاً أن أحد المغتربين تبرع أيضاً باحتياجات إنارة شوارع البلدة بالطاقة الشمسية.

من جهته أشار "عبد القادر. ح"، 41 عاماً، وهو مزارع، إلى أن الخراب طال كل مكونات الشبكات الكهربائية في المحافظة، بما فيها الكوابل الكهربائية، التي توصل التيار الكهربائي إلى المشتركين في المنازل، حيث عمد عناصر النظام، وبعض اللصوص، إلى تقطيعها وحرقها، رغم تكلفتها العالية، للاستفادة من كميات النحاس القليلة فيها، ما دفع الأهالي إلى شراء بدائل عنها بكلفة تصل إلى800 ليرة سورية للمتر الواحد.

ويقول "ص. ك"، 33 عاماً، وهو موظف سابق، إن ابتزاز شركة الكهرباء للأهالي لم يتوقف عند إصلاح المحولات، بل طالبتهم بتثبيت أعمد الكهرباء، حيث قاموا بحفر الحفر الخاصة بها وإعادة تثبيتها، مؤكداً أن خسائر الأهالي لم تقف عند التمديدات الخارجية، من محولات وأعمدة، وكوابل وشبكات، فحسب، بل تجاوزتها إلى التمديدات الداخلية أيضاً، في العديد من القرى والبلدات.

وأضاف أن عشرات المنازل في البلدات، التي دخلتها قوات النظام، وُجدت أيضاً دون أسلاك كهربائية داخلية، أو اباريز، موضحاً أن العديد من الأهالي، أعادوا تمديد منازلهم بمستلزمات التيار الكهربائي من جديد.

وبهذا الصدد يقول "سامر. س"، 48 عاماً، وهو بائع، "اضطررت إلى إعادة تمديد الأسلاك الداخلية في منزلي من جديد".
 
وأضاف قائلاً: "عندما عدت إلى منزلي بعد أن تركته لمدة شهرين، بسبب المعارك، وجدته منهوباً كما وجدت كل التمديدات الكهربائية مسحوبة، والاباريز محطمة بصورة متعمدة بقصد التخريب والانتقام".

وأشار إلى أن تكلفة إعادة التمديدات الكهربائية، التي نفذها في منزله، تجاوزت الـ 100 ألف ليرة سورية، بسبب ارتفاع أسعار المواد الكهربائية وأجور التمديد.

من جهتهم، عبّر عدد من الأهالي، الذين تحدث إليهم "اقتصاد"، عن امتعاضهم الكبير، من مطالبات شركة الكهرباء لهم بدفع المبالغ والرسوم المتراكمة عليهم خلال السنوات الماضية، رغم أن الكهرباء كانت مقطوعة منذ العام 2012، في العديد من المناطق، واصفين إجراءات النظام هذه بـ "الانتقامية".

وأضافوا أن الحواجز العسكرية، بدأت تطالب المارين عبرها بإبراز فواتير الكهرباء والماء عن السنوات السابقة، إلى جانب البطاقات الشخصية، ومن لا تتوفر لديه الفواتير المذكورة، يمنع من المرور حسب بعض الشهادات، معتبرين ذلك إمعاناً في الإجراءات الانتقامية التي تتخذ بحقهم.
 
وقال "سعيد.ع"، 44 عاماً، من درعا البلد، إن النظام اشترط على الأهالي في مناطق المحافظة المحررة سابقاً، دفع الرسوم والفواتير المتراكمة عليهم، كشرط أساسي، لإعادة تزويدهم بالتيار الكهربائي، وذلك دون النظر إلى أوضاعهم الاقتصادية المزرية، وظروفهم المعيشية السيئة، مشيراً إلى أن غالبية الأهالي عاجزون عن تأمين قوت يومهم، "فما بالك بالنفقات الأخرى؟".

وكان "أدهم الأكراد"، القائد السابق في الجيش الحر، الذي ما زال يقيم في درعا البلد، قد علق في وقت سابق على مطالبات مؤسسات النظام قائلاً: "ما لم يستطع أخذه الهنوس (محافظ درعا محمد خالد الهنوس) بالقوة، لن يستطيع أخذه عن طريق الابتزاز بالخدمات".

وأضاف في منشور على صفحته في "فيسبوك"، منذ مدة، قائلاً: "دوائر فاسدة، ومؤسسات بيروقراطية لا تصلح للمرحلة، وأصبحت بالية".

وأضاف: "إن قيام مدير الكهرباء بتهديد الأحياء الثائرة في درعا البلد، بحرمانها من الكهرباء في حال لم تسدد الفواتير في أثناء سنوات الحرب، ما هو إلا أسلوب تشبيحي رخيص، ينم عن وقوف شخصية أمنية رخيصة خلفه، عوضاً على أن هذا التهديد جريمة حرب بحق مجتمع".
 
وتابع قائلاً: "فقط نقول لمن يقف خلف هذا الابتزاز، حاولوا تنفيذ تهديدكم وانتظروا حصاد أفعالكم".

يشار إلى أن قيمة فواتير الكهرباء المتراكمة على الأهالي خلال السنوات الثمانية الماضية، تبدأ من 25 ألف ليرة سورية، وتصل إلى 50 ألف ليرة سورية للاشتراك المنزلي، فيما تتجاوز مئات الألوف للاشتراك التجاري والصناعي.


ترك تعليق

التعليق