هل أصبح السجاد ترفاً في شتاء السوريين؟


لينسى السوري تلك الأيام التي كانت دافئة، وكان الشتاء فيها متعة وذكرى جميلة في ذاكرة أبنائه عن أيام ماطرة ومدفأة ملتهبة وبعض الكستناء، وسجادة من وبر طويل تستقبل الأقدام الصغيرة الباردة التي دخلت لتوها البيت قادمة من يوم دراسة طويل.

وصل السوري في زمن القهر والحرب إلى أن يحلم بشراء سجادة لبيته البارد، وصار لزاماً عليه إن أراد ذلك أن يقسطها لدى مؤسسات النظام إن كان موظفاً، ولمدة سنتين.

سجادة مع كفيل

حكومة النظام الرحيمة التي تعلم أن أسعار السجاد لم تعد تطاق ويعجز عنها المواطن -الذي يتقاضى راتباً ما بالك بالعاطل- قررت التدخل عبر مؤسساتها وأعلنت أن بإمكانه شراؤها من الشركة السورية للتجارة على سبيل المثال بسعر 10200 ليرة للمتر الواحد والدفع تقسيطاً بمعدل يصل لـ 11 ألف ليرة ولمدة سنتين وبسقف يصل لـ 200 ألف ليرة طبعاً مع الفوائد.

هذا ما نقلته صحيفة "صاحبة الجلالة" الموالية عن مدير فرع الشركة المذكورة باللاذقية الذي أضاف أن: "تقسيط السجاد يحتاج إلى كفيل واحد".. وهذا يعني أن شراء سجادة بالتقسيط يحتاج إلى مشترٍ موظفٍ يكفله موظف آخر.

السوق السوداء.. فوضى

الأسعار أصبحت أكثر سوءاً من السنة الفائتة، هذا ما يقوله أحمد راضي، مواطن دمشقي، في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "في السنة الماضية نفس هذه المؤسسات عرضت السجادة 6 أمتار بحوالي 90 ألف ليرة وبالتقسيط مع الفوائد، وهذه السنة تضاعف السعر مرتين وأكثر".

أما عن نوعية السجاد الموجود في الأسواق فيقول "مجيد . ز"، أحد تجار الجملة في الريف الغربي لدمشق، في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "السجاد الموجود حالياً هو المهرب وأيضاً الصناعي بألوانه الجميلة وجودته الرديئة وسعر المتر 8000 ليرة سورية، وهو ما قد يقدر عليه المواطن".

أما جريدة "الوطن" المملوكة لرامي مخلوف، فرصدت أسعار السجاد في السوق السوداء ووصفته بأنه يعيش حالة فوضى سعرية، وسعر المتر تجاوز 40 ألف ليرة، وأن سعر السجادة 9 أمتار وصل إلى 360 ألف ليرة أي عشرة اضعاف الراتب الشهري لموظف الحكومة العتيدة.

الموكيت والحصيرة

المواطن يبحث في البدائل التي قد تعينه على الأيام الباردة القادمة، وفي الحالة السورية هناك بديلان لا ثالث لهما أولهما الموكيت وثانيهما حصير البلاستيك الذي كان يُعتقد أنه فُقد من البيوت السورية، لكن الحرب وقلة الحيلة أعادته بقوة إلى المنافسة.

الزيادة لحقت أيضاً بسعر الموكيت هذا العام ووصل سعر المتر حسب الجودة من 4000- 6000 ليرة سورية، وأما حول الإقبال عليه، فاختصر "رامي . م" معاناة المواطن السوري بالمثل الشعبي: "شو اللي جبرك عل المر غير الأمر منه".

الأكثر مرارة هو الحصيرة التي كانت رمز الفقر الشديد لدى السوريين، ويصفون من ليس لديه مال بأنه (على الحصيرة) وهذه ليست برخيصة فسعر مترها 1500-2000 ليرة سورية.

وبحسب جريدة رامي مخلوف، فإن سعر متر السجادة ذات النوع الرديء هو 12 ألف ليرة، وهذا يعني أن السجادة متوسطة الحجم يبلغ سعرها 100 ألف ليرة سورية.

أحلام.. أقل

الغالبية من السوريين ممن وصلوا إلى حافة الفقر يحلمون بأقل من ذلك، وعائلات كثيرة باتت تتمنى سقفاً يؤويها وأغطية لأجساد أبنائها في الشتاء وقليلاً من الوقود الذي يوزع على الموالين ومن يملكون السلطة والمال.

ترك تعليق

التعليق