تأجيل التوقيع على أكبر اتفاق للتبادل التجاري الحر إلى 2020


قرر قادة بلدان رابطة جنوب شرق آسيا إرجاء الاتفاق على إقامة أكبر منطقة للتبادل الحر في العالم إلى عام 2020، كما ورد في مسودة البيان الختامي لقمتهم المنعقدة في بانكوك، فيما أكدت بكين على صعيد آخر "استعدادها للعمل" مع هذه الدول بشأن بحر الصين الجنوبي.

ويضم اتفاق "الشراكة الاقتصادية الإقليمية المتكاملة" 16 بلدا، من الهند إلى نيوزيلندا، وسيؤدي إلى قيام أوسع منطقة للتبادل الحر في العالم بأكثر من ثلاثين في المئة من سكان الأرض ونحو ثلاثين في المئة من إجمالي الناتج المحلي للعالم.

ويغيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قمة هذا العام، واختار مستشاره للأمن القومي، روبرت أوبراين، ليحل محله.

في العام الماضي، أرسل ترامب نائبه مايك بنس.

ينشغل الاثنان هذا العام بالدعاية الانتخابية في الوطن ويقول محللون إن غيابهما سيترك المجال للصين لتعزيز مكانتها ونفوذها في المنطقة.

وبدّدت اعتراضات الهند آمال الانتهاء من الاتفاق في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي عقدت في بانكوك نهاية هذا الأسبوع حيث انضم إلى أعضاء التكتل العشر رئيسا وزراء الهند والصين.

وجاء في مسودة اتفاق حصلت عليها وكالة فرانس برس، "اكتملت معظم مفاوضات الوصول إلى الأسواق وسيتم حل القضايا الثنائية العالقة القليلة بحلول شباط/فبراير 2020".

وتعثرت المفاوضات لعدة سنوات، لكن المسودة ذكرت أنّ جميع الفصول العشرين باتت مكتملة الآن "في انتظار قرار عضو واحد" يعتقد أنه الهند.

وأشار إلى أنّ جميع الأعضاء "ملتزمون بالتوقيع على الاتفاق" العام المقبل في فيتنام التي ستتولى رئاسة آسيان.

وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في مقابلة مع صحيفة "بانكوك بوست" إنّ نيودلهي تشعر بالقلق من أن شركاتها الصغيرة ستتضرر بشدة من طوفان البضائع الصينية الرخيصة ما سيخلق "عجزًا تجاريًا لا يمكن تحمله".

ويمثل الاتفاق الذي يضم كتلة آسيان بدولها ال10، إلى جانب الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، نحو 40 بالمئة من التجارة العالمية.

ويعدّ التوقيع عليه أمرا بالغ الأهمية بالنسبة الى بكين، وهي تحظى بدعم قادة آسيان الذين يمثلون سوقا قوية تضم 650 مليون نسمة.

وبات الاتفاق أكثر إلحاحا بسبب حاجة الاقتصاد الصيني إلى روح جديدة في ظل النزاع التجاري المحتدم مع واشنطن.

وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضتها الولايات المتحدة والصين على السلع بقيمة مليارات الدولارات يمكن أن تسحب النمو إلى أدنى معدل له منذ أكثر من عقد.

والسبت، أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصحافيين أنّه يأمل توقيع اتفاق مع الرئيس الصيني شي جينبينغ من أجل التراجع عن فرض بعض الرسوم، مشيرا إلى أن توقيع الاتفاق قد يتم في ولاية أيوا الأميركية.

- بحر الصين الجنوبي-

وقال رئيس الوزراء الصيني لي كي تشيانغ الأحد إنّ بلاده تبقى "ملتزمة التزاما راسخا بدعم مركزية آسيان" كجزء من روابطها الإقليمية.

وعلى هامش قمة الرابطة، أكّدت بكين الأحد أنّها "مستعدة للعمل" مع دول جنوب شرق آسيا بشأن مدونة سلوك في بحر الصين الجنوبي، حيث يتهمها جيرانها بالاستقواء وببناء منشآت عسكرية.

وتطالب بكين بالسيادة على الجزء الأكبر من بحر الصين الجنوبي الغني بالموارد الطبيعية، فيما تؤكد دول أخرى مثل تايوان والفلبين وبروناي وماليزيا وفيتنام حقها في السيادة على بعض أجزائه.

ويسبب هذا الخلاف توترا كبيرا بين دول جنوب شرق آسيا.

وانخرطت دول آسيان في محادثات للتوصل لمدونة سلوك للبحر الذي تتهم الصين بنشر سفن حربية فيه وتسليح نقاط تمركز.

وسيحدد الاتفاق، المقرر الانتهاء منه في العام 2021، مبادئ توجيهية لهذه المدونة إلى جانب معايير لحل النزاع.

وقال رئيس الوزراء الصيني الأحد إن القراءة الأولى للوثيقة، وهي فرصة لجميع الأعضاء للتعليق على مسودة بنود الاتفاق، "إشارة مهمة للغاية".

وأكد "نحن على استعداد للعمل مع دول آسيان بناء على الأسس القائمة للسعي لتحقيق تقدم جديد" استنادا إلى المبادئ التوجيهية.

وأضاف أن الصين تريد "الحفاظ على السلام ودعمه، والاستقرار طويل الأجل في بحر الصين الجنوبي".

بدوره، صرّح المتحدث باسم الرئاسة الفلبينية سلفادور بانو للصحافيين في بانكوك على هامش مؤتمر آسيان بأن الصين "تدرك حقيقة أنه اذا لم توافق على مدونة السلوك فستكون هناك اضطرابات في المنطقة".

لكن المحادثات مثيرة للجدل، ويشك كثيرون في أن الصين مستعدة للتوقيع على مدونة سلوك تلزمها قانونا بوقف الأعمال الاستفزازية في الممر المائي المزدحم والهام للتجارة العالمية.

وتوتر الوضع في الأسابيع الأخيرة بين الصين وفيتنام، إحدى أكثر منتقدي بكين في محيط بحر الصين الجنوبي.

وجاءت انتقادات هانوي للصين بعدما أرسلت الأخيرة سفينة مسح إلى مياه داخل المنطقة الاقتصادية الحصرية لفيتنام وحول جزر تطالب بها كل من هانوي وبكين. وغادرت السفينة بعد عدة أسابيع في المنطقة.

وتتداخل مطالب الفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي مع الصين في بحر الصين الجنوبي.

قال دبلوماسيان من جنوب شرق آسيا لأسوشيتد برس إنه في اجتماع متوتر عقد في فيتنام مؤخرا، تساءل دبلوماسيون فيتناميون عن كيفية مضي المفاوضات قدما بينما تتجول أساطيل قوارب الصيد الصينية - التي تدعمها خفر السواحل الصينية والبحرية الصينية - في المياه التي تتمتع بها فيتنام والفلبين وماليزيا بحقوق حصرية بموجب القانون الدولي لاستغلال موارد الطاقة.

رد مسؤولون صينيون بأن أعضاء آسيان يجب ألا يسمحوا لدولة واحدة باختطاف عملية "قواعد سلوك الأطراف في بحر".

تحدث الدبلوماسيان شريطة عدم الكشف عن هويتهما لأنهما غير مخولين بتناول القضية علنا.

"مضايقات الصين المستمرة للأنشطة الماليزية والفلبينية والفيتنامية على مدار العام الماضي تظهر أنها غير مستعدة بعد للتسوية بأي طريقة جوهرية. لذلك يبدو أن هذه المحادثات دائما تتجه نحو المتاعب"، وفقا لما قاله غريغ بولينغ، الخبير في قضايا بحر الصين الجنوبي بمبادرة الشفافية البحرية لآسيا التابعة لمركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية.

وتضم رابطة آسيان دول بروناى، وكمبوديا، واندونيسيا، ولاوس، وميانمار، وماليزيا، والفلبين، وسنغافورة، وتايلاند، وفيتنام.

تشكل هذه الدول مجتمعة سوقا إقليمية سريع النمو يضم حوالي 650 مليون شخص.

تهدف الشراكة المقترحة إلى إزالة الحواجز التجارية، ووضع معايير للتجارة بين رابطة آسيان وست دول أخرى هي: الصين واليابان والهند وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية.

ترك تعليق

التعليق