ظاهرة الخطف بين درعا والسويداء.. هل تعود للانتعاش مجدداً؟


لم يعد "محمد . ص" يرغب بالذهاب إلى محافظة السويداء، لنقل الخضار إلى أسواقها، وهو الذي طالما اعتاد على ممارسة هذا العمل طيلة الأشهر الماضية.

ويقول الأربعيني "محمد"، وهو من ريف درعا الشرقي، إنه لم يعد يشعر بالأمن، بعد استئناف عصابات الخطف والابتزاز عملها في المناطق الواقعة بين محافظتي درعا والسويداء، موضحاً أنه منذ أن عادت أعمال الخطف إلى النشاط مؤخراً، اضطر إلى توقيف نشاطه التجاري خوفاً على حياته.
 
وتشير مصادر من محافظة درعا، إلى أن أعمال الخطف طلباً للفدية المالية، التي كانت قد شهدت زخماً كبيراً خلال السنوات الماضية، وشكلت ظاهرة مخيفة في حينها، عادت لتستهدف أبناء محافظة درعا من جديد، وذلك بعد غيابٍ عن المشهد الأمني، استمر عدة أشهر.

وأضافت المصادر، التي فضلت إخفاء هويتها لدواع أمنية، أن عصابة مجهولة اتصلت بذوي الشاب "ع. م. م"، وهو من إحدى بلدات ريف درعا الشرقي، وأخبرتهم بأن ابنهم مخطوف، مطالبة أهله بفدية مقدارها 50 ألف دولار مقابل إطلاق سراحه.

وأشارت المصادر، إلى أن عملية اختطاف الشاب، تمت في إحدى قرى ريف السويداء الغربي، لافتة إلى أن عدة حوادث مشابهة، سجلت خلال شهر تشرين أول الماضي في محافظة السويداء، طالت عدة أشخاص من محافظة درعا، والمحافظات الأخرى، طالب الخاطفون خلالها بمبالغ مالية كبيرة لقاء إطلاق سراح المخطوفين.

ولفتت المصادر إلى أن شخصين آخرين من أبناء ريف درعا الشرقي، كانا يستقلان دراجة نارية، لاحقتهما عصابة مسلحة -تستقل سيارة سياحية- على أحد الطرق الزراعية، في أثناء عودتهما من محافظة السويداء، لكنهما تمكنا من الإفلات منها، بعد وصولهما إلى أماكن مأهولة، فيما أشارت تلك المصادر، إلى أن أحد أبناء المنطقة الشرقية، ما زال محتجزاً بحوزة إحدى العصابات منذ عدة أيام، ولم يُعرف مصيره حتى اللحظة.

وأكدت المصادر ذاتها أنه لم تُسجل حتى اللحظة، عمليات خطف مشابهة لأي أحد من أبناء محافظة السويداء في محافظة درعا، وذلك في إطار المعاملة بالمثل، التي كانت تحدث في السنوات السابقة رداً على أية عملية خطف تحدث.

حيث أوضحت المصادر أن أي عملية خطف تنفذ كان يتم الرد عليها بعملية خطف مضاد، يقوم بها أهالي المخطوف، وتستهدف أي شخص من المحافظة الأخرى تطاله الأيادي، وهو إجراء كان يتم بهدف الضغط من أجل تبادل إطلاق سراح المخطوفين.

ولفتت تلك المصادر إلى أن هذه الممارسات، كادت أن تصعّد الخلافات بين بعض أهالي المحافظتين، وتوصلها إلى شفير الهاوية، لولا تدخل العقلاء من الجانبين في الوقت المناسب.
 
ويخشي أهالي المحافظتين، أن تعود عصابات الخطف والسلب والنهب، إلى ممارسة أنشطتها من جديد، وذلك بعد توقف استمر عدة أشهر، شهد خلالها أهالي محافظتي درعا والسويداء، أريحية كبيرة في التنقل، والتبادل التجاري، لا سّيما فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية.

ويشكو أبناء درعا، من تعرضهم إلى مضايقات، وعمليات ابتزاز خلال تنقلاتهم لممارسة شؤونهم اليومية بين المحافظتين على أيدي عصابات مسلحة تنشط على تخوم الحدود الإدارية للمحافظتين الجارتين.
 
وكانت تلك العصابات، التي تحميها وتتستر على أنشطتها، الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، قد مارست على مدار السنوات السابقة، عمليات ترويع وإرهاب لأهالي درعا والسويداء، متخذة من عمليات الخطف والابتزاز، وسيلة إثراء فاحش، تمكنت من خلالها، من جمع أموال طائلة.

"أبو فهد"، 58 عاماً، وهو أحد المتابعين لخروقات هذه العصابات، أشار بهذا الصدد إلى أن هذه العصابات كانت تنشط في المحافظتين، وتتخذ من عمليات النهب، والخطف، والسطو، مورد رزق لها تتقاسمه مع أزلام النظام وشبيحته.

وأوضح أن نشاط هذه العصابات، لم يتوقف على اختطاف الأشخاص فحسب، إنما شمل أيضاً سرقة السيارات والمركبات المختلفة بأنواعها، وفرض الاتاوات، والتجارة بالمواد المسروقة، دون حسيب أو رقيب.

وبيّن أن الجهات المعنية التابعة للنظام في المحافظتين، كانت دائماً تكتفي بتلقي الشكاوى، دون أن تكلف نفسها عناء البحث عن الفاعل، أو ملاحقته، رغم أن محافظة السويداء تقع برمتها تحت سلطة نظام الأسد، وأجهزته الأمنية.

من جهته، أشار موقع "السويداء 24" الإخباري إلى أن العصابات المسلحة في السويداء، لا تستثني أحداً من استهدافها، لافتاً إلى أن تلك العصابات تستهدف حتى أبناء محافظة السويداء أنفسهم، من أجل الحصول على الفديات المالية.
 
ولفت الموقع إلى أن عصابة مسلحة، اختطفت يوم الجمعة الماضي في 1 من شهر تشرين الثاني أحد أهالي بلدة "شقا" شمال شرق السويداء، وذلك بعد أن اعترضته على أحد الطرق، وافتعلت حادث سير معه، مشيراً إلى تسجيل عدة حالات مشابهة، بحق أبناء السويداء خلال الفترة الماضية من العام الحالي.

يشار إلى أن عمليات الاختطاف والابتزاز، التي مارستها تلك العصابات، كانت قد كلفت أهالي محافظتي درعا والسويداء، مبالغ طائلة في السنوات الماضية، ودفعتهم الحاجة لتأمين السيولة المالية، من أجل دفع "الفدى" المطلوبة إلى بيع مصادر أرزاقهم بأبخس الأثمان، بهدف الحصول على الأموال لإطلاق سراح ذويهم المختطفين.

ترك تعليق

التعليق