أغلاها بـ 8 مليون ليرة.. تفاصيل عن حرفة صيد الصقور المهاجرة في القلمون


بدأ صيد الصقور في منطقة القلمون الشرقي في ستينيات القرن العشرين على أيدي صيادين من مدينة الرحيبة. وعُدّ الصيد في ذلك الحين هواية للبعض، والبعض الآخر اتخذه مصدراً للرزق، حيث كانت المدينة تقوم بتزويد الصقارين العرب بجزءٍ مما يحتاجونه من الصقور اللازمة لممارسة رياضتهم المفضلة في الصيد بالصقور.

وحول هذا الموضوع قال الحاج "أبو مرعي" وهو صيادٌ مخضرم في صيد الصقور من أبناء مدينة الرحيبة، في تصريح خاص لـ"اقتصاد"، إنّ صيد الصقور في مدينة الرحيبة من الحرف المتوارثة عن الأجداد. مضيفاً أنه حتى أواخر القرن الماضي وقبل الطفرة الاقتصادية التي شهدتها دول الخليج، لم يكن هناك اهتمام بصيد الصقور من أجل المال، إلاّ بعد ارتفاع أسعارها وزيادة الطلب عليها بقدوم الأمراء من دول الخليج لشرائها وتدريبها للصيد.

وأضاف: "يتفرغ قسمٌ لا بأس به من أبناء الرحيبة (مخضرمين، هواة) لممارسة حرفة صيد الصقور في الفترة الممتدة بين شهر أيلول/ سبتمبر، وشهر تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، وهي الفترة التي يهاجر فيها هذا الطائر بين قارتي أوروبا وإفريقيا تبعاً لتقلبات المناخ صيفاً وشتاءً".

ويقوم العديد من أبناء مدينة الرحيبة والمدن المجاورة-كما يقول الحاج أبو مرعي-بالتحضير لموسم صيد الصقور قبل أشهر من الموعد المحدد لها، إذ يبدؤون بتجهيز معداتهم ومؤنهم إضافةً إلى خيمهم المتواضعة استعداداً للموسم الذي يتم تحديد موعد انطلاقه عبر تغييرات موسمية مناخية يعرفونها بالفطرة.

وأردف قائلاً: "منهم من يمارس حرفته في محيط المنطقة ومنهم من يغادر نحو منطقة (الحماد) في البادية السورية التي تشكل ممراً مثالياً لطيور الصقر المهاجرة أثناء رحلتها من أوروبا إلى إفريقيا".


الحماد: وجهة مفضلة للصيادين

تكتسب منطقة "الحماد" ميزة باحتوائها على أنواع نادرة من الطيور الجارحة، وهناك العشرات من صيادي الصقور الذين يتهافتون إليها من منطقة القلمون وريف حمص وغيرها من المناطق للبدء برحلة صيد قد تكون محفوفة بالمخاطر لأنهم سيكونون في مواجهة كل الظروف الطبيعية.

ووفقاً لما أشار إليه "أحمد الكشك" وهو صيادٌ آخر من الرحيبة، فإنّ منطقة الحماد تشتهر بعدّة أنواع من الصقور، وهي مطلوبة بقوة في السوق الخليجي ومن أبرزها (الشاهين، الوكري، الجير، الكوسيه)، بالإضافة إلى "الصقر"، وهو الذي يفضله الصيادون لأنه يدر عليهم أرباحاً طائلة وأفضل أنواعه هو (الجلناس الأبيض، الحجازي، القطامي، الجرودي).

وأوضح كذلك أنّ صيد طائر الصقر -أو كما يسميه أهالي الرحيبة محلياً بـ الطير الحر- هي من أكثر الأعمال التي تتطلب صبراً وجهداً، على الرغم من أنّ رحلة صيده قد تستمر لعدّة أسابيع، إلاّ أنّ أبناء مدينة الرحيبة يجدون في ذلك رحلة استجمام طبيعية بعيداً عن صخب المدينة ومشاكلها، ناهيك عن متعة الصيد التي لا تساويها أيّة متعة ولا يعرف نشوتها إلاّ من جربها.


ميزانية وشراكة

ويحتاج صياد الصقور-وفق تاجر الصقور أبو راكان- إلى ميزانية تتراوح بين 400 إلى 500 ألف ليرة سورية لتأمين نفقات ومستلزمات رحلة الصيد من (ماء، طعام، شباك، غراب)، لفترة لا تقل عن الشهرين، كما بإمكانه عقد اتفاق مشاركة مع أحد أصدقائه أو أقربائه استناداً لعرف سائد خاص بهذه الحرفة يقوم على دفع الشريك لمبلغ مالي يقدّر بحوالي 200 ألف ليرة سورية، لقاء الحصول على نسبة مقدارها "الربع" من قيمة الطائر في حال تمكن الصياد من صيده وبيعه.


ماذا عن الأسعار؟

وعن أسعار الطيور أشار التاجر "أبو راكان" في حديث مع "اقتصاد"، إلى أنّ بداية الموسم الحالي مبشرة مقارنة بالموسم الفائت، فقد بلغ عدد الطيور الجارحة التي تمّ صيدها في منطقة القلمون الشرقي نحو 6 طيور تنوعت بين (الشاهين، التِبِع، الكواسي)، وأغلاها كانت "كوسيه" جرى اصطيادها من قبل أحد أبناء مدينة جيرود وبيعت بمبلغ 5 ملايين ونصف المليون ليرة سورية.

بحسب التاجر "أبو راكان" فإنّ أغلى صقر بِيعَ خلال هذا العام بلغ 8 مليون ليرة سورية، وهو من صيد الحماد السوري، وبيع إلى دول الخليج، بمشاركة مجموعة تجار من مدينة الرحيبة الذين تمرسوا كثيراً في هذه الحرفة وباتوا يقصدون مناطق خارج سوريا من أجل الحصول على الصقور والمتاجرة بها في أسواق الخليج.



ترك تعليق

التعليق