تجارة جلود الذبائح.. تستأنف نشاطها في درعا


منذ الصباح الباكر، يجوب الخمسيني "أبو علي"، القرى والبلدات المجاورة، باحثاً لدى "اللحامين" عن جلود ذبائح الأغنام والأبقار لشرائها ونقلها إلى معامل الدباغة في ريف دمشق.
 
ويتنقل "أبو علي" أو "الجلاد" كما يحلو للبعض تسميته، مستخدماً سيارة زراعية، بمقطورة طويلة، مكشوفة، يضع فيها ما يشتريه من جلود الأغنام والأبقار، خلال جولاته اليومية، بين القرى والبلدات، التي قسّم زيارتها على أيام الأسبوع، يسافر إليها بلا كلل أو ملل، مخصصاً اليوم لهذه القرى، وغداً لتلك، وبعده لغيرها.
 
كيف لا، وقد عادت له من جديد، مهنته التي ورثها أباً عن جد، والتي يدين لها بما وصل إليه من راحة مادية، ورزق بناه عبر السنوات الماضية، بعرق جبينه، متحملاً كل الظروف، والصعوبات التي اعترضت عمله، لا سّيما الأمنية والاقتصادية منها.

ويشير "أبو علي" إلى أن مهنة "الجلاد" (تاجر الجلود) هي من المهن القليلة في المحافظة، وهي مهنة مربحة، ومتعبة، وتحتاج إلى تنقل مستمر، إضافة إلى أن الجلود التي يتم شراءها تحتاج إلى عناية خاصة، في "التمليح" و"التنشيف" و"التخزين" المؤقت، ريثما تتجمع، ليتم نقلها دفعة واحدة إلى الدباغات في ريف دمشق.

وأضاف أن هذه التجارة، شهدت تراجعاً كبيراً في محافظة درعا خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب صعوبة التنقل بين القرى والبلدات، نتيجة الأوضاع الأمنية السائدة، وتوقف الكثير من معامل الدباغة في ريف دمشق عن استقبال الجلود، بعدما تحولت أماكن الدباغات إلى مسرح للعمليات العسكرية، وتخلي الكثير من أصحاب الدباغات عنها.

ولفت إلى أنه توقف عن ممارسة مهنته هذه طيلة سنوات الحرب، لكنه عاد إليها منذ بداية العام الحالي، موضحاً أن الأمور تسير نحو الأفضل، رغم الصعوبات التي ما زال يعاني منها في التنقل، إلى جانب انخفاض أسعار الجلود.
 
ويشير "عباس. س"، 44 عاماً، وهو لحّام من الريف الغربي، إلى أن جلود الذبائح، كان يتم التخلص منها كأية فضلات خلال الحرب، وذلك لعدم وجود أسواق لها، لا في المحافظة، ولا في أي مكان آخر، موضحاً انه لو تم جمع أثمان هذه الجلود، التي تم التخلص منها على مدار السنوات الماضية، لبلغت ملايين الليرات السورية.

ولفت إلى أنه على الرغم من وجود أسواق للجلود، اليوم، إلا أن أسعارها مازالت رخيصة جداً، مشيراً إلى أن سعر جلد الخروف، يتراوح حسب حجمه ما بين 750 ليرة و1000 ليرة سورية، فيما يُباع جلد العجل بالكيلو ويبلغ سعر الكيلو ما بين 250 و300 ليرة سورية، ويزيد وينقص إذا كان الجلد مشطوباً، أو سليماً من أي ضربات سكين.

وأضاف أن تجار الجلود، يشترطون أن تكون "الأمعاء الرفيعة" للذبيحة مرافقة للجلد، وإلا سينخفض سعرها، موضحاً أن للأمعاء الرفيعة للحيوانات استعمالات صناعية أخرى، وقد تكون طبية، لكن ما زال الكثير من اللحامين يجهلها، وتجار الجلود لا يفصحون عنها.

وأشار إلى أن "الجلاد" (تاجر الجلود) يحضر كل ثلاثة أيام أو أسبوع  مرة، يجمع كل ما لدى اللحامين في البلدة من جلود ويذهب، مبيناً أن مبيعات كل لحام من الجلود تتراوح ما بين 5 و7 آلاف ليرة سورية، في كل مرة يأتي فيها الجلاد، وذلك حسب عدد الذبائح التي أنفقها أو الجلود التي جمعها.

ولفت عبد الله، 35 عاماً، وهو لحّام آخر من ريف درعا الأوسط، إلى أن أثمان الجلود، التي كانت تُهدر سابقاً، بدأت تدخل ضمن أرباح الذبائح حالياً، مشيراً إلى أنها أسهمت إلى حد ما في تحسين أرباح اللحامين، رغم تراجع المبيعات، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم.

وأوضح أنه بثمن الجلود التي فرزها عن "غلته"، استطاع أن يشتري تقسيطاً منظومة طاقة شمسية لمحله، بنحو 150 ألف ليرة سورية.

وأكد أنه خلال شهرين على الأكثر، سينتهي من دفع باقي أقساطها، التي دفع منها حتى الآن ثمانية أقساط، موضحاً أنه سيسعى في الفترة القادمة إلى تحسين ملحمته، بثمن الجلود أو استثمارها في مطارح أخرى.

يشار إلى أن جلود الحيوانات يتم تنظيفها ومعالجتها في أماكن خاصة تسمى الدباغات، ومن ثم يتم بيعها لمعامل الألبسة والأحذية، بمبالغ كبيرة، والجلود المعالجة تدخل في صناعة الملابس الجلدية، والأحزمة، والحقائب والأحذية والأثاث، وغيرها من الصناعات التحويلية، التي تُباع منتوجاتها بأسعار مرتفعة جداً.


ترك تعليق

التعليق