"ديزني لاند" في إدلب.. أوقات من الرفاهية في ظل الأحداث القاسية


يبذل "محمد" الكثير من الجهد لإقناع طفلته الصغيرة بمغادرة قسم الألعاب في صالة مطعم "ديزني لاند" الجديد في مدينة إدلب، والذي يعتبر واحداً من أفضل مطاعم المدينة، وفق ما يتحدث عنه زواره.

وافتُتح "ديزني لاند" مؤخراً، على أطراف الحديقة العامة "المشتل" بالقرب من حي الضبيط بمدينة إدلب.

أناقة المكان والاهتمام بتفاصيله لم تعد توحي بمظهره القديم بعد تعرضه لقصف طيران النظام، فقد تحول خلال مدة قصيرة من ركامٍ إلى مطعم يتميّز بالديكورات الحديثة ويضم في رواقه الكبير طاولات فخمة، كما يحوي على صالة ألعاب كهربائية حديثة مزودة بتقنية VR وهي "الألعاب الافتراضية"، وهي متوفرة للمرة الأولى ضمن مدينة إدلب.


وبينما كان يجلس خلف مكتبه الفخم وبثقة واضحة، يقول "يوسف السيد" وهو مدير المطعم، في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد"، إنه "رغم سخونة الأحداث في مدينة إدلب قررنا المجازفة بافتتاح مطعم وصالة ألعاب افتراضية كلفتنا عشرات آلاف الدولارات".

في إدلب المحررة حيث لا تزال رحى الموت تدور، يحاول مستثمرون يمتلكون جرأة كبيرة خوض رهان الاستثمار ضمن المحافظة المعرضة لغارات جوية واندلاع معارك في كل لحظة.

وخلال الفترة الأخيرة نشطت حركة تجارية واستثمارية ملحوظة ضمن محافظة إدلب، ولكن بقيت المشاريع الكبيرة باهظة التكلفة محصورة ضمن المناطق الحدودية القريبة من الجارة تركيا، لأنها تُعتبر أكثر أمناً لبعدها عن خط النار والقصف الجوي.

وكان لـ "يوسف السيد" وشركائه رأي مختلف، حيث أوضح بأن غيرته على مدينته ورغبته في إيجاد متنفس لأهالي إدلب يخرجهم من حالة الخوف والرعب التي تطاردهم، كان الدافع الأكبر لإطلاق المشروع الجديد.

ويقول "يوسف السيد" إن "الفكرة الجديدة التي تم اعتمادها في (ديزني لاند) هي محاولة لمحاكاة مدن ألعاب (ديزني) المنتشرة في أرجاء العالم وتطبيقها بشكل مصغر".

وعقّب: "عملت على استيراد بعض الأجهزة الحديثة كألعاب VR لهذا الغرض".


بدت الألعاب في صالة "ديزني لاند" ملفتة ومثيرة، والجو العام هادئ ومريح، كما يوفر المطعم لزبائنه مختلف أنواع الأطعمة والمشروبات والحلويات التي يتم تجهيزها بطرق عصرية ونكهات متميزة.

بالعودة للزائر "محمد" فقد كان أمسك بيد ابنته، وكان يهم بالخروج بعد أن أبدى إعجابه بالساعات التي قضاها في المطعم ووصفها بـ" الرحلة الموفقة"، لأن "الطعام كان جيداً والألعاب مميزة والأسعار مقبولة لحد ما، مقارنة بمناطق أخرى"، كما أخبرنا.

وأردف وهو يبتسم: "يمكن لعبت بالألعاب أكتر من بنتي".


تتنوع الألعاب التي توفرها الصالة، وتستهدف فئات عمرية مختلفة. وتختلف تعرفة ركوبها، وهي عبارة عن ليرات معدنية مخصصة. وتحتاج كل لعبة لعدد محدد من الليرات يتم شراؤها من مكان مخصص ضمن الصالة. ويصل سعر كل ليرة معدنية لـ ٢٠٠ ليرة سورية.

"أبو حمزة"، وهو زبون آخر كان بالمطعم أبدى انطباعاً جيداً؛ ولكنه قرر عدم العودة مرة أخرى إلا بعد مدة طويلة، وعبّر بالقول: "كلو تمام بس الأسعار نار.. أجرة ألعاب لولادي كلفتني ٤٠٠٠ ليرة".

وتابع موضحاً لـ "اقتصاد": "جودة الطعام والخدمة كانت ممتازة.. تصوّر خصموا لي من قيمة الفاتورة بعد أن اعترضت على نكهة أحد الأطباق".

"بس المشوار لهون بكلف.. لح ارجع بالمناسبات بس"، عقّب "أبو حمزة" وهو ينظر لمحفظته متحسراً.


"اليوسف" مدير المطعم، ردّ على انتقادات زبائنه التي استهدفت ارتفاع الأسعار، بالقول: "منذ انطلاق المطعم نحاول أن نركز على النوع لا الكم، وهو الأمر الذي يضطرنا لشراء المواد الغالية للحفاظ على جودة ما نقدم".

"وأما بالنسبة للألعاب فهي ذات تكلفة باهظة، وقد وصل ثمن بعضها لـ ١٣ ألف دولار أمريكي، كما أنها بحاجة لكهرباء بشكل دائم وهو ما نقوم بتوفيره عبر مولدات الديزل وكلها تكاليف يجب أن تُؤخذ بالحسبان"، يقول "اليوسف".

كما يضم المطعم صالة ألعاب تقليدية وهي مجانية، ويحتوي على طاولة مخصصة للفقراء والأيتام، وقسماً خاصاً للعائلات.

يشهد المكان الجديد إقبالاً ملحوظاً بعد مرور أيام على افتتاحه، من جانب زائرين جدد، وآخرين أحبوا إعادة التجربة، لصفاء المكان والأجواء المريحة التي يقدمها بعيداً عن صخب الأحداث الدامية التي تعيشها محافظة إدلب منذ اندلاع الثورة.

ترك تعليق

التعليق