الزيوت في أسواق دمشق.. هل عُقدت صفقة بين كبار المستوردين ونظام الأسد؟


يستمر ارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية في أسواق العاصمة دمشق بنسب تتراوح بين 10 و30% مقارنة بأسعار العام الماضي 2018، لا سيما الزيوت منها.

حيث رصد "اقتصاد" بلوغ سعر ليتر أدنى نوع من زيوت دوار الشمس 900 ليرة سورية مُرتفعاً بنحو 25% عن العام الماضي، ووصل سعر ليتر زيت الزيتون المُعلّب إلى 2300 ليرة سورية مُسجّلاً ارتفاعاً بنسبة 15% عمّا مضى، والسعر الأدنى لكيلو زيت الزيتون "الفرط" 2400 ليرة سورية علماً أنّه في مثل هذه الأيّام من كُل عام تحديداً خلال موسم قطاف وعصر الزيتون ينخفض سعر زيته بحوالي 50%.

إجمالاً، فإن كافّة الأسواق في الجغرافيا السورية مُصابة بجمودٍ حاد، والمبيعات في تراجع غير مسبوق مُقارنةً بالسنوات التسع الماضية، لكن أسباب ارتفاع أسعار الزيوت قد تختلف قليلاً عن غيرها من المواد الغذائية، كما أنّ أسعارها الحالية تُعدّ الأعلى منذ سنوات طويلة بحسب ما قال لـ "اقتصاد" أحد تجار سوق الهال بدمشق.

ويرى التاجر أنّ انخفاض قيمة الليرة السورية سبب في ارتفاع الأسعار، لكن تأثيره ليس بقدر تأثير تراجع وبطء أداء الدوائر الرسمية الخاضعة لنظام الأسد في منح اجازات الاستيراد التي تُؤخّر توريد المواد المطلوبة كونها تخضع لسعر الدولار عالمياً، وبالتالي يتحمّل المستوردون مبالغ أكبر قياساً بسعر صرف الليرة السورية المستمر بالهبوط المُخيف. كما أنّ أحد أهم عوامل فقدان الزيوت النباتية من الأسواق هي عمليات الغش التي تحدث كالتلاعب بمكوّنات زيت الزيتون عبر إضافة الزيوت النباتية إليه خصوصاً في موسم القطاف والعصر مع غياب أطر المكافحة وجدّيتها، بالتالي يخسر السوق كميّات كبيرة من الزيوت النباتية لا سيما زيت دوار الشمس الأكثر رغبةً لدى المستهلك السوري.

وأردف المصدر أنّ أكثر تجّار السوق لا سيما أصحاب المستودعات الكبيرة يتلقّون مُؤشّراً بقرب فقدان المادة فيستثمرون ذلك عبر احتكار بضائعهم وإعادة ضخّها في السوق بشكل تدريجي ليرتفع سعرها يوماً تلو الآخر.

"دائرة تموين" محافظة دمشق أعلنت تنظيمها خلال الشهور العشرة الأخيرة 7940 ضبطاً مُخالفاً واضعةً يدها على مستودعات زيوت ضخمة تشمل كافّة الأنواع باختلاف الجودة.

تعقيباً على ذلك قال أحد تجّار الجملة في سوق البزورية بدمشق القديمة، في تصريح لـ "اقتصاد"، إنّ ضبوط "مديرية التموين" لا تتعدى فرض عقوبات مالية على التجار حتّى ولو كانوا غير مُخالفين، أمّا تخفيض اختناق الأسواق وتخفيف أعباء المُستهلكين فهذا خارج قاموس كافّة دوائر نظام الأسد، مُؤكّداً أنّ أكثر الضبوط المُسجّلة لم تشمل مصادرة الزيوت.

وأضاف التاجر أنّ مشهد الأسواق يُوحي بصفقة مُبرمة بين كبار المستوردين ونظام الأسد حتّى لا يتم بيع الزيوت المستوردة في صالات "المؤسسة السورية للتجارة" إحدى أهم منافذ المستهلكين بشكل مباشر، كما أنّ سوق الاستيراد يشهد منافسة كبيرة بين المستوردين، لكن هناك من يحصل على إجازته بسلاسة، والكثيرون يتم وضع العراقيل في طريقهم.

خلال أزمات فقدان المواد الأساسية في السنوات الماضية كانت دوائر نظام الأسد وبأساليب مُلتوية تدفع بعض التجّار لتأمين الزيوت بطرق غير شرعية عبر الحدود اللبنانية، لكن وفيما يبدو قد تفشل خطّته المُعتادة في هذه المرحلة نظراً للظروف الاقتصادية التي تعصف باقتصاد الجانب اللبناني.

يُذكر أنّ روسيا ورّدت إلى سوريا في أواخر العام الماضي 6 آلاف طن من مادّة زيت دوار الشمس الخام عبر شركة "سولنيشنيه برادوكته" الخاصّة، إلّا أنّ حاجة السوق أكثر من ذلك بكثير، لا سيما مع عودة سيطرة نظام الأسد على مساحات جغرافية أكبر مما كانت عليه قبل العام 2017 وفقاً للتفاهمات الدولية.

ترك تعليق

التعليق