نقاش بيزنطي حول الراتب الشهري.. وأسئلة محرّمة


تتفاقم معاناة السوريين مع تدهور سعر صرف الليرة الذي تجاوز700 ليرة منذ أيام مع توقعات بانهيارات ربما تكون أشد كارثية، وتترافق مع ارتفاعات وصلت لحدود 20% على أسعار السلع الأساسية، وهذا ما أجج من غضبهم وسخريتهم في التعاطي مع هذه المستجدات، وبالتالي بات المستور مفضوحاً، ووصل الصبر إلى آخره.

حسبة مقننة

إحدى صفحات التواصل نشرت تكلفة الحياة لمدة شهر في ظل راتب شهري لا يتجاوز 40 ألف ليرة سورية، وتم توزيعه على الحاجات الممكن شراءها بهكذا مبلغ لعائلة مؤلفة من خمسة أشخاص فجاءت النتيجة كالتالي: "بيض 4000 - حليب 4000- بطاطا 3000- عبوة زيت عباد الشمس 850 - 3كغ سكر 1000- 3كغ رز 1500 -خبز 2000 -برغل 1000 -سمنة ومعكرونة وشراب بندورة 1500- بندورة 1500 -خضرة مشكلةمع شاي 8000 -أجور نقل بس 5000 -3000 لودالين و دوا غسيل".

خارج حساب الراتب

صفحة "دليلك في ضاحية قدسيا"، انتقلت إلى ما لم يتم حسابه من ضرورات الحياة اليومية لأي مواطن بعد أن توزع الراتب كما سبق، فوصلت إلى أن الأساسيات التي لا يمكن تأمينها هي: "ما جبنا مازوت ...ولا دفعنا فاتورة ماء كهرباء هاتف- ممنوع نمرض ..ممنوع الفواكه ...ممنوعة اللحمة ..و الفروج ...ممنوعه للأولاد كل أنواع البسكويت وغيرها ...ماحسبنا زيت الزيتون لحالوا 7 ارطال 30000- ما اشترينا ملابس ولا احذية...ولا راح للحلاق ..وممنوع تبديل اسطوانة غاز 2800- اللوازم الدراسية-ممنوع للفقير الدروس الخصوصية -وممنوعة المتة والبذورات".

هذا كله إذا استثنى المواطن إيجار البيت على اعتبار الغرفة فقط تكلف 50 ألف ليرة شهرياً، فما بالك لو كان البيت غرفتين في منطقة شبه جيدة، لن يقل عن 100-150 ألف ليرة.

نقاش بيزنطي

في الحوار الذي دار بين المواطنين تبدو الحالة أصعب مما تم حسابها، وتعلّق ريما قصاب على هذه الحسبة: "خضره ب 8000 إذا عم ياكلو بقدونس ع الحل ما بيكفي ،حتى هي الأسعار مستحيله".. أما أمل فترى أن أسعار السوق ضعف الحساب المذكور: "بعدين الاسعار الي عم تحكي عنا مو موجوده صار دبل حقن بالسوق".

من جهتها، قالت سيدة تُدعى "أم إبراهيم"، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، بعد سؤالها عن كيفية توزيع مصروف الشهر لمن يعيشون في مناطق سيطرة النظام، "نحن على باب الله.. لا راتب شهري.. زوجي يعمل عامل بناء، وهذا يعني الحياة حسب ما ينتجه، وفي الغالب نحن (برات) الحياة".

أحد سكان ريف دمشق الغربي، أضاف: "يجب أن تتوقف الحسابات.. كل يوم سعر جديد وقائمة غلاء جديدة.. ربما لكي تعيش تحتاج إلى 500 ألف ليرة بالشهر".

لا أحد يهتم

بالعودة إلى النقاش السابق يجمع أغلب المعلقين أن شكواهم لرب العالمين، بينما خرج أحدهم عن المألوف وتساءل: "وسيادتو للرئيس وعائلتو الكريمه يعيشوا ويجخوا واحلا عيشي واحلا سيارات هن وولاد المسؤولين ع حساب هالشعب المعتر الي مقضيا طول اليوم شغل..".

ذهب أحدهم إلى الحديث عن واجبات السوري بعد أن فقد حقوقه: "مو ضروري المواطن السوري ياكل ويشرب بس الضروري دفع الضرائب المستحقة عليه وفواتير الهاتف والكهرباء والماء فالموت أرحم له".

أسئلة محرمة

معلقون تجرؤوا على المحرمات في النقاش السوري للمقيمين داخل البلاد، وأن هناك أسئلة يجب أن يتم الإجابة عليها: "اسالوا البطة بشار القط وين قعد يروح بثروات سوريا ابار النفط فقط في محافظه الحسكة 1950 بئر بعض الابار لا يمكن فتحها كاملة بسبب الضغط الذاتي.. الذهب.. حدث ولا حرج".

علّق آخر باسمه الصريح لكن دون الوصول إلى سقف الأسد متهماً على الحكومة: "الدوله هيك بدها ..يعني تلهينا بالأكل والشرب حتى ما نرفع راسنا. ..وابني صف تاسع لحدا هلا ماحطيتو بمعهد لاني مافي مصاري الله يفرجها ويحن علينا يارب".

الحلول

يرى البعض أن لا حل سيأتي من داخل النظام وحكومته، وفي هذا الصد قال (م.ع) لـ "اقتصاد": "نعتمد على حوالات أبنائنا وأقاربنا خارج البلاد لولا مساعدتهم لمتنا جوعاً".

بينما ذهب معلّق على الحساب السابق للراتب إلى السخرية القاتلة: "عادي لشو الكهربا وضروري رز خلص وخضرة وبيض... شوربة وخبز منيح والمشوار مو ضروري بسرفيس بي البسكليت وهيك بتصير رياضي وضروري جوال ونت لا مو ضروري حتا الهاتف الارضي مو ضروري مشان بس يسالو شو اخباركون دخليكون الكل بعرف الاخبار ومازوت مابدها عنا حرامت تلفزيون مابدنا كلو حكي قديم وغاز مو ضروري لأن بنطبخ عا الشمعه".

الأيام القليلة الماضية شهدت ارتفاعات غير مسبوقة على الأسعار، وتجاوزت حسابات السوريين المالية إلى حسابات المصير الذي يبدو أنه بات على شفا الانهيار.

ترك تعليق

التعليق